خاصBekaa.com

على بعد أمتار فقط من هياكل بعلبك يقع “بيت المضافة البعلبكي” Baalbeck Guest House بحلّته التراثية ولونيه الأبيض والأزق وكأننا في أحد بيوت سانتوريني إذا استبدلنا الشاطئ اليوناني بمعابد الرومان العظيمة.

وفيما تشهد بعلبك إقبالا سياحيا جيدا بعد تصنيفها منطقة خضراء أمنيا Green     Zone، أضحى بإستطاعة زوار هيليوبوليس الإستمتاع بتجربة لا مثيل لها في الشرق الأوسط من حيث عراقة التاريخ واستحضار التراث والبساطة في مكان واحد في موقع مميّز للغاية. فبيت الضيافة البعلبكي يقع في وسط “شارع القلعة” وهو شارع تراثي تضفي حجارته المرصوفة على متفرعاته الضيقة مزيدا من السحر والأصالة، وتعكس الطبيعة الحرّة الحاضنة للتاريخ والكرم والإنفتاح. هذه التجربة لا تعيشها في مكان آخر في لبنان كما تعيشها لدى زيارة بعلبك.

يقع “بيت الضيافة البعلبكي” على بعد أمتار قليلة أيضاً من حارة المسيحيين التراثية الجميلة والتي تذكرنا بشوارع سيينا في توسكانا من حيث العمران والساحات والأزقة الجميلة بأبوابها الخشبية القديمة. كما يمكن للنازل في المكان السير بضع مئات من الأمتار إلى مقاهي رأس العين حيث يضفي خرير الشلال رونقا خاصا على ليالي السهر.

مميزات بيت الضيافة

إنه نموذج عن البيت البعلبكي الأصيل في الشكل والمضمون. إستثمره السيد إيهاب رعد وحرص على استيفائه المعايير الصحية والشروط السياحية والبيئية اللازمة. يستقبل إيهاب الزوار بابتسامة لا تغيب وحفاوة بعلبكية مميزة، ومن هنا تبدأ رحلة الضيافة.

خطوات قليلة وكأنها تفصلك بين زمنين ومكانين. ما أن تدخل المكان حتى يبعدك عن ضوضاء الخارج وزحمته ويعود بك مئةً وخمسين عاما إلى الوراء، وهو عمر هذا المنزل بأبوابه وشبابيكه الخشبية الزرقاء وجدرانه التي تزدان بكتابات العظماء عن بعلبك.

ينكشف المدخل الضيّق على باحة داخلية مكشوفة مخصَّصة للمأكل والمشرب، ولم لا لجلسة تأملية في الهواء الطلق. إنها حديقة من الألوان والأزهار كفيلة بجذب الزائر الباحث عن الهدوء.

باختصار، من اللحظة الأولى، يشدك شعور غريب إلى سحر “أيام زمان” مهما انتصرت الحداثة واستكبرت!

النملية

في صدر الباحة “النملية” حاضرة. وكانت بمثابة برّاد المأكولات في زمن الأجداد. يوضع الطعام في جزئها الأعلى لحمايته من الغبار والحشرات. أما الجوارير فمخصصة للملاعق والسكاكين والقسم السفلي لـ”مرطبانات” وأوعية المونة.

ننتقل من الباحة الخارجية إلى غرفة الطعام الداخلية التي لا تقل سحرا، والتي تعطّرها روائح الصابون البلدي ويعكس عراقتها سقفٌ خشبي صامدٌ منذ قرن ونصف. إستخدم البعلبكيون الغرفة في ما مضى للطبخ والأكل والنوم أيضا، وأرادها إيهاب اليوم أن تشهد لبعلبك مدينة التاريخ والتعايش والأصالة.

الزخرفة في الحائط ليست فقط للزينة والجرار الفخارية. إنها “مْشَك الصحون والكؤوس” كما كان عليه سابقا. وللمدفأة رونق فريد حتى في فصل الصيف.

للطعام البلدي في هذه الغرفة ألف نكهة. وللفطور أيضاَ مائدة غنية مما لذّ وطاب لا تقل في تنوعها وشهيتها عن موائد الغداء والعشاء والحلويات البعلبكية كالنمورة بالقشدة الشهية التي يقدّمها بيت الضيافة. خاصة وأن الأطباق هي من تحضير العائلة ويشرف عليها إيهاب شخصيا لكونه طباخا ماهرا.

غرف النوم الخمس تعود بك إلى ليالي الزمن الجميل مع بعض الحداثة التي لا غنى عنها كالتلفاز والمياه الساخنة والحمام النظيف.

ويوفر بيت الضيافة البعلبكي لزواره مجموعة من الكتيبات والمنشورات عن الأماكن السياحية التي يقترحها في المدينة، والتي لا تقتصر على الهياكل الشامخة والقلعة فقط بل تتضمن متعة السير في الحارات القديمة وزيارة مغرّ الطحين الروماني وممارسة الرياضة في رأس العين، فيما يستمتع الأولاد بالنشاطات والألعاب. ولا ننسى بحيرة البيّاضة وقبة السعيدين وغيرها من المواقع الساحرة.

شاركنا في الجولة على بيت الضيافة بالإضافة إلى إيهاب، السيد جميل حدشتيتي والصحافي حسين الحاج حسن والصديق محمد رعد وتخللتها مأدبة غداء شهية من تحضير إيهاب. ولفت الجميع إلى الإنتعاش الذي تشهده المنطقة خصوصا مع إقبال المسيحيين على إعادة إعمار منازلهم في قضاء بعلبك. كما أثنوا على الخطة الأمنية للجيش اللبناني وجهود القوى الأمنية ومحافظ بعلبك-الهرمل بشير خضر التي تخدم هذه العودة وتساهم في ضبط الأمن وتسهر على راحة الأهالي والزوار. وشددوا من جهة ثانية على أهمية إبراز الوجه الحقيقي للمدينة بعدما شوهه الإعلام العشوائي، إذ لم تعد بعلبك منطقة حمراء “خطرة على الأجانب” بل تحوّلت إلى Green Zone على ما أعلن ممثل الأمين العام للأمم المتحدة يان كوبيتش والمحافظ خضر مؤخرا.

إلى ذلك، ناشد الجميع الجهات المانحة والسفارات دعم مشاريع الإستثمار لإعادة شارع القلعة حيا تراثيا بالكامل، على غرار مبادرة إيهاب الخلاقة.

يمكن الحجز في بيت الضيافة البعلبكي عبر موقع Airbnb أو الإتصال بالسيد إيهاب رعد على الرقم 70642797

الجدير بالذكر أن كلفة الإقامة لليلةٍ مع فطور بعلبكي غني تبلغ خمسة وعشرين دولارا للشخص الواحد. خمسة وعشرون دولارا ستقدّم لعشاق التاريخ والتراث تجربة بعلبكية لن تقدّر بثمن!

فكتوريا موسى-Bekaa.com

بيت الضيافة في الدليل

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *