يعيد لبنان حمل خطته، التي كان وضعها قبل سنتين للاستجابة للحاجات الاكثر الحاحاً التي خلفتها الأزمة السورية في لبنان، الى مؤتمر بروكسل الثالث الذي يعقد ايام الثلثاء والاربعاء والخميس، تحت عنوان “دعم مستقبل سورية والمنطقة”.
وتهدف الخطة اللبنانية، التي تمتد الى العام 2020، الى الحصول على المساعدة لـ3.2 مليون شخص محتاج في لبنان. وتشمل “دعم 1.5 مليون لبناني ضعيف، و1.5 مليون لاجئ سوري، وأكثرمن 208.000 لاجئ فلسطيني.
ويشير مدير الابحاث في معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية وهو منسق مبادرة الجامعة الاميركية في بيروت من اجل اللاجئين ناصر ياسين الى ان “مع مرور 8 سنوات على الازمة السورية فإن اللاجئين السوريين ازدادوا انهاكاً ويستمر مستوى الفقر في التدني بينهم ليشمل 70 في المئة من اللاجئين”.
والمفارقة التي يتوقف عندها ياسين ان المؤتمر ينعقد في “لحظة اشتباك سياسية داخل لبنان بين فريق يريد اعادة سريعة للاجئين السوريين الى بلدهم وبين فريق يتمسك باحترام حقوق اللاجئين وحقوق العودة الكريمة والأمنة الى داخل سورية”.
وقال مستشار رئيس الحكومة لشؤون اللاجئين نديم المنلا خلال اجتماع تحضيري لمؤتمر بروكسيل – 3 مع ممثلي المجتمع المدني إن “لبنان اكد في مؤتمري بروكسل السابقين أنه ليس البلد الوحيد الذي لم يعد باستطاعته تحمل عبء النزوح، لكن الازمة لم تعد انسانية فقط، بل اصبحت أزمة استقرار لبنان ونموه والمحافظة على الحد الادنى من الاستقرار فيه”.
وكان رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي يتوجه الثلثاء الى بروكسل لترؤس وفد لبنان الى مؤتمر بروكسل، شدد خلال عرض ورقة لبنان الى المؤتمر قبل اسابيع على انه “في ظل الحديث المتزايد هذا العام عن عودة اللاجئين السوريين الى وطنهم، والتي نتمنى بأن تتأمن مقوماتها لتتم بأقرب وقت ممكن، هناك خطورة من اعتبار هذه العودة وكأنها حصلت فعلاً أو ستحصل في القريب العاجل، وبالتالي غض النظر أو تجاهل حاجات اللاجئين السوريين في لبنان وحاجات المجتمعات المضيفة المتزايدة باستمرار”.
وكشف ياسين لـ”الحياة” عن ان لبنان الرسمي يتخوف من “اتجاه لدى الدول الاوروبية المانحة من ان تدمج ما بين تقديماتها الى لبنان في شأن اللجوء السوري وما بين تقديماتها لمؤتمر سيدر لدعم لبنان”.
وقالت ممثلة جمعية Save the children في لبنان جويل بسول “ان لبنان يطلب التمويل الاعلى من مؤتمر بروكسيل فهو يطلب 1.2 بليون دولار لمساعدة المجتمعات المضيفة وبليون دولار لمساعدة اللاجئين السوريين على ارضه، وهو يضيف الى هؤلاء مطلب مساعدة اللاجئين الفلسطينيين في ظل تراجع تقديمات اونروا”.
وسألت بسول: “اين تذهب الاموال التي يحصل عليها لبنان؟ طالما ان 93 في المئة من اللاجئين السوريين يتواجدون في المدن اي انهم يدفعون نفقات المسكن والكهرباء والاتصالات ولا يحصلون على اي مساعدة لذلك”.
ولفتت بسول الى “ان مجموع الولادات المسجلة في دول اللجوء منذ نشوب الازمة في سورية وحتى الان بلغ مليون طفل سوري ولدوا بعيداً عن بلدهم وفي لبنان تم تسجيل 178 الف مولود سوري حتى الان خلال هذه الفترة”.
وشددت بسول على “ان الوفد اللبناني ووفد المجتمع المدني اللذين سيشاركان في مؤتمر بروكسل – 3 سيعملان على الفصل ما بين تقديمات بروكسيل وبين مؤتمر سيدر حتى لا تتحول قضية اللاجئين السوريين الى قضية تنموية”.
ويرى ممثل جمعية “ألف” للحماية القانونية جورج غالي “ان برنامج اعادة توطين اللاجئين السوريين في دول غربية تراجع خلال الاعوام الماضية. في العام 2016 تم اعادة توطين 18279 سورياً وفي العام 2017 تراجع الرقم الى 12095 لاجئاً وفي العام 2018 تراجع الى 8701 لاجئاً فقط ما يعني ان المجتمع الدولي يحاول التهرب من مسؤولياته لاستيعاب الثقل الديموغرافي للاجئين في دول الجوار السوري”.
وكان المانحون الدوليون تعهدوا خلال مؤتمر بروكسل – 2 بمبلغ 4.4 بليون دولار لدعم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة – داخل سورية وفي المنطقة خلال عام 2018″. ويعتبر الاتحاد الأوروبي أكبر مانح للمساعدات في العالم، وكان أوضح مراراً أن دعمه لإعادة إعمار سورية متوقف على عملية سلام تقودها الأمم المتحدة لإنهاء الحرب.
ويعيش اللاجئون السوريون في لبنان وحتى العمال السوريون الحاصلين على اقامات رسمية اجواء من العنصرية في ظل الانقسام السياسي حول اعادتهم. وتتجلى هذه الاجواء في اقفال محلات يحاولون فتحها او توقيفات للاجئين تعذر عليهم الحصول على اقامة في لبنان لفقدان الاوراق الثبوتية او لعدم توافر ثمن المعاملات، ذلك ان مجانية هذه المعاملات من قبل الامن العام اللبناني مشروطة بخطوة العودة الى سورية.
وكشف عدد من اللاجئين السوريين في لبنان، لم يتم التأكد من صحة معلوماتهم، “عن اغراءات من اشخاص غير معروفين يطلبون من اللاجئين بيع اراضيهم في سورية مقابل الحصول على تأشيرات دخول سياحية الى فرنسا على سبيل المثال ثم طلب اللجوء هناك أو لمّ الشمل”. وقال احد هؤلاء “ان لاجئين سوريين من ادلب خاضوا هذه المغامرة وجرى ارسالهم عبر بواخر شحن من مرفأ طرابلس في شمال لبنان بواسطة كونتينيرات”.
ويتمسك الجانب اللبناني بـ”المبادرة الروسية المتعلقة بعودة اللاجئين السوريين”. ويصر وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان، الذي تتولى وزارته ملف اللاجئين السوريين على “وجوب الضغط على النظام السوري من اصدقائه ومن قبل المجتمع الدولي لفتح الابواب من دون مناورة امام عودة اللاجئين، من خلال اجراءات كثيرة تظهر حسن نيته، فـ 90 في المئة من اللاجئين في لبنان يرغبون بالعودة الى سورية، وكنا شددنا على قبولنا بالتنسيق التقني مع سورية لتسهيل العودة كما فعل المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم في الفترة السابقة”.
وكان المفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي اجرى محاثات مع المسؤولين في لبنان الجمعة والسبت الماضيين بعدما زار سورية واكد “التزام المفوضية بمواصلة تقديم الدعم إلى لبنان بما يصب في خدمة كل من اللاجئين والمجتمعات المحلية اللبنانية”.
بيروت – ناجية الحصري – جريدة الحياة