ماروني لموقعنا: هناك من خان.. وزحلة بانتظار تحقيق الوعود الإنمائية

فكتوريا موسى – Bekaa.com

يلمسُ الزائر لحظة دخوله باحة المنزل العائلي للوزير والنائب السابق إيلي ماروني في زحلة حُباً للبساطة وعشقا للطبيعة وإيمانا قويا في كل زاوية.

خطوتان إلى الأمام وتستقبلك فسيفساء الشهيد نصري ماروني تحيط بها تماثيل القديسين، يقابلها جلسة لطيفة بأناقتها وسط الورود والنباتات.

لم يشأ الوزير الماروني المباشرة بالمقابلة قبل إتمام “واجبات الضيافة المقدسة” والمتنوّعة تنوّع “الصبحية الزحلية”. لتنطلق بعدها جلسة حوار شيّقة أرادها صريحة ووجدانية تعبّر عن شخصيته اللطيفة والعفوية متطرقا الى العمل السياسي والحزبي والانتخابات النيابية الأخيرة وعمله الثقافي والإجتماعي من خلال مؤسسة “مرحبا نصري” وشغفه بزحلة التي لم يفارقها طوال إثنتي عشرة سنة بين عمله النيابي والوزاري عندما كانت أبوابه وما زالت مفتوحة للجميع في سبيل الخدمة العامة.

صفحة ماروني في فايسبوك تشهد على ديناميته. وقد روى كيف خاب ظنه عندما اكتشف أن الوزير والنائب السابق “يتعب” أكثر من الحالي. فالاستقبالات والحركة في دفق، ومطالب الناس التي تتطلّب مراجعات في الدوائر الرسمية وغيرها في أوجها لإنصاف هؤلاء ضمن المُستطاع. كما أن لتلبية الدعوات وتعزيز العلاقات العامة والمشاركة في النشاطات أيضاً حصتها، عدا عن المسؤوليات المتشعّبة كعضو مكتب سياسي في حزب الكتائب.

تأريخ الكتائب في زحلة

في أوقات فراغه (القليلة)، ينكبّ ماروني على كتابة حلمه بتأريخ حزب الكتائب في زحلة منذ افتتح أول مكتب في المدينة عام 1937.

وفي هذا السياق، كشف أنه أنهى التحضير لطباعة كتابه الخاص “من السجن إلى الوزارة” الذي يروي مرحلة في حياته أرادها سيرة ذاتية وشهادة باعتبار انه عاش تجربة السجن لدى المخابرات السورية في عنجر أيام الاحتلال السوري للبنان، وسُجنَ وأوقفَ مرّات عدّة لدى المخابرات اللبنانية أيضاً خلال الفترة نفسها. ولكن إصراره على متابعة النضال مهما كلف الثمن أوصله الى البرلمان ومن ثم الى الوزارة ليتابع “التبشير” أينما حلّ بالقضية التي آمن بها.

هناك من خان وباع!

ردا على سؤال عن تقييمه نتائج الانتخابات النيابية 2018 والظروف التي رافقت حملته الانتخابية، أجاب ماروني: “أشعر بأن سنوات خدمتي العامة جيّرت إلى آخرين في انتخابات 2018! وبأني سُرقت، وقسمٌ من فريق عملي يتحمّلُ المسؤولية. “نعم، هناك مَن استهتر، ومَن سَكِرَ، ومَن خان، ومَن باع!  ولكن الله يسامح الجميع”، سائلا: أين كان الكثير من النواب الحاليين؟ وما هو تاريخهم النضالي؟

ولكن إنطلاقا من إيمانه بالله والحقيقة، رأى ماروني أنه “لا بدّ بعد الليل من أن يأتي النهار، وبعد الشتاء هناك صيف”، مؤكدا أنه راضٍ عن عمله، وبدأ يلمس تململ القواعد الشعبية التي بدأت تسأل نفسها عن صحة خياراتها في انتخابات 2018. فها هي سنة مرَّت والوعود بقيت وعودا. لا بنى تحتية ولا فرص عمل ولا تنمية حقيقية.

تشتت الأصوات حجّم الكتائب

لا تُختصَر “الكتائب” في زحلة، بحسب ماروني، بعدد الأصوات التفضيلية التي حصل عليها في انتخابات 2018. فالكثير منها لمناصرين ومؤيدين، ولم تصبّ كامل الأصوات الحزبية لصالحه. مشيرا الى تعثر الماكنة الحزبية والتشويش الذي ساد القاعدة آنذاك لأسباب ليس أقلّها تأخّر القيادة في الصيفي في تبنّي ترشيحه والبلبلة التي نتجت عن تبنيها، حتى وقت متأخر قبل الانتخابات، مرشحا من مذهب آخر. كما أن التردّد في الالتزام بلائحة “زحلة قضيتنا” ضعضع القاعدة والحلفاء على السواء. ودعا ماروني الى الأخذ بالاعتبار تعقيدات القانون الانتخابي الجديد، عدا عن أن الضغط الذي مارسه الحلفاء في اللائحة لتوفير دعم كامل لمرشحين دون سواهم لتأمين تصدّرهم، غامزا من قناة القوات اللبنانية، في وقت استفاد المرشح المنافس على المقعد الماروني في لائحة التيار الوطني الحر والمستقبل والطاشناق، من دعم مجمل مكوّنات لائحته، إلى عدد من المشاكل التقنية كعدد مندوبي المرشحين واللوائح وتوزّعهم على مختلف مكوّناتها من دون دراسة علمية وإنصاف.

وبالرغم من ذلك، اعتبر ماروني أن ما حققه على الصعيد الفردي في الانتخابات كان جيدا، فضلا عن ذلك، فهو فاز بمعركتين من أصل ثلاث. معركة تبني ترشحه من قبل حزب الكتائب، ومعركة الدخول في لائحة بالرغم من الحصار السياسي.

وعن الخيارات التي قد يعتمدها في الدورة المقبلة، جزم ماروني بأن الأساس في عمله السياسي بما فيه الانتخابي يبقى الاختيارات القائمة على القناعة الوطنية والخط السياسي الواضح الذي يحترم تاريخ وتضحيات الناس وليس التكتيكات المهزلة كالتي شهدناها لدى الآخرين. وقال: ” سأعيد النظر بأمور كثيرة وسنبحث مختلف المسائل مع الحلفاء بكل صراحة وواقعية ، وسأولي اهتماما أكبر بفريق العمل”.

ولا يخاف ماروني على الحزب بتاتا. فـ”الكتائب” في ضمير ووجدان كلّ زحليّ عنوانٌ للمقاومة والوطنية والنضال والتضحية.  

كافئوا السياسة النظيفة!

ذكّر ماروني بأنه سمّى القانون الانتخابي يوم أقرّه المجلس النيابي بـ”القانون المسخ”، ولم يصوّت عليه لا هو ولا كتلة الكتائب آنذاك. وجدّد ما قاله في اجتماع بكركي الذي حضره الأقطاب المسيحيون الأربعة قبيل إقرار القانون، أن أسوأ قانون نطبّقه ضمن إطار حماية حق المواطن واحترام الأنظمة أفضل من أهم قانون يُطبَّق في إطار منظومة الفساد، سائلا هل يعقل أن يفوز أحد نواب زحلة بسبعين صوتا، وآخر بأصوات أقلّ مما ناله خصمه الخاسر الذي ينافسه على المقعد نفسه!

لسلامة العملية الانتخابية عناوينُ عدة، برأي ماروني، أبرزها وعيُ المواطن لما يفعل. فلا تجوز مقاطعة الانتخابات، كما فعل كثيرون عام 2018. وكان الأجدى بالمقاطعين المشاركة والاقتراع بورقة بيضاء للتعبير عن رفضهم الخيارات الموجودة، أو انتخاب مَن يرون فيه الخلاص الوطني لأي جهة انتمى. فمقاطعة الانتخابات أسرع طريق لوصول مَن لا يمثّل حقيقةً الناس، والمدعومين من السلطة والأجهزة، وأصحاب الثروات.

وعن صعوبة تداول السلطة في ظل التعقيدات اللبنانية، سأل: “كيف يُعقل لمواطن يتذمّر ويبكي واقعه ألا يستفيد من الفرصة التي تتيحها الديمقراطية كل أربع سنوات فيحاسب ممثليه في الإنتخابات المقبلة؟! وهل يجوز مثلا أن يستمر في انتخاب أولاد وأحفاد زعماء 1943، وبعضهم مسؤول عن الوضع الراهن! لمَ لا نفتح مجالا للشباب الواعد وللمبدعين وأصحاب الرؤى ونعطيهم فرصة إخراجنا من هذه الحلقة المفرغة المُنتِجة للأزمات؟”

وفي هذا الإطار طرَحَ ماروني على السياسيين، سيّما مَن يزعم دعم الشباب، فكرة توقيع ميثاق شرف يلتزم فيه كلّ مَن مارس السياسة منذ 1943 حتى اليوم، وهو من ضمنهم، بالتنحي والامتناع عن الترشّح إفساحاً في الطريق أمام الجيل الجديد.

من جهة ثانية، دعا الى وجوب تطبيق القوانين لمكافحة الرشاوى الانتخابية ووقف بيع الكرامات، ولطالما ردّ على مَن جاءه أيام الانتخابات، شاكياً ظروفه المعيشية لتبرير رشاوى تلقّاها، أن رشوة المئة أو المئتين دولار لن تغيّر في حياة الناخب ولن تغنيه، فإذا قسّمناها على عدد أيام الأربع سنوات، نكون كمن باع وطنه وضميره ومستقبل أبنائه بثمن بخس.

واستغرب استمرار السكوت على الوضع الراهن، ناصحاً اللبنانيين بأن يكافئوا السياسي الشفاف والمجتهد، لأن المكافأة مفتاح الحياة السياسية النظيفة.

وقال: هناك نائبٌ يفتخر بأنه صرف 30 مليون دولار ليدخل الندوة البرلمانية، أي حوالي 600 ألف دولار شهريا، ما يطرحُ أكثر من علامة استفهام حول الغاية من الأمر. وسأل: هل يُعقل أيضا أن نائبين ثاروا على شركة “كهرباء زحلة” لأسباب كيدية وانتقامية تحت شعار “حماية المواطن” وكانت النتيجة ارتفاع فاتورة الكهرباء على المواطن وانخفاضها لصالح المعامل وهم من أصحابها! وهل يعقل أيضا أن يستند الانتخاب إلى الوعود والإغراءات المادية حيث وعَدَ أحد المرشحين نحو 5000 شاب وشابة بفرص عمل، فيما هدّدهم آخر بطردهم من وظائفهم ان لم ينتخبوه؟! وتابع ماروني “من جهتي أنا أفتخر أنني كما دخلتُ الى المجلس خرجتُ منه. وأنا أحترم خيارات الناخبين ولكن انتخابات 2018 بهذا القانون الهجين لم تمثل هذه الخيارات بل مثلت مصالح من خيّط القانون على مقاسه.

 أين انجازات العهد القوي!

إعتبر الوزير ماروني أن الدور الذي لعبه في ثورة الأرز حمله على كاهله منذ عام 1996 عندما لم تكن هناك “مشاريع أبطال” محظيّين إعلامياً كما حصل في الإنتخابات الأخيرة. ولفت إلى أن الإعلام لم يكن حاضراً في 2009 كما اليوم لكون وسائل التواصل الإجتماعي لم تكن فاعلة ومؤثرة حينها. فالناس عادة لا تتابع التلفزيون وتقرأ الصحف يوميا بخلاف الأمر مع السوشال ميديا، عدا عن أن الإعلام المرئي والمسموع لا يغطّي النشاطات كافة لتعذّر الأمر حينا، ولمجرد الإمتناع أحيانا.

وذكّر أنه حين تبوأ وزارة السياحة، لم يَعِر إهتماما لمصلحة شخصية أو فئوية بل شملت مشاريعه مناطق مختلفة من لبنان. وأول الغيث كان معركة خاضها لتزفيت طريق زكريت نهر الكلب التي تُعَد منطقة سياحية من الطراز الأول وطريقا حيويا يربط المتن بكسروان. الحركة بدأت قبل الحقيبة الوزارية مع تزفيت طريق بكفيا ترشيش زحلة ولم يكن وزيرا وقتها. ولا يزال وزير الأشغال السابق غازي العريضي يشهد أن ماروني والعماد عون هما الوحيدان اللذان أخذا على عاتقهما متابعة الموضوع حتى نهايته.

تابع ماروني: “عملنا جاهدين لإنارة طريق ضهر البيدر رغم الصعوبات التي حالت وقتها دون ذلك، وكذلك الأمر مع نواب زحلة والبقاع الغربي لوضع مشروع برنامج إزالة التلوث من نهر الليطاني وروافده التي تشمل البردوني. ولم نترك منظمة عالمية لم ندقّ بابها لتأمين التمويل. وعملنا على جذب إستثمارات وإعادة مغتربين. ويشهد أرشيف وزارة السياحة ان 2009 سجّلت أعلى نسبة دخول للمغتربين الى الأراضي اللبنانية ووقتها أردت المليوني زائر رقما صارما من دون تعداد من دخلوا بجواز سفر لبناني أو سوري. فضلا عن ذلك وقّعتُ أكثر من عشرين مذكرة تفاهم للتبادل والترويج السياحي بين لبنان والعالم. ونشرتُ كتابا بعنوان “رؤية لصناعة السياحة في لبنان” تضمّن برنامج عمل وزارة السياحة التي اعتبرها شخصيا وزارة سيادية. واللائحة تطول.

و قال: “أنجزنا ما أنجزناه على الرغم من عجزنا عن ممارسة عملنا كمشرّعين في ظل التمديد الطويل للمجلس النيابي. فضلا عن ذلك، ومنذ 2009 حتى 2018 تشكلت خمس حكومات، واستغرق تشكيل كل حكومة أشهرا طويلة. والكل يعلم أن لا تشريع في ظل حكومات تصريف الأعمال. عدا عن الشغور الرئاسي الذي استمر ما يقارب ثلاث سنوات وسط تعذر التشريع أيضا. حتى أننا لم نستطع ممارسة عملنا من داخل المجلس وقت انتُخبنا، مدة طويلة بسبب أعمال الصيانة فيه آنذاك. ورغم ذلك حققنا ما حققناه وفي غياب مواكبة وسائل التواصل الإجتماعي. بينما اليوم لا نرى إلا السجالات والردود والتصاريح المملة من جميع الجهات. فليعدّد لنا هؤلاء انجازاتهم وأين انجازات العهد القوي أيضا. وعلى صعيد وزارة السياحة، أين أصبح البرنامج الذي وضعناه وبدأنا بتطبيقه؟. فمعلوم أن مفهوم الدولة قائم على الاستمرارية وليس على الغاء ما سبق”.

2019 من دون موازنة!

وصف ماروني ما يحصل في ملف الموازنة بالمسخرة، إذ تطلب إقرارها بل إحالتها الى المجلس النيابي تسع عشرة جلسة حكومية، مستغربا كيف يُبطل النواب اليوم مطالب وزراء كتلهم البارحة وكأنه توزيع أدوار لتمرير 2019 من دون موازنة. وشرح ماروني أنه وفق القانون يجب إقرار الموازنة قبل بدء السنة بشهرين، فيما الواقع أن الأموال لسنة 2019 صُرفت بالفعل والأمر بات مضحكا مبكيا.

مطار رياق والمنطقة الاقتصادية الحرة

أكد ماروني أنه حاضر دائما في نشاطات تجمع الصناعيين في البقاع وداعم لإنشاء منطقة اقتصادية حرة في زحلة وكل ما من شأنه خدمة الصناعة اللبنانية والبقاعية. وجدَّد مطالبته بإعادة تشغيل مطار رياق الذي قد يساهم في تخفيف الزحمة عن مطار بيروت الدولي، ويؤمّن حلا سحريا لشحن البضائع والسفر الداخلي، ويخفّف حركة الشاحنات على طريق ضهر البيدر، والأهم أنه يوفّر فرص عمل لأبناء المنطقة ويحْيي مدينة رياق النموذجية، التي كانت مزدهرة ومميزة بسكة الحديد والمطار في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي.

وشدَّد على أنه من غير المقبول غياب الرؤية الاستراتجية للتنمية وهدر ملايين الدولارات بسبب زحمة السير ولا سيما على الطريق الدولية بين زحلة وبيروت عدا عن ارتفاع نسبة التلوث وتلف الأعصاب وهدر الوقت الكفيل وحده بإبعاد الزوار والسياح. وسأل على سبيل المثال: هل يعقل الا يتخطى زوار صغبين بموقعها السياحي المميز على بحيرة القرعون ثلاثمئة شخص في موسم الشتاء!

البيوت التراثية مشروع مستقبلي

في الختام، عبّر ماروني عن شغفه بالبيوت التراثية وبدا الأمر واضحا من اهتمامه والعائلة بتفاصيل المنزل الزحلي. كما أنه يشجع ترميم البيوت التراثية لإعطاء زحلة طابعا تراثيا أشمل يجذب السياح، متمنيا ان تتأمن الأموال اللازمة.

وعن البرنامج البلدي، أشار الى أن زحلة مدينة نظيفة نسبيا ولديها بلدية مميزة بأعضائها ورئيسها الذي أعلن عن برنامج عمل طموح. وأمل أن يتحقق رغم العراقيل المالية، كما يدعم ويشجع المباشرة بمشروع إقامة مواقف للسيارات في ظل زحمة السير الخانقة التي تعانيها المدينة.

الثلاثاء 2 تموز 2019 خاص BEKAA.COM

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *