حدد رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل، في مؤتمر صحافي، “المسؤوليات وخريطة طريق إنقاذية”، داعيا الى “الشروع في الإصلاحات والتوجه الى انتخابات نيابية مبكرة ورفع وصاية حزب الله”.
بداية، حيا الجميل “كل الطاقم الطبي الذي يعمل ليل نهار لحماية اللبنانيين ومساعدة المرضى في كل المستشفيات، ولكل من يعمل حتى في أيام التعبئة العامة من القوى الأمنية والجيش، وفي قطاع الغذاء ولا تطبق عليهم التعبئة العامة، ويقومون بعملهم لتأمين المواد الغذائية في هذا الظرف، وكذلك الأساتذة الذين يعلمون الطلاب عبر الانترنت، وهذه الفترة صعبة بالنسبة إليهم، وأيضا كل اللبنانيين الصامدين في بيوتهم والقلقين على مستقبلهم ويعانون من وضع معيشي واقتصادي استثنائي وصعب جدا”. وقال: “نتواصل مع الناس ونرى حجم الكارثة التي بدأت قبل كورونا، وتطورت بعد هذا الفيروس”.
وقال: “الموازنات التي أقرت بإجماع مجلس النواب منذ 2017 الى 2020 واعترض حزب الكتائب عليها كلها، هي التي خلقت الفجوة في الموازنة العامة، وأدت الى ثغرة في سلة الدولة، بالإضافة الى القروض والمشاريع التي أقرت في السنوات الأربع، مع العلم بأننا دولة مفلسة، ونحن نحذر منذ أربع سنوات من أن البلد متجه الى الإفلاس، وحذرنا من الموازنات الوهمية والقروض التي تفوق قدرة الدولة على تحملها، ولكن على الرغم من ذلك، أقرت بإجماع مجلس النواب واعترضنا، مما أدى إلى طعننا بالموازنة ورفضنا التصويت عليها”.
أضاف: “هذه الموازنات والقروض أقرت بإجماع مجلس النواب، ولا يمكن لأحد التنصل والقول إن لا علاقة له بها، وهي عبارة عن أرقام وهمية، وظائف وهمية، مشاريع جزء منها وهمي ولا حاجة له، البواخر، وكل التجاوزات التي رأيناها في المالية العامة، موجودة في قوانين الموازنات التي أقرت في المرحلة الماضية. كل الأرقام كانت خاطئة، مما تسبب بعجز، وباتت الدولة في حاجة إلى مزيد من الديون والأموال، لأنها كانت تصرف كل هذه الأموال. ولتمويل كل المشاريع، في وقت ميزان المدفوعات بات سلبيا، استعين بأموال المودعين. الشعب وضع أمواله في المصرف الذي دين الدولة بشكل مباشر عبر شراء سندات خزينة أو عبر وضع الأموال في مصرف لبنان الذي دين بدوره الدولة أموال المودعين. فأموال المودعين ذهبت لتمويل سوء إدارة الدولة وكل الأخطاء والأرقام والوظائف والمشاريع الوهمية، واليوم اللبنانيون غير قادرين على سحب أموالهم لأنها صرفت على تمويل المشاريع والموازنات الوهمية”.
وتابع: “كل ليرة تصرفها الدولة تدفع من الودائع، وكل ما نراه اليوم من مساعدات هي من أموال المودعين، بالإضافة الى تمويل عجز الدولة والمشاريع الوهمية، استعمل مصرف لبنان جزءا من أموال المودعين لتثبيت سعر الليرة بكلفة باهظة، وهذا ما رأيناه من خلال الهندسات المالية التي كان الهدف منها إدخال الدولار الى البلد بفوائد عالية، وسميت الهندسات المالية لمصرف لبنان”.
وعن تحديد المسؤوليات، سأل: “كيف وصلنا الى مكان لم يعد هناك دولار في البلد والدولة تصرف أكثر بكثير من إمكاناتها ومن المسؤول، وكيف وصلنا الى استعمال أموال المودعين؟ السلطة السياسية وسلطة التسوية التي جمعت كل الأحزاب، هي مسؤولة في الدرجة الأولى لأنها تعرف وضع الدولة وإمكاناتها وأن الصرف يتم من أموال المودعين، وعلى الرغم من ذلك، أقرت الموازنات الكارثية وأكملت كأننا في سويسرا، وبالتالي المسؤولية الأولى والأكبر على السلطة التي لم توقف التوظيف وأكملت المشاريع من دون أي مسؤولية. أما المسؤولية الثانية فعلى حزب الله، لأن السيولة التي كانت تدخل الى لبنان توقفت بمجرد ان حزب الله وضع يده على القرار ودخل حال عداء مع الدول العربية والمجتمع الدولي والولايات المتحدة وأوروبا، ولم يعد أحد يتجرأ على وضع المال في لبنان والمصارف باتت تحت العقوبات والرقابة، ورفضوا استثمار أموالهم في لبنان، تحت إطار سلطة يسيطر عليها حزب الله. وعزل لبنان عربيا ودوليا، بسبب هيمنة حزب الله وتصرفاته على صعيد المنطقة والداخل، من دون التقليل أيضا من أهمية السياحة العربية التي كانت تعوم الاقتصاد وتدخل الدولار الى البلد، وقد توقفت أيضا”.
ولفت الى أن “مصادر دخول الدولار، السياحة أو المودعين الذين يضعون أموالهم من الخارج أو الشركات التي تستثمر في لبنان، أو كل ما له علاقة بالاغتراب اللبناني ووضع الأموال في المصارف اللبنانية”.
وحمل الجميل “مصرف لبنان المسؤولية الثالثة لأنه كان يعرف أن الدولة تصرف من أموال المودعين وأنها مفلسة، وعلى الرغم من ذلك، استمر في استعمال أموال المودعين والمصارف لتمويل عجز الدولة وفسادها والهدر. ولم يكن مصرف لبنان لوحده، ففي القطاع المصرفي هناك من تواطأ معه، ولكن أيضا هناك من لم يتواطأ معه، إذ لا يجب التعميم في هذا الإطار”.
وشدد على أن “المصرفي يجب أن يتصرف كأب صالح وهذا ما لم يحصل، ومصرف لبنان كان يجب أن يضع الدولة أمام مسؤولياتها ويقول لها إنه لا يمكن السماح باستخدام أموال الناس لتمويل دولة لا تمتلك وعيا ولا مسؤولية، بل على العكس، أعطى الدولة الأموال من دون شروط”.
وقال: “انطلاقا من توصيف الواقع والمسؤوليات المحددة، أتوجه اليوم اليكم بألا تسمحوا لأحد بأن يكذب عليكم ويرمي المسؤولية على غيره، فهناك فريق حكم البلد خلال الفترة السابقة وعليه تحمل مسؤولية المكان الذي وصل اليه البلد، ويجب ألا يوهمكم أحد أنه ضد المس بأموال المودعين والهيركات، فهذا كله وهم، فاليوم يتم المس بأموال المودعين. منذ 17 تشرين يتم المس بأموال المودعين بمجرد وجود سعرين للصرف، أي أن الهيركات حاصل على كل اللبنانيين من دون استثناء، وهو على نصف أموال الناس، إذ بعملية الصرف نخسر نصف قيمة أموالنا، وكل الكلام فوق السطوح كلام فارغ”.
أضاف: “إذا أردنا الخروج من هذه الأزمة، يجب تحمل مسؤولياتنا وقول الحقيقة للناس، لأن الكذب لا يفيد وكلنا نعاني من الازمة. هناك ضرورة لوجود سلطة تأخذ ثقة اللبنانيين، لأن المرحلة المقبلة تتطلب قرارات جريئة وجذرية، وأي سلطة غير نابعة من إرادة اللبنانيين غير قادرة على أخذ هذه القرارات، لهذا السبب اليوم وأكثر من أي وقت، هناك ضرورة لإجراء انتخابات نيابية مبكرة لتشكيل حكومة جديدة نابعة من إرادة اللبنانيين ومسلحة بالشرعية، تأخذ قرارات جذرية وأساسية وتنقل البلد الى مكان آخر”.
وأشار الى أن “الحكومة الحالية بينت أن القرار السياسي ليس بيدها، وكلما حاولت أخذ خطوات، تراجعت عنها، من الكابيتال كونترول الى التعيينات القضائية وصولا الى الخطة الاقتصادية، وفي هذا الظرف لا يمكن أن تستمر سلطة تحت وصاية سياسية لديها حسابات واضحة”.
ودعا إلى “إعادة تكوين السلطة في أسرع وقت، وهناك قانون تقدمنا به منذ سبعة أشهر لإجراء الانتخابات في أيار، واليوم، يجب تغيير التاريخ لإجرائها في تشرين، وفي هذه الفترة على الحكومة ان تبدأ بوضع القطار على السكة”.
وطالب ب”وقف كل صرف لا حاجة له واختصاره بمساعدة الناس للصمود في هذا الوضع، وثانيا البدء بإصلاح الإدارة من خلال تنظيف القطاع العام من الوظائف الوهمية، الى مشكلة كهرباء لبنان والأموال المنهوبة، ويجب أن نكون جديين ونكلف شركة تدقيق دولية لتتبع كل المشاريع التي قامت بها الدولة في السنوات الماضية واسترداد الأموال التي وزعت على سياسيين أو شركات وغيرها، فلغاية اليوم، لم تتخذ أي خطوة تظهر أن الدولة تقوم بعملها”.
وتابع: “لا يمكن الحديث عن هيركات من دون إجراء كابيتال كونترول، في وقت كل أصحاب النفوذ الذين يجب أن يطبق عليهم الهيركات هربوا أموالهم من لبنان، فعلى من سيطبقون الهيركات؟ هل على من لم يتمكن من تهريب أمواله أو لا يملك الواسطة الكافية؟”
وقال: “بالإضافة الى تشكيل سلطة جديدة، على حزب الله رفع وصايته عن الدولة والسماح بتشكيل حكومة مستقلة تتعاطى مع المجتمع الدولي، وهناك مسؤولية كبيرة على حزب الله ليترك البلد يقف على رجليه. وثالثا، يجب إعادة تحصين القطاع المصرفي، لأن البلد لا يقوم من دونه، مع محاسبة المصارف والمسؤولين في مصرف لبنان، بدءا من الحاكم وكل الذين أساءوا إدارة المرحلة الماضية، وهذا التحصين يجب وضع خطة له لحماية القطاع المصرفي والقطاع الخاص في آن”.
وأضاف: “هذه الاجراءات التي يعتبرها البعض خيالية، يجب أن نحولها الى حقيقة لإنقاذ الشعب. لا نملك إلا ترف القيام بالمستحيل لخلاص البلد، فإما نحول هذا المستحيل الى حقيقة لحماية الناس وإلا فالافلاس لن يوفر أحدا. والقرار يجب أن يكون عند الشعب عبر الانتخابات النيابية”.
وختم الجميل: “في هذا الظرف، لا مكان للحسابات السياسية الضيقة، فالوقت اليوم مناسب لنرى كيف سننقذ السفينة التي تغرق، وكل ما عدا ذلك، تضييع للوقت وسيؤدي الى أزمات أكبر من التي نعيشها”.
السبت 18 نيسان 2020 الوكالة الوطنية للإعلام