البطاركة والاساقفة الكاثوليك تبنوا مطالب الحراك المحقة: حدث فريد من نوعه في تاريخ لبنان

اختتم مجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك في لبنان، أعمال دورته العادية الثالثة والخمسين، التي انعقدت في الصرح البطريركي في بكركي برئاسة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، ومشاركة البطاركة والاساقفة والرؤساء العامين والرئيسات العامات. وصدر عن المجتمعين بيان ختامي تلاه امين عام المجلس المونسينيور وهيب الخواجا ونص على الآتي:

“1. عقد مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان دورته السنوية العادية الثالثة والخمسين في الصرح البطريركي في بكركي، من الحادي عشر حتى الخامس عشر من شهر تشرين الثاني 2019، برئاسة صاحب الغبطة والنيافة، الكردينال مار بشاره بطرس الراعي، بطريرك أنطاكيه وسائر المشرق للموارنة، وبمشاركة أصحاب الغبطة مار يوسف العبسي، بطريرك أنطاكيه وسائر المشرق والإسكندرية وأورشليم للروم الملكيين الكاثوليك، ومار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، بطريرك أنطاكيه للسريان الكاثوليك، ومار كريكور بيدروس العشرين، بطريرك كاثوليكوس الأرمن الكاثوليك على كرسي كيليكيا، وأصحاب السيادة المطارنة، وقدس الرؤساء العامين والرؤساء الأعلين، وحضرات الرئيسات العامات أعضاء المكتب الدائم للرهبانيات النسائية. وشارك في الجلسة الافتتاحية سيادة السفير البابوي المطران جوزف سبيتري. كما شارك في موضوع الدورة خبراء وأخصّائيون في الإعلام.

2. في البداية رحب صاحب الغبطة والنيافة رئيس المجلس في كلمته الافتتاحية بالأعضاء الجدد. وصلى مع الآباء لراحة أنفس المثلثي الرحمة البطريرك الكردينال مار نصرالله بطرس صفير، البطريرك الماروني السابق، والمطران رولان أبو جوده والمطران كميل زيدان.

ثم عرض موضوع الدورة العام بعنوان “الكنيسة ووسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي والرقمي”، مشددا على ضرورة أن “تخاطب الكنيسة شبابها وتستمع الى همومهم وتقدر رأيهم في المساهمة لإخراج البلاد من أزمتها الاقتصادية والمالية والسياسية”؛ ولإعطاء الحياة الكنسية والاجتماعية انطلاقة جديدة ترتكز على القيم الروحية والأخلاقية. ولفت الى أن دورتنا “تتزامن مع مستجدات جذرية على مستوى شباب لبنان وشعبه الذين انتفضوا انتفاضة تاريخية وحضارية” للتعبير عن فقدان ثقتهم بالقادة السياسيين” وعن رغبتهم برؤية وجوه نظيفة” تلتئم في حكومة مصغرة فاعلة تستطيع إجراء الإصلاحات اللازمة ومكافحة الفساد وضبط المال العام”. ودعا المدارس والجامعات الكاثوليكية الى ترشيد الإنفاق وعدم زيادة الأقساط مطالبا الدولة بدعم الأهالي في جزء من الأقساط صونا لحرية التعليم.

3.ثم ألقى سيادة السفير البابوي كلمة نقل فيها أولا “الى أعضاء المجلس والى سكان أرض الأرز النبيلة” بركة قداسة البابا فرنسيس وقربه بالصلاة من الجميع”، مذكرا بالرسالة التي وجهها قداسته الأحد 27 تشرين الأول الى “الشعب اللبناني العزيز، وبخاصة الى الشباب، داعيا الجميع الى إيجاد الحلول المحقة عن طريق الحوار”. ثم توقف عند الحدث الوطني الذي يتمثل “بالانتفاضة الشعبية المذهلة التي انبرى فيها المتظاهرون، وبخاصة الشباب والصبايا، موجها اليهم الشكر على الدينامية الإيجابية التي خلقوها والتي لا ينبغي أن تنطفئ بأي شكل من الأشكال، وعلينا أن نعمل كل ما بوسعنا كي يكون تحركهم حافزا للبنان متجدد، أكثر عدالة وديمقراطية، وأكثر تضامنا وأخوة”.

وبعد أن وجه صاحب الغبطة والنيافة باسم المجلس برقية الى قداسة البابا فرنسيس عن أعمال الدورة، وطلب بركته الرسولية عليها وعلى كنائسنا وشعبنا في لبنان، باشر الآباء بدراسة المواضيع المطروحة، وأصدروا البيان التالي:

أولا: وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي والرقمي
4. استمع الحاضرون الى حضرة الخوري عبدو بو كسم، مدير المركز الكاثوليكي للإعلام، الذي عرض “لواقع الإعلام في لبنان وتحدياته”، وأهمها: الشحّ في الأموال الذي يوصل الى الارتهان وغياب الحرية، وغياب القوانين التي تنظم الإعلام الالكتروني، ومشكلة الأخبار الكاذبة والإشاعات، ومعاناة الصحافة الورقية والمحطات التلفزيونية، وتدني مستوى البرامج التي تقدمها، وأهمية المواقع الالكترونية ومخاطرها، وبعض المشكلات المرتبطة بالسينما والمسرح، لا سيما ما يتصل منها بالتعرض للدين والأخلاق. وأنهى كلامه مطالبا بضرورة رسم خطة للتنسيق بين وسائل الإعلام المسيحية تتناول موضوع الاعلام الكنسي وتحديث مهام اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام.

وعقب على العرض الكولونيل ألبير خوري متكلما عن مكافحة الجرائم المعلوماتية وموصيا بتنشئة الناس والشباب على حسن استعمال وسائل التواصل. ثم الدكتورة ميرنا أبي زيد متكلمة عن سرعة انتشار المعلومات في مواقع التواصل الاجتماعي وموصية بالتوعية على الاعلام في المدارس للتلاميذ والأهل وبتحصين الجميع أمام سوء استعمال وسائل التواصل.

5. ثم استمعوا الى سيادة المطران بولس مطر، رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام يعرض لتعاليم الكنيسة حول وسائل التواصل الاجتماعي، منطلقا من أن الكنيسة الكاثوليكية قد وضعت نفسها في جو محاكاة العصر والحضور المتفاعل مع مستجداته المتنوعة. وبما أن وسائل الإعلام والتواصل قادرة أن تخدم الكنيسة في نشر الإنجيل، فإن عليها أن تستخدمها، وهي تعتبرها عطايا من الله، لتعلن للعالم رسالة الخلاص. غير أن الكنيسة لا تواجه شر الإعلام أو استعماله السيئ بل تؤكد أن هذه الوسائل بإمكاناتها واستعمالها الصحيح تصير عامل تقدم إنساني أكيد وترتقي من طاقات للحوار الى طاقات لتحرير الشعوب عبر قول الحقيقة وتبني قيم المساواة والعدالة والسلام.

عقب على العرض الدكتور ميشال اللفة متحدثًا عن الالتزام المسيحي في وسائل الإعلام في الوقت الراهن. ثم الدكتورة ماري نويل خوري مشددة على رسالة الإعلاميين المستوحاة من القيم والأخلاق المسيحية.

6. ثم استعموا الى معالي الأستاذ ملحم رياشي الذي تناول الإعلام كرسالة يقوم بتأديتها إعلاميون من الواجب أن يتحلوا بقدر كبير من الثقافة والمعرفة الى جانب أخلاقيات وآداب ترعى ممارستهم لهذه المهنة. وشدد على دور المسيحيين والكنيسة في مواكبة تطور وسائل الإعلام والتواصل ليكون الإعلام الكنسي حاضرا في يوميات الناس. ثم اقترح على المجلس بعض التوصيات تتعلق باستحداث وزارة للحوار والتواصل وإنشاء مرصد للعائلة اللبنانية.

وعقب على العرض الدكتور هاني صافي متحدثا عن أهمية حضور الإعلام الكنسي في وسائل الإعلام والتواصل العامة وإيصال الكلمة بلغة شباب اليوم.

ثانيا: الأوضاع في لبنان
7. استمع المجتمعون الى قدس الأباتي نعمة الله الهاشم يقدم قراءة اقتصادية واجتماعية وسياسية وكنسية للأوضاع الراهنة.

وبعد المناقشة اعتبروا ان ما يشهده لبنان منذ 17 تشرين الأول هو انتفاضة تاريخية تجاوز فيها الشعب الانتماء الطائفي والمذهبي والحزبي الى الانتماء الوطني الذي كان القاعدة الأساسية لبناء لبنان الكبير منذ مائة سنة.

8. كما لاحظوا أن شباب لبنان وشعبه ما كانوا لينتفضوا لو لم يبلغ وجعهم حده الأقصى من المعاناة من الفساد وفقدان الثقة بالقادة السياسيين، ومن الانهيار الاجتماعي والاقتصادي وتغليب المحاصصة والزبائنية في الحكم السائدة منذ سنوات طويلة. فراحوا يطالبون بحكومة ذات مصداقية وفعالية، لكي تستطيع إجراء ما يلزم من إصلاحات في الهيكليات والبنى، ومن مكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة وضبط المال العام، وبتأمين التعليم وفرص العمل، وتوفير الضمانات اللازمة لمختلف فئات المجتمع.

9. يرى المجتمعون في ظاهرة الاعتصام في الساحات والشوارع حدثا فريدا من نوعه في تاريخ لبنان. وإنهم إذ يتبنون المطالب المحقة، يدعون المعتصمين الى توخي الحكمة ليبقى تحركهم سلميا وحضاريا ولا يستغل سياسيا أو حزبيا أو إيديولوجيا، كما يدعونهم الى الابتعاد عن التشنج والعنف والكلام النابي. ويطالبون فخامة رئيس الجمهورية الإسراع في اتخاذ التدابير الدستورية الواجبة لتأليف الحكومة وحماية لبنان وسيادته واستقلاله ووحدة شعبه، والنهوض بالاقتصاد وبناء دولة القانون عبر اختيار أصحاب الكفاءات لخدمته، تجاوبا مع طموحات جميع اللبنانيين وبخاصة الشباب.

ثالثًا: مناقشة قانون رابطة كاريتاس وانتخابات إدارية

10. عرض سيادة المطران ميشال عون حيثية التعديلات المقترحة على القانون الأساسي لرابطة كاريتاس لبنان، لا سيما ما خلصت اليه الدراسات التي تمّت حول أعمالها وما طرحته من اقتراحات، وبخاصة موضوع الفصل بين المهمة الرقابية والاستراتيجية والمهمة التنفيذية.

ثم عرض الأستاذ فادي إبراهيم للهيكلية الجديدة المقترحة للرابطة ولمواد القانون الأساسي والتعديلات التي أدخلت عليه.

ناقش الآباء القانون المقترح. وبعد أن قرأوه بندا بندا قدموا ملاحظاتهم عليه.

11. ثم أجريت تعيينات وانتخابات إدارية داخلية، كانت نتيجتها كالتالي:

1. عين صاحب الغبطة والنيافة، رئيس المجلس، سيادة المطران ميشال عون رئيسا للهيئة التنفيذية، وسيادة المطران منير خيرالله عضوا فيها.

2. عين غبطة البطريرك يوسف العبسي سيادة المطران جورج بقعوني نائبا لرئيس الهيئة التنفيذية وسيادة المطران أدوار جاورجيوس ضاهر عضوا فيها.

3. عين غبطة البطريرك اغناطيوس يوسف الثالث يونان سيادة المطران ماتياس شارل مراد عضوا في الهيئة التنفيذية.

4. انتخب المجلس:
” سيادة المطران ايلي حداد وحضرة الأم ماري أنطوانيت سعادة، عضوين في لجنة الترشيحات.
” سيادة المطران بولس روحانا، رئيسا للجنة الأسقفية اللاهوتية الكتابية.
” سيادة المطران أنطوان نبيل العنداري، رئيسا للجنة الأسقفية لوسائل الإعلام.
” سيادة المطران جوزيف معوض، رئيسا للجنة الأسقفية للعلاقات المسكونية.
” سيادة المطران ماتياس شارل مراد، رئيسا للجنة الأسقفية للحوار المسيحي الإسلامي.
” حضرة الأم نيكول حرو، نائبة رئيس اللجنة الأسقفية للتعليم المسيحي.
” قدس الأب العام مارون مبارك، نائب رئيس اللجنة الأسقفية اللاهوتية والكتابية.
” حضرة الأم برناديت رحيم، نائبة رئيس اللجنة الأسقفية لراعوية الخدمات الصحية.
” سيادة المطران جورج بقعوني، مشرفا على العمل الرعوي الجامعي.
” سيادة المطران الياس سليمان، مشرفا على رابطة الأخويات.
” حضرة الأب كلود ندره، الراهب اللبناني، أمينا عاما لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان.
” حضرة الأب ادمون رزق المريمي، مرشدا عاما لرابطة الأخويات في لبنان.
” حضرة الأب روني الجميل اليسوعي، مرشدا عاما للعمل الرعوي الجامعي.
” حضرة الخوري روفائيل زغيب، مديرا وطنيا للأعمال الرسولية البابوية.

خاتمة
12. وفي الختام، يتوجه المجتمعون بصلاتهم الى الله الذي اختار لبنان أرضا مقدسة ودعاها لتسمو نحوه كالأرز، طالبين اليه بشفاعة العذراء مريم وسيدة لبنان، أن ينير عقول المسؤولين السياسيين كي يعملوا بروح التجرد على حل أزمة الحكومة، ونتائجها الاقتصادية والمالية والاجتماعية. ويصلون من أجل شعب لبنان وشبابه كي يشبكوا الأيدي ويتضامنوا من أجل بناء دولة ووطن يصونان حرية الانسان وحقوقه في عيش كريم، ويبقوا متمسكين بثقافة الأخوة والعيش الواحد والسلام.
ويطلبون من أبنائهم وبناتهم أن يثابروا على رفع الصلوات في العائلات والرعايا والأديار والأبرشيات كي يعم السلام في بلدان الشرق الأوسط وبخاصة في لبنان فيبقى الوطن الرسالة ومختبرا للحوار والتواصل”.

الجمعة 15 تشرين الثاني 2019 الوكالة الوطنية للإعلام

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *