طلال خريس المراسل النشيط بين إيطاليا ولبنان وأرمينيا

فكتوريا موسى-Bekaa.com

يطل علينا طلال خريس من العاصمة الإيطالية روما بشكل شبه يومي، كمراسل للوكالة الوطنية للإعلام وأرمن برس وتلفزيون المنار، ليضفي لمسة مميزة في التغطية الصحافية والمواضيع المطروحة. ولعله بتسلّيطه الضوء على اهتمامات الصحافة الإيطالية والأوروبية ينتشلنا من روتين ما تنقله الصحافة المحلية في اليوميات السياسية والأمنية الممجوجة والمتكررة و”الجامدة” جمود الأوضاع في لبنان معظم الأوقات.

قد تكون تجربة طلال فريدة من نوعها. فهو لم يتمكن من إكمال دراسته في وطنه الأم بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة، واضطراره إلى العمل في سن مبكرة لدعم العائلة. لكن بفضل شغفه بالصحافة منذ صغره وإرادته القوية، تمكّن من تطوير قدراته وتحقيق قفزة نوعية بمساعدة أصدقاء لن ينساهم، متنقلا بين عدد من البلدان لتحقيق الحلم.

يقول خريس لBekaa.com: “أحببت الصحافة وأعمال الطباعة في سن مبكرة، وما زلت أشم رائحة الحبر والورق. كنتُ أحيانًا أنام بين لفائف الورق العملاقة وعلى وقع صوت ماكينة الطباعة الضخمة التي كانت تطبع جريدة “الهدف”. وبعدها تمكنت من العمل في عدد من دور الطباعة في لبنان حتى بلوغي السادسة عشرة التي أعتبرها سنة الإنطلاقة. عملت ذلك العام في جمعية “Vahan Tekeyan” التابعة لحزب “رامغافار” وكانت مهمتي نقل المواضيع التحريرية والصور الخاصة بصحيفة “Zartounk” إلى المطبعة. كان مدير التحرير وقتها الراحل نازاريت هوبكيان الذي أكن له محبة كبيرة.

يضيف: “في الجمعية قابلت فتاة لن أنساها أبدًا، كان اسمها “أراكس” وكانت تتردد لتعلم الموسيقى. وقد قدّمت لي الدعم المعنوي لإكمال الطريق الصعب. في تلك الفترة، طلبت الجمعية لقاء والدي معلنة عن مفاجأتها تقديم الدعم المادي لإنهاء دراستي الثانوية. وقتها أبلغ هوبكيان والدي أنه لا يريدني أن أتخلى عن العمل الذي أعشقه، شرط عودتي إلى الدراسة على حساب الجمعية. وبفضل دعم “Vahan Tekeyan”  ووقوف أراكس إلى جانبي، كنت أعمل نهارا وتمكنت في الوقت نفسه من معاودة الدراسة في المدرسة الليلية على الرغم من ضيق الوقت.”

بعد الثانوية حصل خريس على منحة لدراسة العلاج الفيزيائي في بلغاريا. وفي أحد الأيام، تلقّى نسخة من صحيفة “Zartounk”، تم ذكره في افتتاحيتها، إذ كتب هوبكيان قبل أن يعلم بأن خريس أنهى دراسته: “نفتقدك كثيرًا، الكل يتذكرك ويريد أن يراك صحافيًا لامعاً”. في تلك اللحظة يستدرك: “عادت كلمات أراكس إلى ذهني: “يجب أن تدرس وتتعلم فن الكتابة الصحفية كي تدافع عن القضية الأرمنية”.

ومذذاك، قرّرت توجيه دراستي نحو العلوم السياسية واخترت “إيطاليا” وجهتي ووضعت الصحافة نصب عيني. وما زالت تربطني أفضل العلاقات بصحيفة “Zartounk” التي أكتب لها أحيانا وأعتبر مديرها الحالي سفاك هاغوبيان مديري وصديقي.

في عام ١٩٨١ ضرب زلزال قوي منطقة “إربينيا” في جنوب إيطاليا، فبدأ خريس بتغطية الحدث لصحيفة “السفير” وبقي مراسلها طوال خمس وعشرين سنة.

يتابع: “أجمل تجربة في حياتي كانت مع الأستاذ طلال سلمان. إنه إنسان رائع وكان يستمتع بأخبار إيطاليا. وفي إيطاليا بلدي الحبيب، أدين لكثيرين بالنجاح من بينهم الأستاذ سعد كيوان الذي كان الصحافي العربي الأبرز في روما حينذاك، وكانت الصحافة الإيطالية تنتظر ما يكتبه كيوان عن الشرق الأوسط وتنسب له المصادر وتنشر مقالاته. وكم كان مشجعا وداعما لمسيرتي.”

يشكر طلال خريس مديرة الوكالة الوطنية للإعلام لور سليمان لثقتها ودعمها الكبيرين. فهي من دفعت باتجاه تعيينه مراسلا للوكالة في إيطاليا. وهي مهمة غير سهلة برأيه خصوصا أن تعيينه لم يندرج ضمن تعقيدات التوزيع الطائفي. كما أنه أول مراسل غير مسيحي معتمد من لبنان في الفاتيكان الأمر الذي يشكل سابقة لكون معظم المراسلين المعمتدين من لبنان هم من الآباء.

علّمت الحرب السورية خريس الكثير بعدما عمل مراسلا لعدد من وسائل الإعلام الإيطالية منذ ٢٠١١. ولاحقا، عُيِّن مسؤول العلاقات العربية في الكونفدرالية العامة الإيطالية التي تضم بين ثناياها خمسة ملايين منتسب.

ولم ينس خريس لبنان وجذوره، فهو من مؤسسي جمعية الصداقة الإيطالية العربية ويتولى إدارة موقعها الإلكتروني المتعدد اللغات والمتخصص في تغطية شؤون المشرق في إيطاليا.

حققت جمعية الصداقة الإيطالية العربية العديد من المشاريع التنموية وساهمت في إعادة اللحمة بين اللبنانيين من الجبل المقيمين في إيطاليا مسلمين ومسيحيين بتمني من رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط وأمين السر آنذاك شريف فياض.

يختم المراسل النشيط: بعد أكثر من 30 عامًا أنا متصالح مع نفسي وما زلت شغوفا بالحقيقة والأخلاقيات الصحافية. لكن تزعجني السرقة الصحافية وعدم ذكر المصدر كما يحصل في وسائل الإعلام اللبنانية. ويزعجني أيضا أن يرفض البعض إعطاء مساحة للشباب الكفوئين والمستعدين لتكريس مواردهم لنشر الحقيقة. فعندما ترى الشباب والشابات مسلحين بهذا الشغف الذي يظهر في عيونهم، فإن الأمر يستحق التشجيع.

Bekaa.com

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *