“الزراعة ودورها في تحقيق الإستقرار الاجتماعي” هو عنوان اللقاء الذي نظمّته اليوم الجمعية اللبنانية للدراسات والتدريب في “قاعة تموز” في بعلبك برعاية وزير الزراعة الدكتور حسن اللقيس ومشاركة محافظ بعلبك – الهرمل بشير خضر ومدير برنامج الغذاء العالمي WFP عبدالله الوردات، نائب مدير منظمة UNHCR ايمانويل جينياك، وحضره رؤساء بلديات، مخاتير ومزارعين، والعقيد حسين سلمان ممثلا المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، وفاعليات سياسية ونقابية واجتماعية. وقد مثّل وزير الزراعة الدكتور محمد فران.

وقال رئيس جمعية الدراسات الدكتور رامي اللقيس: “تعتبر الزراعة من القطاعات الأساسية التي تحقق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، ومن المفترض أن تشكل الزراعة مصدر إنتاج يحقق المداخيل الدائمة والثابتة للعائلات الزراعية، ولكن ثمة تراجع في الإنتاج نتيجة مشاكل في التسويق ومعاناة المزارعين في مجالات شتى، لذلك أردنا هذا اللقاء لنتحاور معا، لأن دورنا الأساسي توفير قنوات للحوار لعرض الواقع والخطط والمطالب للحد من المشاكل التي يعانيها القطاع الزراعي”.

ورأى أن “العلاقة ضعيفة بين المزارعين والوزارة، وبين المزارعين والمؤسسات المعنية بالزراعة، وبين المزارع والتعاونيات، أما الجهات المانحة فعليها عدم النظر إلى المزارع كمحتاج تقدم اليه المساعدات، وإنما تقديم المساعدات يجب أن يكون وفق رؤية وبرنامح عمل محدد الأهداف”.

وأشار إلى أن “الجمعية تمكنت، بالتعاون مع برنامج الغذاء العالمي، من تطوير القطاع الزراعي، من خلال إنشائها قرية زراعية نموذجية، وتنفيذ 14 ألف متر من الأقنية، وتوزيع 18400 شتلة، إضافة إلى تزويد البلديات نحو 4640 شجرة، والعمل على توفير 50 ألف غرسة صنوبر ستوزع لاحقا على البلديات. وشملت أعمال التحريج مساحة 169 ألف متر مربع، ووفرت خلال العام الماضي فرص العمل ل 1800 من العاملين في مجال الزراعة”.

وألقى فران كلمة الوزير اللقيس، فقال: “عندما نقول القطاع الزراعي، يتبادر إلى الذهن فورا القطاع الأكثر فقرا في لبنان، للأسف، بالرغم من انه في بلد نام كلبنان يفترض أن يكون هذا القطاع هو العمود الفقري للاقتصاد الوطني”

ورأى أن “هذا القطاع الاستراتيجي يشكل جزءا صغيرا ولكن مستقرا من الاقتصاد الوطني بحيث قدرت في العام 2011 مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4% في حين لم يتعد الانفاق الحكومي على الزراعة نسبة 1% من مجموع ارقام الموازنة العامة. وفي العام 2013 بلغت نسبة الصادرات الزراعية 19% من اجمالي الصادرات اللبنانية”.

وأضاف: “يؤدي القطاع الزراعي بأبعاه الاقتصادية والاجتماعية والبيئية دورا بارزا في إدارة الموارد الطبيعية وتحقيق التنمية المستدامة. وعليه، فإن تطويره لا يعتبر خيارا فحسب بل ضرورة لأنه ستكون له آثاره المباشرة وغير المباشرة على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، والحفاظ على التوازن البيئي وخصوصا ان 6 في من العمالة الوطنية هي عمالة زراعية، وقد تصل هذه النسبة في بعض المناطق الريفية إلى 25 في المئة حيث تساهم الزراعة ب 80 في المئة من الناتج المحلي. كما أن تطوير هذا القطاع من شأنه أن يساهم في الحد من التمدد العمراني واستنزاف الثروات والموارد الطبيعية في ظل ما نشهده من تغير في المناخ”.

وأشار إلى أن “عدد العاملين في الزراعة بحسب نتائج الاحصاء الزراعي الشامل لعام 2010 الذي اجرته وزارة الزراعة هو 817513 عاملا، من مجمل عدد أفراد الشعب اللبناني”.

وأعتبر أن “أمامنا مجموعة من التحديات لا بد من مواجهتها لتنمية الزراعة وتحقيق الأمان النفسي والاجتماعي للمزارعين لعل أبرزها:

1 – تحديث الزراعة وزيادة انتاجيتها ورفع كفايتها وتخصصيتها وضمان القدرة التنافسية للمنتجات اللبنانية في ظل تفتت الحيازات وصغر حجمها وضعف البنية الزراعية.

2 – تحديث معايير الصحة والصحة النباتية لتتماشى مع المعايير الدولية، مما يسهل انسيابها إلى الأسواق الخاجية في ظل تجارة عالمية حرة.

3 – ضمان توافر امدادات غذائية سليمة كافية وتعزيز الأمن الغذائي في ظل تقلبات أسعار المواد الغذائية.

4 – استقطاب الشباب للعمل والاستثمار في الزراعة وزيادة فرص العمل والدخل في المناطق الريفية والحد من الهجرة والنزوح الريفي ضمن تنمية ريفية متكاملة.

5 – ضمان الادارة المستدامة واستخدام الموارد الطبيعية (الأراضي والغابات والمياه والموارد الجبلية والثروة السمكية)، في ظل تغير المناخ وتدهور الأراضي والرعي الجائر وإنماط الزراعة غير المناسبة والاستخدام الجائر لموارد الغابات والاستغلال المفرط للموارد السمكية الضعيفة”. 

وقال: “لا يخفى عليكم الأثر السلبي للحرب الدائرة في سوريا منذ أعوام على الزراعة اللبنانية، وتدفق أكثر من مليون ونصف مليون نازح سوري إلى لبنان.
ولا تخفى عليكم عمليات التهريب عبر المعابر غير الشرعية التي لا سلطة لوزارة الزراعة عليها من انعكاسات على تصريف الإنتاج اللبناني”.

وأضاف: “نسعي جاهدين، في وزارة الزراعة، الى تحقيق التوزان في الصادرات والواردات الزراعية وتأمين مصلحة المزارع والمستهلك في آن، والسعي الى تصريف الإنتاج الزراعي اللبناني في الأسواق الداخلية والخارجية. ومن هذا المنطلق كان لنا عدة لقاءات مع وزراء زراعة عرب واجانب، ونسعى الى توقيع جملة من مذكرات التفاهم مع جهات خارجية عدة للتعاون في المجال الزراعي. وقد اعطينا توجيهاتنا الى الملحقين الاقتصاديين المعينين حديثا في وزارة الخارجية والمغتربين للمساعدة في إيجاد أسواق خارجية لتصريف الانتاج اللبناني”.

وأكد أن “وزارة الزراعة ومن خلال مجموعة برامج تقدمها بالتعاون مع الجهات الخارجية (صندوق إيفاد – المملكة الهولندية – إيطاليا – الاتحاد الأوروبي – وغيرها)، تسعى الى تثبيت المزارع في أرضه عن طريق تطوير البنية التحتية الزراعية (انشاء برك تلية – تطوير شبكات الري – انشاء معاصر زيتون)، كما انها تسعى الى دعم التعاونيات العاملة في مجال الانتاج الزراعي، وتعمل، ضمن حدود امكاناتها المتوافرة على إرشاد المزارعين من خلال المراكز الزراعية الموجودة في الأقضية، وعلى إعداد اليد العاملة الزراعية الكفية من خلال المدارس الزراعية السبع العاملة في مختلف المحافظات (مدرسة العبدة ـ البترون – الفنار – بعقلين – النبطية – الخيام – خربة رزق) لتخريج شبان يحملون شهادة البكالوريا الفنية الزراعية ليعملوا عن علم في القطاع الزراعي”.

وتابع: “تعمل الوزارة على تعزيز الرقابة على المنتجات الزراعية المستوردة والمصدرة، لتوفير سلامة الغذاء، وتسعى الى زيادة الرقعة الخضراء بعدما أتت على مساحات كبيرة منها الحرائق والتمدد العمراني والقطع الجائر وضمان حمايتها من خلال حراس الأحراج الموجودين في مراكز الأحراج والصيد في مختلف المناطق اللبنانية، ويدنا ممدودة الى كل من يحب التعاون معنا للنهوض بهذا القطاع”. 

بدوره، قال المحافظ خضر: “من المفترض أن يقوم اقتصاد بعلبك – الهرمل على قطاعي السياحة والزراعة، ففي المجال السياحي عقدت سلسلة لقاءات مع عدد كبير من السفراء، آخرهم بالأمس السفير الفرنسي، وبحثنا كل ما يتعلق بتصنيف بعلبك – الهرمل على الخارطة الأمنية. فقد كانت بعلبك ومنطقتها تعتبر سابقا حمراء، وتمنع السفارات رعاياها من زيارتها، إلا أننا نجحنا مع عدد كبير من السفارات ومع متظمات الأمم المتحدة بإعادة تصنيفها منطقه خضراء، باستثناء بعض القرى الحدودية التي ما زالت مصنفة حمراء، ولكننا نقوم بكل الإجراءات اللازمة لاعادة تصنيفها أيضا منطقة خضراء”. ورأى أن “عودة السياح لزيارة بعلبك من شأنه تحريك العجلة الاقتصادية”.

وأضاف: “الزراعة هي قطاع أساسي، ومن المفترض أن تشكل أحد أركان اقتصاد هذه المنطقة، ولكن ثمه عوائق عديدة، فهناك تقصير من الدولة أحيانا، وفي المقابل، هناك أحيانا تقصير من الناس، بخاصة عندما نروي المزروعات بالمياه الملوثة وبمياه الصرف الصحي، أو في الاستخدام المفرط للأسمدة والمواد الكيميائية، فهذا يضر بنوعية الانتاج اللبنانس ويسيء إلى سمعته، كما أن الأزمة السورية ساهمت في عرقلة تصريف انتاجنا في دول الخليج، لتعذر النقل البري وأخطاره عبر الأراضي السورية”.

ورأى أن “من الأمور الإيجابية التي ننتظرها من مؤتمر سيدر المساهمة في استكمال تنظيف مجرى نهر الليطاني بعد إزالة التعديات، وإنشاء محطات التكرير، ومد شبكات الصرف الصحي ومياه الشفة، عندها نستطيع الافادة من مياه الليطاني وخصوصا لجهة حل مشكلة النقص في المياه لري المزروعات”.

ولفت إلى أن “بعض الخلافات، وتضارب المصالح الشخصية والعائلية، يؤدي إلى تضييع فرص إقامة العديد من المشاريع، ومنها مشروع إنشاء سوق الخضار في بلدة النبي شيت الممول من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بقيمة 700 ألف دولار، ولكن الخلافات العائلية على الموقع ألغت المشروع، ودفع المتعهد الذي كان مكلفا التنفيذ مبلغ 140 ألف دولار تنفيذا لبند جزائي، ولكني تابعت الموضوع مع ال UNDP وسيتم إقامة سوق الخضر في مكان آخر، وسيضاف إليه براد لتخزين المنتجات الزراعية”.

واقترح على مدير برنامج الغذاء العالمي “اعتماد صيغة وآلية تخول النازح السوري شراء حاجاته من الإنتاج الزراعي المحلي مباشرة من المزارع، عبر البطاقة التي يزوده اياها ها البرنامج، في أماكن تخصص لعرض المزارعين منتجاتهم من دون وسيط”.

وختم: “خلال أول زيارة قمت بها لوزير الزراعة الدكتور حسن اللقيس بعد توليه مهماته، وجدت نفسي أمام شخص على اطلاع كامل بجميع الملفات والتفاصيل المتعلقة بالشأن الزراعي في المنطقة، وهو يتابع كل القضايا الزراعية، وإننا نأمل النهوض بالقطاع الزراعي بالتعاون مع بعضنا البعض”.

وتحدث الوردات، معرفا برنامج الغذاء العالمي وأنشطته، وأكد أن “البرنامج موجود في بعلبك، ونحاول تعزيز العلاقات لمصلحة المزارعين بالتعاون مع المحافظ والبلديات والجمعيات”.

وأشار إلى أنه “اعتبارا من عام 2012 أعاد البرنامج عمله في لبنان بسبب الأزمة السورية، وبدأ بتقديم المساعدات الغذائية للاجئين السوريين، ولكن تطور المشروع ليطاول اللبناني والسوري، وبتنا اليوم نعمل على تحسين المجتمع المضيف من خلال تطوير البنية التحتية في القطاع الزراعي”.

وأعلن أن “البرنامج أطلق مرحلة تقديم الطلبات للمزارعين للإفادة من البرنامج، تتعلق بتحسين مستوى الأمن الغذائي وزيادة المساحات الخضر، التركيز على تحسين البنية التحتية للمجتمع المحلي، والتماسك الإجتماعي”.

وجرى عرض مبسط لمشاريع البرنامج، “فهو يقدم مساعدات نقدية الى 700 ألف لاجئ سوري على الاراضي اللبنانية، وعام 2018 استفاد من مشروع تقديم قيمة نقدية في مقابل توفير الغذاء 6865 شخصا.

أما خطط 2019، فهي تتركز حول الاستمرار في المشاريع السابقة التي أثبتت نجاحها من تحريج، وإنشاء قنوات للري، بناء هنغارات لجمع المحاصيل لئلا يتم استغلال صغار المزارعين من التجار الكبار، بالشراكة مع وزارة الزراعة”.

وفي الختام، جرى حوار مفتوح بين المزارعين والمشاركين في اللقاء تناول القطاع الزراعي من جوانبه كافة، وعرض المشاكل واقتراح الحلول. 

الثلاثاء 30 نيسان 2019

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *