فكتوريا موسى Bekaa.com –
فيما يستمر الاشتباك السياسي الذي يعيق تشكيل حكومة جديدة تحظى بثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي، يواصل الدولار قفزته متخطيا سقوفا جديدة، تزامنا مع ارتفاع اسعار السلع الاساسية والحديث عن قرب رفع الدعم عنها.
في هذا السياق، رأى الخبير في الشؤون الاستراتيجية والمحلل الاقتصادي الدكتور سامي نادر في حديث لموقعنا اننا مقبلون على مرحلة اقتصادية واجتماعية صعبة جدا لن تنفع معها المعالجات التقليدية،وقد لا ينفع معها أيضا تشكيل حكومة بالمعايير التقنية الاكثر انضباطاً.
فالليرة اللبنانية تخسر بشكل متسارع جزءا كبيرا من قيمتها، والدولار الاميركي بات يحلق بلا سقف متخطيا المستويات السابقة، وهو متأهب اليوم لملامسة سقوف عالية جديدة، بعدما بلغ انهيار الوضعين الاقتصادي والمالي قعرا عميقا ساعدت في شدة انحداره الازمةُ السياسية (الحكومية) وابتعاد المجتمعين العربي والدولي عن فرملة هذا الانحدار.
ولن يكون مستغربا، بحسب الدكتور نادر، ان يلامس الدولار الامريكي قريبا عتبة العشرين الف ليرة لبنانية.. وقد سبق لبنك اوف اميركا ان توقع سعر صرف يصل الى 46000 ليرة..
واستبعد نادر تحليلات تعزو ارتفاع سعر صرف الدولار لألاعيب سياسية، معتبرا ان أحداً، مع الأسف، لم يعد يملك هذا “الترف”!
أموال الدعم قد لا تصمد لشهرين
في موضوع رفع الدعم من دون اعلان مصرف لبنان صراحة عن ذلك، اعتبر نادر أن رفع الدعم بدأ بمجرد الكلام عن ادارة السيولة فيما تهريب البضائع المدعومة الى سوريا مستمر، واصبح واضحا بمجرد استمرار ارتفاع اسعار المحروقات والطحين وغيرها الى هذه المستويات التي لا قد تتناسب تماما مع ارتفاع الاسعار عالميا”. وقال: “لا نعلم شيئا عن خسارات مصرف لبنان فهو لم ينشر حسابات الربح والخسارة منذ خمس سنوات. وبرأيي فإن ما بحوزته اليوم من الاحتياطي لا يتجاوز 8-9 مليارا.. ما يعني أننا على قاب قوسين أو أدنى من توقفه عن دعم أي شيء. برأيي أموال الدعم لن تصمد اكثر من اربعة او خمسة اشهر.. بل ربما لن تصمد حتى لشهرين!
وتابع: “هناك انسداد كامل في الافقين السياسي والاقتصادي بغياب اي خطة طريق، فيما الاساسيات كلها باتت على الخط الأحمر، كميزان المدفوعات مثلا وقد اصبح العجز يشكل 60 في المئة من الناتج المحلي … وعجز ميزان المدفوعات يعني ان كميات الدولار التي تخرج من السوق اكبر بكثير من الكمية التي تدخل وهذا امر خطير… اضافة الى ذلك، لم يعد مصرف لبنان قادرا على ضخ الدولار من الاحتياطي الالزامي خصوصا بعدما تبين ان هذا الاحتياطي هو بالاحرى ودائع الناس!
وشرح: في السابق، كان عجز الميزان التجاري بحدود ال 20 مليارا وكانت عائدات لبنان من الخارج بحدود 8 مليار (15% من الناتج المحلي)، وكانت لدينا سياحة جيدة، فضلا عن الاستثمار الخارجي المباشر وتدفق ودائع المغتربين نتيجة رفع اسعار الفائدة. ولكن معظم ذلك توقف. في سنة 2011 بدأت الامور تتغير مع بداية الحرب السورية وبدأ الضغط على الليرة يتضاعف وزاد عجز ميزان المدفوعات حتى وصل الى ما هو عليه.. اليوم مع التقشف بتنا نستورد بحوالى 8-9 مليار دولار في السنة (أقل من نصف ما كنا نستورده في السابق)، ولكن مع ذلك لم يتقلص العجز…
للدعم الخارجي شروط سياسية
يرى نادر ان المعضلة الكبرى هي في جلب العملات الخارجية لحل جزء من المشكلة المالية العميقة. ويضيف ان المبادرة الفرنسية كانت الفرصة الوحيدة التي تفتح مجالا لبرنامج مع صندوق النقد الدولي. ولكن بإضاعة هذه الفرصة، يخشى اليوم ان لا تبدأ الامور بالاصطلاح الا من خلال الخضوع المباشر لشروط وبرنامج صندوق النقد. ولم تعد المسألة في القيام بالاصلاحات فقط كما كان الحال مع مؤتمر سيدر. فللصندوق، الى جانب الاصلاحات الأساسية القاسية، شروط سياسية يلوّح بها، وهذا ما كنا نخشاه بعدما حذرنا قوى 8 اذار منه عندما أوقفت التفاوض على الحكومة مع الفرنسيين بانتظار الانتخابات الاميركية واتضح ان الفرنسيين والاوروبيين عموما ليسوا مختلفين مع الموقف الاميركي بالحد الادنى من حيث شروطهم السياسية لناحية ترسيم الحدود والتفلت من الشباك الايرانية وتغليب النأي بالنفس.
السعودية لن تمنحنا اي وديعة
وعن الدعم العربي، شكك نادر بامكانية الاتيان بدعم مالي عربي او خليجي بمجرد تشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين “لأن المملكة العربية السعودية لن تمنحنا اي وديعة وقنابل الحوثيين تنهال عليها. فهامش التسامح السعودي ضاق كثيرا مع وصول الادارة الجديدة واندلاع حرب اليمن..”
الخميس ١٨-٢-٢٠٢١ Bekaa.com