جرى أمس تكريم الوزير السابق سليم وردة بدعوة من وزارة الزراعة، تقديرا لجهوده في خدمة وتطوير قطاع النبيذ في لبنان، وذلك في المكتبة الوطنية اللبنانية في بيروت، في حضور بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي، النائبين جورج عقيص وسليم عون، المدير العام لوزارة الزراعة لويس لحود، رئيس بلدية زحلة اسعد زغيب وعدد من المهتمين.
بعد النشيد الوطني وفيلم قصير عن المكرَّم، ألقى رئيس معهد الكرمة والنبيذ كارلوس عضم كلمة وصف فيها الوزير وردة “بالاسم على المسمى” وعرض معرفته به و”دوره في صناعة النبيذ والكرمة وانتشار النبيذ اللبناني في عالم الاغتراب”، مشيدا بقلبه الكبير وعمله الدائم.
ثم تحدث رئيس اتحاد النبيذ ظافر الشاوي وأثنى على “الزميل في قطاع النبيذ قبل ان يكون وزيرا للثقافة، الذي لم يتردد يوما في دعم القطاع ككل وفي بذل كل الامكانيات من أجل تطوير هذا القطاع وتقويته”.
وختم: “بقيت السند الداعم للاتحاد اللبناني للكرمة والنبيذ وكم من مرة لجأت اليك طالبا مساعدتك، أكان ذلك فى اطار القطاع العام او الخاص”.
أما لحود فأعرب عن سروره لعمل الوزارة في قطاع النبيذ واصفا الوزير وردة بالجندي المجهول، وتطرق الى الصعوبات التي واجهت حملة تطبيق قطاع النبيذ منذ ال2012 ومنها محلية وادارية ولوجستية، “وكان سليم وردة يثنينا عن الاستسلام ويقول هذا القطاع فيه منتجون احترموا المواصفات فرفعوا صناعة النبيذ عاليا وفيه استثمارات وأسواق محلية وخارجية”.
وعزا التكريم لأسباب، أولها تعزيز سياحة النبيذ في البقاع وهو أول مدماك لسياحة النبيذ في لبنان وهو مشروع رائد، والثاني دوره في معهد الكرمة وسحب شقيقه عزيز من أجل التوافق، والثالث هو تنظيم أيام النبيذ اللبناني في الخارج”، وحيا وردة ودوره الانمائي في مدينته ومنحه باسم وزير الزراعة شهادة تقدير.
بدوره قال وردة: “يعزّ عليّ كثيرا هذا التكريم لأسباب عديدة منها ارادتكم ومحبتكم واصراركم. ان هذا التكريم غال جدا، ليس فقط لاقرار المراسيم والقوانين للقطاع بل لأني ابن الارض وترابها، ولاني مزارع كرمة، ولأن يدي تعرف لمسة العنقود ووجهي يعرف لفحة هواء وشمس البقاع”.
أضاف: “المكتبة الوطنية التي تجمعنا اليوم، هي معلم لبناني عريق يشكل مساحة غنية للفكر العالمي والثقافة اللبنانية، وافتخر بمساهمتي المتواضعة في اعادة الحياة لها بعد سنوات من الاهمال والنسيان”.
وتابع: “دخلت غمار صناعة النبيذ عن قناعة تامة بأهمية ان نبقى أوفياء لجذورنا وتاريخنا، وان نبقى على اتصال بأرضنا وناسنا، وان نصنع من كرومنا علامات فارقة تسجل على اسم الوطن، وهذا ما حصل، النبيذ اللبناني في نوعيته المميزة حصد جوائز عالمية وكان مصدر فخر لكل لبناني في كل العالم. وأثبت اللبناني الرائد في الانفتاح ونسج العلاقات من خلال هذه الصناعة الفريدة في مجال الذوق المرهف والحس الدقيق”.
وأشار الى ان “سر تفوقنا في النبيذ ليس فقط طاقة فكرية وصناعية، انما طاقات انسانية وروح وأيدي مجبولة بالعرق والتراب”. وقال: “من هذا المنطلق، لدي ايمان لا يتزحزح ان خير الأرض يرتد علينا، وحب الارض يرجع لنا خميرة وبركة وهذا الايمان يزيد في مثل هذه الايام الصعبة، ويقوى أمام سوداوية المرحلة وتأزم الوضع الاقتصادي في بلدنا. فإزاء انكفاء معظم القطاعات الانتاجية، لا تزال اليوم الصناعة اللبنانية وخصوصا صناعة النبيذ، مثل الأرزة في وجه الريح تواجه العاصفة وتساهم في انعاش الحركة الاقتصادية وتضخ الدم في شرايين البلد الحيوية”.
وتابع: “اؤمن بهذا البلد وفي حتمية خلاصه، واؤمن بان الانفتاح والتلاقي من قدر اللبنانيين والنبيذ الذي نفتخر بصناعته هو تجسيد مادي وروحي لهذه المفاهيم فهل أجمل وأرقى من النبيذ على طاولة التلاقي ومشاركة الافراح والأفكار وقبول الاخر؟ اؤمن بكل هذه القيم التي تربيت عليها في بيت زحلاوي أصيل علمني ان النجاح المادي لا يكفي لبناء الانسان انما الاخلاق والالتزام بالآخر وبالكلمة والموقف ومساندة الضعيف والمظلوم والرجولة بمعناها العميق التي تعني الصلابة في وجه التزلف والرياء. وانسجاما مع ايماننا العميق، نعصر من قلبنا نقطة حب في كل قنينة نبيذ على نية الوطن”.
وختم شاكرا البطريرك العبسي ووزارة الزراعة وقطاع النبيذ والحضور.
ثم تحدث البطريرك العبسي وقال: “أود في هذا الحفل الكريم أن أعبر عن فرحي وافتخاري بأن يكرم واحد من أبناء عائلاتنا الرومية الملكية الكاثوليكية العريقة، معالي الوزير سليم وردة، ليس فقط لإسهامه ونجاحه في صناعة النبيذ اللبناني، بل أيضا لعطاءاته وإسهاماته في ازدهار الاقتصاد اللبناني وفي حمل اسم لبنان إلى كل مكان تذوق فيه أناس النبيذ اللبناني”.
وتابع: “إن الأمم التي تكرم أبناءها الذين عملوا بطريقة أو بأخرى على ازدهارها ورقيها، وعلى صنع حضارتها إنما هي أمم تعد بمستقبل زاهر وتدفع عجلة التطور إلى الأمام، وتشجع كل مواطن على أن يحب وطنه ويتعلق به ويعمل هو بدوره من أجل خير بلده. عائلة وردة هي من العائلات اللبنانية العريقة المشهود لها على المستوى الاجتماعي والكنسي والوطني والتي ارتبط اسمها فيما ارتبط بالنبيذ اللبناني وبالعرق اللبناني اللذين تخكى صيتهما الحدود اللبنانية، وصارا من وسائل التعريف بلبنان والجذب إليه.عائلة وردة كتب اسمها في تاريخ النبيذ اللبناني في سجل من ذهب”.
وأضاف: “في التقليد المسيحي، يرتبط النبيذ بالقمح والزيت بحيث تشكل هذه الموادَّ الأساسية التي يتغذى بها الإنسان. ويكاد لا يخلو بيت من هذه العناصر الثلاثة التي هي ثمرة تعب الناس والتي تدل على كرم الله وبركته ورضاه، والتي تدل بالفعل عينه على سعادة البيت والعائلة. وقد أشار إلى ذلك صاحب المزامير بقوله: إنك تأكل من تعب يديك فلك الطوبى والخير. امرأتك مثل كرمة مخصبة في جوانب بيتك. بنوك كفروع الزيتون حول مائدتك. هكذا يبارك الإنسان الذي يتقي الرب، يقول صاحب المزامير. على هذا النحو نفهم العادة التي جرت عليها الكنيسة في صلاة الغروب، في ليالي الأعياد الكبيرة التي تسهر فيها بالصلاة بانتظار صباح العيد، وهي أنها تبارك القمح والخمر والزيت وتقدمها للمصلين لكي يتقووا ويتمكنوا من الاستمرار في الصلاة”.
وأعلن ان “النبيذ علاوة على ذلك، مرتبط في التقليد الكتابي بالفرح، فالنبيذ هو مصدر فرح للانسان. يقول صاحب المزامير أيضا مخاطبا الله تعالى: أنت المنبت كلا للبهائم وخضرا لخدمة البشر، لإخراج خبز من الأرض، وخمر تفرح قلب الإنسان. (لإزهار وجهه بالزيت، والخبز يشدد قلب الإنسان)”.
وقال: “إن الخمر، نظير الخبز، مرتبط بحياة الإنسان بحيث إن السيد المسيح اتخذهما مادة لسر الإفخارستيا، سر القربان المقدس الذي هو السر الباعث الحياة والفرح، هكذا استطاعت الكنيسة أن تخاطب السيدة العذراء بقولها: افرحي يا عنقودا بالغا يقطر خمرة تفرح الذين يكرمونك بإيمان. شبهت الكنيسة السيد المسيح بالخمرة من حيث إنه مصدر فرح. عائلة وردة صنعت للبنان نبيذا وصنعت معه فرحا وصنعت معه مجدا. فاستحق ابنها سليم عن جدارة أن يكرم في هذا اليوم ويحق للبنان ولكنيستنا أن نفتخر ونفرح به، فله تهانينا القلبية”.
وختم: “مع تهانينا للابن العزيز سليم، نقدم الشكر الجزيل لوزارة الزراعة التي سعت فيما سعت إلى الاهتمام بالنبيذ اللبناني وإلى تسويقه في الأسواق العالمية، حيث تبوأ مكانة مرموقة، على هذه الالتفاتة الطيبة، مشجعين على المزيد من التكريم للبنانيين الذين لهم سهم في حضارة لبنان وازدهاره ورخائه. مبروك”.
الخميس 01 آب 2019