روما – طلال خريس – ترأس الوكيل البطريركي لدى الكرسي الرسولي في روما المطران يوحنا رفيق الورشا، قداسا لمناسبة عيد الميلاد المجيد، عاونه فيه آباء المعهد الأنطوني في روما.
بعد الإنجيل المقدس، تحدث الورشا في عظته عن زيارة قداسة البابا فرنسيس لبنان في أقرب وقت، “لأن قداسته، كما جاء في رسالته، منزعج مما يعانيه لبنان”. وقال: “عبر البابا عن محبته للشعب اللبناني، ووجه نداء جديدا إلى المجتمع الدولي لمساعدته في البقاء خارج الصراعات والتوترات الإقليمية والتعافي”.
وللمناسبة، استمعت “الوكالة الوطنية للاعلام” إلى بعض آراء الحاضرين في القداس عن زيارة البابا لبنان، فماريا وهي فتاة إيطالية من أصل لبناني، لم تتمكن من حبس دموع الفرح وقالت: “كنت حزينة جدا، ولا أرى بصيص أمل. رسالة قداسة البابا أسعدتني. إنها نور في نفق الظلام”.
وقال شربل عيد: “كما قال سيدنا المطران الورشا، إنها رسالة مميزة يجب التمعن بها نظرا إلى أهميتها، والأهم أن يسمعها المسؤولون في لبنان ويدركوا أنه إذا ما ساعدنا أنفسنا فلا أحد سيساعدنا. إنها رسالة خير وسلام. أتمنى أن يزور لبنان قريبا”.
أما المسؤول عن الانتشار الماروني في روما الدكتور فيكتور طراد، فقال: “إنها رسالة معبرة، وبخاصة أن البابا خص لبنان بها في يوم عيد الميلاد. كل ذلك يبرهن عن قربه من لبنان وقلقه الشديد ازاء كل ما يتعرض له، وهو شدد في رسالته على حياد لبنان، الحياد الذي يدعو اليه البطريرك الراعي حتى يبقى لبنان بعيدا من مشاكل المنطقة وصلة وصل مع جميع الأديان السماوية. وشكلت رسالة الحبر الأعظم في هذا العيد قيمة إضافية لإعادة البسمة للملايين، على الرغم من كل المعاناة، فهو أعطى هذا العيد رمزية رائعة”.
المطران الورشا
وقال المعتمد البطريركي لدى الكرسي الرسولي في الفاتيكان يوحنا الورشا في حديث ل “الوكالة الوطنية للاعلام”: “بالطبع لا يقتصر دور الفاتيكان على وقوفه إلى جانب لبنان بمواجهة شتى الصعوبات، وهو عمل ويعمل على وحدة الطوائف اللبنانية، ويعتبر مكوناته الدينية المختلفة نموذجا للتعايش، بل له علاقات دولية مميزة في الأمم المتحدة، علاقات قوية مع الدول الكبرى التي تكن الاحترام والتقدير للكرسي الرسولي. إلا أن شأن الفاتيكان شأن كل الدول التي تطالب اللبنانيين بمساعدة أنفسهم قد يساعدوا من قبل الآخرين. الفاتيكان ككل الدول مثل فرنسا، يدرك أهمية تحقيق إصلاحات جذرية تمكن لبنان من النهوض، إصلاحات لضخ الدم الجديد في عروق المؤسسات عبر تجديد الطبقة السياسية وإنهاء حالة الفساد المستشري. لذلك تجد في العديد من المناسبات قداسة البابا يتوجه للأمم المتحدة وللمجتمع الدولي، كما نرى أيضا غبطة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي يتوجه للأمم المتجددة والمجتمع الدولي مطالبا بمساعدة لبنان.
ويضيف: “اهتمام الكرسي الرسولي بلبنان، لم يقتصر على الوقوف الى جانب الشعب، بل كان الباباوات يحضون المجتمع الدولي على مساعدة لبنان عبر لقاءاتهم مع رؤساء الدول الكبرى والمعنية بإيجاد حلول لأزمة لبنان ووقف النزاعات فيه”.
ويذكر الورشا ب”متانة علاقة الفاتيكان مع الكنيسة المارونية وبقية الكنائس والمؤسسات الدينية الأخرى ولبنان الرسمي”، ويذكر أن “الراعي، ليس فقط بطريركا للبنان وسائر المشرق وأنطاكيا، بل هو أيضا رئيس مجلس بطاركة المشرق الكاثوليك”.
ويلفت الى أن “بروز اهتمام الكرسي الرسولي قوي بلبنان منذ أن تعرض لأزمات كبيرة تهدد وجود المسيحيين في المشرق وتهدد نموذج العيش المشترك بخاصة بعد الحرب الأهلية العام 1975 وبدء أعمال العنف والتهجير. كان قداسة البابا بولس السادس أول بابا وطأت قدماه التراب اللبناني في العام 1964، ولم تكن زيارة رسولية بل كانت محطة خلال توجهه إلى بومباي في الهند. ورغم أن حضوره استغرق ساعة واحدة فقط إلا أن هذا الحدث ظل مطبوعا في أذهان اللبنانيين، قبل اندلاع الحرب الأهلية”.
وأطلق البابا يوحنا بولس الثاني السينودس الخاص بلبنان، وهي أول خطوة من نوعها على الصعيد الكنسي التي ترجمت هذه الرعاية. وشهدت الفترة الممتدة بين 1993 و1995 تفعيلا للاجتماعات في لبنان تحضيرا للسينودس الذي اتخذ أبعادا استثنائية في لبنان والدول المعنية بقضيته. وشكلت الزيارة البابوية للبنان منعطفا من ناحية الاهتمام به، وفي أيار 1997 تمت الزيارة البابوية الأولى، والتي أثبتت للبنانيين حرص الكرسي الرسولي على العلاقات مع جميع الطوائف اللبنانية ولقاء جميع القيادات الروحية، علما أن ممثلين عن الطوائف الإسلامية شاركوا في السينودس. لذلك كرس القديس البابا يوحنا بولس الثاني في رسالته مفهوم العيش المشترك في لبنان وطن الرسالة بمفهومه الحقيقي.
واستمر البابا بنديكتوس السادس عشر على النهج نفسه الذي قام العام 2012 بزيارة لبنان وجاء حاملا الإرشاد الرسولي للسينودس من أجل الشرق الاوسط، عاكسا استمرار اهتمام بابوي متصاعد بالقضية اللبنانية عبر عنه البابا نفسه بقوله إن التوازن اللبناني الشهير، والراغب دائما أن يكون حقيقة واقعية، سيتمكن من الاستمرار فقط بفضل الارادة الحسنة والتزام اللبنانيين جميعا”.
ويقول الورشا أن “قداسة البابا فرنسيس رغم اهتمامه الكبير بلبنان، لم تتسن له فرصة القيام بزيارة رسولية له على غرار أسلافه الثلاثة مع ذلك لا يخفى على أحد حرص الحبر الأعظم فرنسيس على العلاقة مع لبنان والحوار الإسلامي – المسيحي في منطقة الشرق الأوسط عموما وفي لبنان على خصوصا”.
ويذكر بأول يوم جمعة عظيمة في حبريته، بعد أيام قليلة من انتخابه في العام 2013، بتأملات رتبة درب الصليب في الملعب الروماني ال قديمColseum بروما، والتي أعدها شبان لبنانيون.
ومما جاء في هذه التأملات: “فلتكن دماء الشهداء الأبرياء بذرة لشرق جديد أكثر أخوة وسلما وعدالة، كي يتمكن هذا الشرق من استعادة رونق وجمال دعوته كمهد للحضارات والقيم الروحية والإنساني. ولا تمر مناسبة الا ويذكر فيها البابا فرنسيس لبنان”.
وعن العلاقة بين الرهبانية المارونية في روما والكنيسة الإيطالية والمجتمع المدني، قال: “إنها علاقة لها جذور عميقة، ليس فقط مع الكنسية الكاثوليكية بل مع المجتمع الإيطالي، بعد الانفجار الذي ضرب بيروت في الرابع من أب الماضي عبر عدد كبير من الإيطاليين عن حزنهم العميق تجاه لبنان، وكانوا يطلبون منا أسماء مؤسسات يرسلون لها المساعدات المالية والعينية. استطعنا كرهبانية بالتعاون مع بعض الآباء إرسال بعضها للبنان. يستمر آباؤنا بالتعاون مع الكنائس الإيطالية لتقديم مزيد من المساعدات”.
السبت 26 كانون الأول 2020 الوكالة الوطنية للإعلام