خاص-رئيس بلدية إيعات: خطة للمياه و..اللافندر على الطرق في 2020

إيعات بلدة زراعية من بلدات قضاء بعلبك. ترتفع عن سطح البحر ألفا وخمسين مترا وتبعد عن مدينة بعلبك حوالي خمسة كيلومترات. تمتاز بجمال طبيعتها وسهلها وموقعها الجغرافي الذي يحفظها بعيداً من التلوّث والضوضاء. ويتردد عليها محبو الصيد لممارسة هواية صيد البط والطيور المائية والبرية. ويزورها الرياضيون لممارسة هواياتهم والتمتع بطقسها الجميل وهوائها الجاف الغني بالأوكسيجين في آن.

ينتصب في وسط سهلها بشكلٍ مذهل عامود روماني ما زال الى اليوم يحيّر البحّاثة. ولكنه ليس الوحيد، فهي غنية أيضاً بآثارها المدفونة تحت المدينة الحالية كالسور وبقايا القصور الرومانية والبيزنطية والحمامات والفسيفساء والأقبية.

إسم البلدة آرامي ومعناه السهل الخصيب وسميت خلال العهد الروماني “حديقة الأباطرة” لجمال طبيعتها وأرضها الغنية بالزراعة والينابيع.

تتميز البلدة أيضا بتنوعها الطائفي والمذهبي وتنتشر فيها الكنائس والمساجد. يقول رئيس بلدية إيعات الحاج حسين شفيق عبد الساتر لbekaa.com: لا نرضى بكلمة “التعايش” عند التطرق للواقع الاجتماعي للمنطقة بل نصرّ على “العيش معا”. فإيعات بلدة مسالمة تحتضن الجميع منذ عهد الفينيقيين والإغريق والرومان والبيزنطيين ومن ثم الحرافشة والمماليك والحضارة العربية حتى اليوم.

وعن الواقع التنموي للبلدة، يعتبر عبد الساتر أنها قرية زراعية فقيرة نسبيا كمعظم المناطق الزراعية. والضرائب التي تجبيها البلدية من المواطنين ضئيلة لذلك تعتمد البلدية على مخصصات الصندوق البلدي المستقل التي تعتبر بدورها غير كافية وغير منتظمة أمام المتطلبات الكثيرة نتيجة الإهمال المزمن وعدد السكان الذي بات يتجاوز الإثنين والعشرين ألفا صيفا.

وعن تحرك المجلس البلدي لتلبية المتطلبات العاجلة يتابع: وضعنا، كمجلس بلدي، خطة السنوات الست بدءا بمياه الشفة والري. وحفرنا آبارا أرتوازية لري البلدة وما نزال بحاجة للمزيد منها. بعض المزارعين حفر بدوره آبارا جوفية لري أراضيهم وحفرت البلدية بئرا بعمق ستمئة وخمسين مترا حيث استطاعت إستخراج المياه. كما نجحنا في تطويق أزمة المياه عبر سياسة التقشف. فمنعنا استعمال مياه الشرب لري المزروعات مما مكننا من توفير كمية “معقولة” للإستهلاك المنزلي.   

وعن معمل تكرير المياه المبتذلة في القرية يشير عبد الساتر إلى وجوب تفعيل العمل فيه خاصةً أنه مصمم لتكرير المياه المنزلية ولكنه بات يستعمل لتكرير مياه المصانع المبتذلة والأمطار أيضا. وينوّه بالتنسيق مع وزارة الطاقة، التي وعدت بتنفيذ مشروع تنقية المياه بطريقة حديثة عبر دراسة تقدمت بها تتضمن الاستفادة من المياه المكررة بحدود خمسة إلى ثمانية آلاف متر مكعب في اليوم.

وسيعمل المشروع على ري المزروعات خصوصا في الأشهر الأربعة الأكثر جفافا سنويا، على أن يتم تحويل المياه في الأشهر الثمانية الباقية الى بحيرة إصطناعية نظيفة تنوي البلدية استحداثها على قطعة أرض بمساحة مئة ألف متر مربع من أصل أرض بمساحة ثلاثمئة وخمسين ألفا لري 7 الى 8 آلاف دنم أرض. ويمكن في الوقت نفسه أن تروى من المشروع أراض في إيعات الجنوبية وبتدعي ودير الأحمر. كما يمكن استغلال المشروع لتحويل البحيرة إلى نقطة سياحية للصيد (السمك والبط والوز) كونها ستصبح موطئا للطيور المائية.

ولاستثمار مجمل المساحة، تتطلع البلدية إلى إعادة إحياء مرج طبيعي على ضفاف البحيرة المزمع أنشاؤها ليعود من جديد منتزها لأهل المنطقة.

على خط مواز، قطعت البلدية شوطا كبيرا على طريق ترشيد الري وستبدأ في تموز المقبل مد “أنابيب الري بالتنقيط” بتسهيل ودعم من وزيري الطاقة السابق سيزار أبي خليل والحالية ندى البستاني ونواب ووزراء المنطقة.

ويؤكد عبد الساتر إنكباب البلدية على برامج التنمية المستدامة كي لا يبدأ المجلس البلدي المقبل العمل من الصفر مشيرا إلى إنجاز سبعين في المئة من أعمال إعادة ترميم البنى التحتية (صرف صحي-تعبيد طرق-شبكات الكهرباء-آبار أرتوازية).

على صعيد الزراعة إيعات مزروعة حاليا بالحبوب من قمح وشعير وعدس وتنشَط خلال الصيف زراعة البطاطا و”المقتي” والبطيخ. يقول رئيس البلدية: فكّرنا في زرع زهرة الخزامى (Lavender) على جوانب الطرقات في مرحلة أولى. وإذا أتت ثمارها نعممها على الأراضي الزراعية وقد تساعد المزارعين لمردودها الجيد. اخترنا هذه النبتة لأنها تعيش في مناخ متوسطي وتتحمل الجفاف والعطش. وسننظم دورات تدريبية عن كيفية زراعة الزهرة وقطفها وتحويلها إلى صابون وعطر وessence الذي يصل سعر ليتره الى حوالي الف دولار. ستدعم البلدية هذه العملية عبر توفير المعدات اللازمة لذلك، ومساعدة المزارعين على بيع انتاجهم على طرقات إيعات التي تعتبر معبراً سياحيا على طريق الأرز والممرات الرومانية. وبذلك نكون قد أمنَا شبكات الري وعمّمنا ثقافة زراعة الزهرة فننشر كخطوة ثانية أكشاكاً مزينة على طول الطريق لعرض منتجات اللافندر من صابون وعطر على أن تبدأ مرحلة الزرع في ربيع 2020.

وكخطط مستقبلية تعد البلدية مشروعا لتلوين البيوت في مختلف الأحياء. لكل حي لونُه الخاص مما يضفي مزيدا من الألوان على لوحة السهل الطبيعية ويلفت الأنظار.

وعلى صعيد مطار إيعات أعلن عبد الساتر عن موافقة وزارتي الداخلية والدفاع من حيث المبدأ على إعادة تأهيله كي يستخدم في حالات الطوارئ والكوارث إلى جانب استحداث منطقة حرة تجارية وصناعية بجانبه تسهم في تشغيل اليد العاملة خصوصا أن البقاع سيكون المدخل الأساسي لإعادة بناء سوريا. ما زال المشروع قيد الدرس في وزارة الأشغال العامة والنقل فهو بحاجة إلى استملاك الأراضي المجاورة.

ولم يفت رئيس البلدية الإشارة إلى ثقل النزوح السوري على المنطقة مع انتشار تسعة آلاف نازح في مخيمات إيعات مقابل 11000 لبناني مقيم شتاء. البنى التحتية أصبحت هزيلة من مياه وكهرباء وصرف صحي فيما تنفق البلدية على تنظيف النفايات حول المخيمات وقرب الطريق العام ولا تستفيد من منح النازحين. هذا فضلا عن مزاحمة اليد العاملة اللبنانية في مختلف القطاعات خصوصا العقارات والزراعة. الإفادة الوحيدة للنزوح بحسب عبد الساتر توفير فرص لشباب المنطقة المتعلّم للعمل مع المنظمات الدولية والجمعيات التي تعنى بالنازحين!

في الختام، “ايعات” بلدة لديها كل المقوّمات لتُدرج على الخارطة السياحية في المنطقة، الموقع والطقس والطبيعة والتاريخ والآثار وفيها منتجع عائلي راق Iaat Country Club لمن يريد تمضية أكثر من نهار أو ليلة مميزة في السهل. بالطبع ينقصها، كغيرها من بلدات السهل المهملة تاريخياً، الكثير، على أمل أن تصل مبادرات مجلسها البلدي بالتعاون مع الأهالي ومع إدارات الدولة الى خواتيم سعيدة وأن تُبصر الخطط والمشاريع الإنمائية والسياحية النور في آجالها.

معالم – عامود إيعات روماني؟

Bekaa.com-فكتوريا موسى

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *