إطلاق حملة دعم الصناعة اللبنانية من السرايا الحكومي بشعار “بالوطني بدعم وطني”

أطلق رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري قبل ظهر اليوم “الحملة الوطنية لدعم الصناعة اللبنانية” التي تنظمها وزارة الصناعة بالتعاون مع جمعية الصناعيين اللبنانيين بعنوان “بالوطني بدعم وطني”. وشارك وزير الصناعة وائل ابو فاعور وعدد من الوزراء والنواب والوزراء والنواب السابقين، ورؤساء بعثات ديبلوماسية وممثلون للقادة العسكريين والاجهزة الامنية وصناعيون ورجال أعمال.

تضمنت الحملة عرض فيلم دعائي – تسويقي مدته خمسون ثانية يبرز أهمية الصناعة الوطنية وتفاعل الشباب اللبناني معها. ومن المخطط لها أن تنظم برامج حوارية تثقيفية وحملات اعلامية – اعلانية عن الانتاج والصناعة، اضافة إلى اقامة المعارض المتنقلة والمتخصصة في عدد من المناطق اللبنانية ودعم مشاركة الصناعيين في معارض خارجية.

وألقى الحريري كلمة قال فيها: “أنا سعيد بوجودي معكم اليوم في هذا اللقاء المخصص لتشجيع الصناعة اللبنانية وتحفيز المواطن اللبناني ل”يشتري لبناني”، وأود ان أؤكد لكم ان المرحلة المقبلة عنوانها الأساسي سيكون “تحفيز القطاعات الانتاجية”. إن الحملة التي نطلقها اليوم تضع حدا للجدل بين من يقول ان لدينا صناعة في لبنان، ومن يقول العكس ، وأنا أقول” أجل لدينا صناعة في لبنان. لدينا أكثر من 5 آلاف مصنع، وباستطاعتنا ان نزيد هذا العدد وباستطاعتنا ان ننتج ونصنع ونؤمن حاجاتنا المحلية ونصدر ايضا. لكن المهم هو ان نستثمر وفقا لميزاتنا التفاضلية ولطاقاتنا الانتاجية . فحصة الصناعة اليوم من الناتج المحلي تقارب الـ4.6 مليار دولار. وكونوا على ثقة ان باستطاعتنا مضاعفة هذا الرقم بعد 5 سنوات ومضاعفته ثلاث مرات بعد 15 سنة، كما باستطاعتنا ان نخلق أكتر من 50 ألف وظيفة جديدة من خلال هذا القطاع في السنوات الخمس المقبلة”.

أضاف: “أود أن أكون صريحا معكم، لنحقق هذا الامر يجب أن نركز على الصناعات التي تمتلك قيمة مضافة وميزة تنافسية في السوق المحلية أو في الأسواق الخارجية، مثل الصناعات الغذائية وصناعة الأدوية والمفروشات والمجوهرات والأزياء والصناعات الحرفية والصناعات الخفيفة وغيرها من الصناعات التي أكدت عليها دراسة “ماكنزي”. كلنا يعلم أن ارتفاع كلفة الإنتاج هي العائق الأساسي أمام القطاع الصناعي اليوم. وخفض هذه الكلفة على الصناعي يبدأ بمعالجة مشكلة الكهرباء واستكمال تنفيذ الخطة التي أقرها مجلس الوزراء، وان شاء الله السنة المقبلة ستشعرون بالفرق بشكل ملموس. هذا بالإضافة الى معالجة ارتفاع كلفة الإنتاج، وجهودنا ستتركز في الفترة المقبلة على التالي:

أولا: استكمال الدراسات لإنشاء وتطوير المناطق الصناعية القادرة على توفر البيئة المحفزة للصناعيين اللبنانيين.
ثانيا: تشجيع المشاريع المشتركة مع القطاع الخاص الأجنبي.واليوم نعمل بشكل جدي مع الصناعيين اللبنانيين ليشبكوا مع مستثمرين أجانب فنزيد صادراتنا الى الدول العربية وأفريقيا وكل العالم.
ثالثا: فتح الأسواق أمام المنتجات اللبنانية ورفع قيمة الصادرات اللبنانية من حيث الكمية والنوعية. وقد عينا أخيرا 20 ملحقا اقتصاديا في الدول الأساسية التي يتعامل معها لبنان على صعيد التجارة الخارجية، ويجب ان نستفيد من وجودهم بالتنسيق مع القطاع الخاص.
رابعا: الاستثمار في قطاع التعليم المهني والتقني لنتمكن من تأمين وتطوير الطاقات والمهارات الشبابية التقنية المتخصصة التي نحن بحاجة إليها لتطوير القطاع الصناعي”.

وختم: “أود أن أؤكد نقطة جوهرية: ان القطاعات الانتاجية تشكل حلقة اقتصادية متكاملة ومترابطة. فتحريك القطاع الصناعي قادر على تحريك القطاع الزراعي، والعكس صحيح. وتحريك القطاع السياحي قادر على تحريك القطاعين الصناعي والزراعي. وما من قطاع صناعي ولا زراعي ولا سياحي من دون قطاع مصرفي سليم ومتين وخدمات مالية متطورة. وجميعهم لم يتمكنوا من التقدم دون مواكبة التطور التكنولوجي. ولا أولوية لقطاع على آخر. فكل القطاعات الانتاجية مهمة وكلها قادرة ان تزيد الناتج المحلي وتخلق فرص عمل.
وكما قلت لكم في بداية كلمتي، فإن المرحلة المقبلة عنوانها تحفيز القطاعات الانتاجية كافة.

وفي النهاية أود ان اشكر الوزير وائل أبو فاعور على الجهد الذي يبذله لتطوير القطاع الصناعي، وقلبه على الصناعة كما قلبنا نحن على البلد، خصوصا في هذه الظروف الصعبة التي نمر بها حيث يجب ألا ننظر الى النصف الفارغ من الكوب. انا اعلم ان الناس تتساءل عن ما يحصل في البلد، “خليهن يتسلوا”. نحن نعمل وسنتابع عملنا وسننتج وندعم الصناعيين ونطور البلد، ونحن مستمرون في مشروعنا الذي يصب في مصلحة المواطن. صحيح أن هناك مشاكل سياسية، لكننا لن نقف عندها. علينا ان نكمل ونعمل، فهذه المشاكل ستحل، ولكن الاهم ألا تفقدوا الأمل، أنتم الصناعيين والتجار والمزارعين والمنتجين.
هذه هي الديموقراطية التي يتميز بها لبنان، وان كانت أحيانا عدوة لنفسها، وفي بعض الاحيان نكون نحن أعداء لأنفسنا في مقاربة الامور في البلد.
المهم بالنسبة إلي أن ننظر باستمرار الى مصلحة المواطن والشباب والشابات في لبنان الذين ملوا السياسة ولا يريدون ان يسمعوا بمشاكلنا ولا ان يتعرفوا اليها، يريدون الإنتاج وفرص العمل والطبابة والتامين الصحي والكهرباء والبنى التحتية.
أنا لست متشائما، انا بطبعي متفائل، ومن يريد ان يفتعل المشاكل بالبلد عليه ان يتحمل مسؤولية ذلك. في رأيي اننا سنتجاوز كل هذه المشاكل وستعود الامور الى طبيعتها في أقرب وقت ممكن بإذن الله”.

وألقى أبو فاعور كلمة قال فيها: “سأختصر كلمتي الى اثنتين:
اولا- في التاريخ: عائدا من منفاه الاوروبي في العام 1618 ومتأثرا بالتجربة الاوروبية ونهضتها، اطلق باني الكيان اللبناني الحديث، الامير فخر الدين الثاني المعني، نهضة اقتصادية قامت أولا واخيرا على الانتاج بأن انشأ صناعة الحرير التي قامت على تربية دود القز، وقام بتصدير الانتاج الى اوروبا وانشأ خان الافرنج في صيدا، وطور مرفأ بيروت، والأهم انه انشأ الطبقة الوسطى الحرفية والصناعية والتجارية في لبنان عبر صناعته، هذه الطبقة التي نكاد نفقدها اليوم. كان فخر الدين المعني الثاني اميرا تاجرا كما يسميه الدكتور فواز طرابلسي لكنه كان اميرا صانعا عرف كيف يقيم التوازن بين الصناعة والتجارة، هذا التوازن الاقتصادي المفقود الذي لا زلنا نبحث عنه حتى اليوم، بين الاستيراد والتصدير، بين الانتاج وبين الاستهلاك، فكانت تلك اولى التجارب الاقتصادية الناجحة في لبنان.

ثانيا- في الارقام: سأحاول الإجابة عن سؤال: هل تستحق الصناعة في لبنان العناء؟ وفقا لتقرير ماكنزي: 195 الف لبناني يعملون في القطاع الصناعي، اي ان 195 الف عائلة في لبنان تعتاش من الصناعة. إن نمو واحد في المئة في الصناعة يؤدي الى 1500 فرصة عمل جديدة وفق منظمة الامم المتحدة للتنمية الصناعية (يونيدو).

في الارقام أيضا، مساهمة الصناعة في الناتج الوطني بلغت 14% في العام 2018، وهي قابلة للزيادة وفق البنك الدولي، لكن المؤسف انها كانت 20% في العام الفين و24% في العام 1990.

– العجز في ميزاننا التجاري ارتفع من 12.8 مليار دولار في العام 2009 الى اكثر من 17 مليار في العام 2019 مع ما يعنيه ذلك من تداعيات اقتصادية ومالية وفي هذه الارقام اخفاقات لكن فيها فرص. ولكي لا ينتابك اليأس دولة الرئيس، اقول وبالارقام ايضا ارتفعت قيمة الصادرات الصناعية في الفصل الاول من العام 2019 الى 660 مليون دولار في زيادة بنسبة 4% عن العام 2018 حيث بلغت 629 مليون دولار، وفي زيادة بنسبة 10% عن العام 2017 حيث بلغت 597 مليون دولار. ايضا، بلغ عدد التراخيص الصناعية في هذا العام 217 قرارا منها 82 ترخيصا في قطاع الصناعات الغذائية وهذه مؤشرات على الدينامية الايجابية التي انطلقت بدعمكم ورعايتكم دولة الرئيس وبدعم رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي وكل المكونات الحكومية في العديد من القرارات التي صدرت من مجلس الوزراء او من وزارتي الاقتصاد والتجارة والصناعة التي نتشارك مع وزيرها هذا الجهد.

تهدف هذه الحملة الى توعية المستهلك اللبناني على جودة وتنافسية الصناعة اللبنانية وتحفيزه على دعمها عبر اعطائها الاولوية في مشترياته لأن اي قرش ينفق في الشراء من المنتجات الوطنية هو استثمار يعزز الصناعة ويوفر فرص العمل ويساعد في توازن الميزان التجاري ويستجلب النقد النادر الذي ندفع اثمانا كبيرة لاجل استقطابه والمحافظة عليه. وهذه الحملة وان كانت تنطلق بهذا الشعار “بالوطني بدعم وطني” لكنها تنأى بنفسها عن مناخ الفاشية السياسية الصاعدة في لبنان بما تمثله من استعلاء عنصري واستعداء طائفي ومذهبي ومخاطر على مستقبل بلادنا. هل تستحق الصناعة العناء؟ نعم تستحق العناء”.

وألقى رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل كلمة مما قال فيها: “نحن على ما نحن عليه اليوم من هذه الأجواء الايجابية تجاه الصناعة الوطنية، خصوصا لجهة تبني مطالبها والعمل على تفعيل دورها وترسيخ حضورها في الاقتصاد الوطني، نظرا الى هذا الالتفاف الرائع الذي نتمنى ان يتفاعل ويتطور من خلال الحملة الوطنية التي نطلقها اليوم لتطال جميع اللبنانيين. فبالصناعة وحدها نتمكن من خفض عجز الميزان التجاري الذي يتخطى اليوم الـ17 مليار دولار والذي بات يشكل خطرا داهما على اقتصادنا الوطني وعلى ماليتنا وعملتنا، في ظل تراجع التحويلات من الخارج وزيادة الودائع المصرفية بالنسب المعهودة، وانطلاقا من هذه الوقائع بتنا نرى كيف ان ميزان المدفوعات بات يسجل عجوزات قياسية غير معهودة، حيث أظهرت الارقام المسجلة في الاشهر الخمسة الاولى من العام 2019 بلوغ عجز ميزان المدفوعات 5،2 مليار دولار. في الاطار عينه، فإن زيادة الصادرات الصناعية تشكل الجزء المكمل للحل لجهة خفض عجز الميزان التجاري وتوابعه، لذلك نناشد الدولة باتخاذ الاجراءات التي من شأنها زيادة الصادرات الصناعية والصناعات التي تستخدم طاقة مكثفة. دولة الرئيس نحن مثلك، لا نفقد الأمل بلبنان رغم كل الصعاب والتحديات، نتطلع فعلا لانتظام عمل الحكومة للشروع في تنفيذ مشاريع مؤتمر سيدر وتطبيق خطة ماكينزي، واللذين يشكلان خشبة الخلاص لاقتصادنا الوطني والداعم الأساسي لقطاعنا الصناعي.ان الصناعيين اللبنانيين الذي سطروا النجاحات في كل دول العالم، هم بالتأكيد مشروع نجاح للاقتصاد الوطني، ونحن من جهتنا لا نتردد على الاطلاق في وضع كل طاقاتنا بخدمة وطننا كي يبقى شبابنا وشاباتنا في بلدنا”. 

الأربعاء 31 تموز 2019

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *