بين لبنان وصناعة النبيذ علاقة تاريخية “معتّقة” تمتد إلى آلاف السنين، ومحطات هامة أثبتت أنّ مَن تعاقب على العمل في هذه القطعة من الأرض اهتمّ بهذه الصناعة. وما تمّ اكتشافه في المغاور من الخوابي المخزّنة يؤكّد هذه النظرية.
وعلى مرّ السنوات، حافظ اللبنانيون على هذه الصناعة وطوّروها وأدخلوا عليها الطرق الحديثة حتى أضحت تضاهي بجودتها نبيذ أهم دول العالم، ودخلت في سوق المنافسة العالمي عبر تصدير أكثر من 9 ملايين عبوة سنوياً، كما أنها أصبحت تشارك الفعاليات العالمية، بحيث لا يمرّ معرض أو مهرجان إلا والمنتج اللبناني موجود.
وهذا العام كان للنبيذ اللبناني مشاركة مميزة وفعّالة في أهم معارض العالم “برو واين” ProWein الذي أقيم في مدينة دوسلدورف الألمانية، والذي شهد مستوى مرتفعاً من الطلب، أُبرمت خلاله صفقات مهمة.
المعرض أقيم بدورته الـ25، وأطلقته وزيرة الزراعة يوليا كلوكنر بحضور رئيس وزراء البرتغال أنطونيو لويس سانتوس دا كوستا، ونظيره الكرواتي أندري بلينكوفيتش، وشارك فيه أكثر من 61500 زائر من المهتمّين في هذا المجال من 142 بلداً، حيث أَبرَم أكثر من 80 في المئة منهم صفقات بيع وشراء.
وشارك في المعرض أكثر من 6900 جهة يمثّلون 64 بلداً. وأفرد المعرض مساحة خاصة للمشروبات المصنّعة يدوياً، إذ شارك أكثر من 100 جهة منتجة لهذه المشروبات.
وبدا لافتاً جداً هذه السنة الحضور اللبناني عبر “ستاند” موحّد جمعَ 8 شركات (كسارة، أكسير، أمسيات، كفريا، أديار، سان توما، توريل وأربيتاج) حيث شهد حركة لافتة، واستقطب العديد من المختصين. وقد أبدى الزوّار اهتماماً خاصّاً بالنبيذ اللبناني؛ فبالإضافة إلى تميّزه بالجودة العالية تميّز أيضاً بالسعر الأرخص إذا تمّت مقارنته بجودته.
رئيس الاتحاد اللبناني للكرمة والنبيذ ومدير عام مؤسسة كسارة ظافر الشاوي يؤكد أن لبنان يصدّر حوالي 9 ملايين قنينة نبيذ في السنة مقابل استيراد نحو 2.5 مليون قنينة، وبالتالي، فإن هذا القطاع هو من القطاعات القليلة الذي يميل الميزان التجاري لصالحه.
ويوجّه شاوي تحية إلى وزارة الزراعة التي “تهتمّ بهذا القطاع إذ تموّل كل سنة معرضاً في إحدى دول العالم، وأخيراً في الولايات المتحدة الاميركية”، مشيراً إلى مشاركتهم هذا العام في معارض في سويسرا وفرنسا والبرازيل.
ولا يغفل شاوي مساعدات غرفة التجارة والصناعة “التي تموّل النقابة بمبلغ سنوي يسمح لها في المشاركة بالعديد من النشاطات الخارجية والترويج للمنتجات اللبنانية”.
وطالب شاوي بـ”تنظيم عمليات الاستيراد كما هي الحال في غالبية دول العالم، حيث يعطى حق الاستيراد فقط للشركات المسجلة في وزارة الاقتصاد كمستورد، وعدم السماح بإدخال كميات حتى ولو كانت صغيرة، فهي تؤثّر على السوق اللبناني”.
ويكشف شاوي أن “هذا العام كان من الأفضل، وحققت الشركات المشاركة تقدماً من حيث التسويق والبيع”، داعياً إلى مزيد من الدعم لهذا القطاع.
من جهته، قال مدير المعرض هانس فيرنر رينهارد: “عندما أطلقنا هذا الحدث قبل 25 عاماً، لم يكن أحد منا يتخيّل السرعة المذهلة التي سيتطوّر فيها. لقد تطلّب ذلك جهداً كبيراً ودعماً قوياً طوال المسيرة من شركائنا ليصبح هذا المعرض خطوة خطوة أكبر ملتقى تجاري للنبيذ والمشروبات الروحية. ولدينا مشاريع مهمة للمستقبل”.
دوسلدورف- اسكندر خشاشو المصدر: “النهار” 27 آذار 2019