البقاع الغربي -عارف مغامس
قال البروفسور غسان سكاف رئيس قسم جراحة الاعصاب والدماغ والعامود الفقري في الجامعة الأميركية في حديث إعلامي: إن العالم كله مصاب بكابوس سمي “بالكورونا الجرثومية” التي أدخلت العالم في أكبر حجر صحي في التاريخ. وقد أصيب لبنان بهذه الجرثومة الفتاكة أسوةً بباقي الدول، ولكن وطننا مصاب أيضاً “بالكورونا السياسية” و “الكورونا الإقتصادية” والتي لم نجد لها دواءً حتى اليوم.
وتابع سكاف “في الكورونا الجرثومية، بينما تشير الأرقام إلى انخفاض في عدد الإصابات المؤكدة، فإن هذه الأرقام تمثل فقط من يخضعون يومياً للاختبار. فإذا أجرينا الفحوصات بالعدد الذي يتطلبه هذا الوباء لرأينا عدد الإصابات تتعدى عشرة أضعاف الرقم المعلن. يجب على الدولة إجراء مسح مصلي شامل لاكتشاف ما إذا طور جهاز المناعة عند المواطنين، أية مضادات حيوية ممكن أن تمنع أية موجة ثانية من الفيروس واستعمال هذا المثال لعلاج مصابين آخرين، مع إمكانية هؤلاء للعودة الى العمل وإطلاق عجلة الإقتصاد. هناك حاجة وعلى وجه السرعة، وقبل فوات الأوان دعا سكاف لعزل البلدات أو الأقضية أو المحافظات بدل التلهي بالمجوز والمفرد التي تشرع التنقل والاكتظاظ. كما أن هناك حاجة لتطبيق حجر إلزامي بإشراف البلديات وعزل المسنين ما فوق ال٦٥ سنة وإجراء مسح شامل للبلدات وعزل النتائج الإيجابية بالإضافة الى عزل السجون والمخيمات.
وشدد على ان الأولوية اليوم هي للفحوصات السريعة.
وقال : أنه بالرغم من توصيات نقابة الأطباء وكثير من الجهات المعنية بالقطاع الصحي فلم تأذن وزارة الصحة بإجراء الفحوصات السريعة المخصصة للكشف عن فيروس كورونا. هذه الاختبارات لا تعد بديلة عن PCR ولكنها تأتي بنتائج بفترة ربع ساعة وكلفتها أقل من ٣ دولارات، وهي ذات مفاعيل استراتيجية ترتبط بإمكانية مسح المناطق لمعرفة حجم إنتشار الفيروس في بلدة أو قضاء أي أنها تعطي تصوراً حول الواقع الوبائي في كل منطقة. وعلى الرغم من أن الخطأ وارد فيها بنسبة ٣٠٪ فهذا الخطأ مشابه لل PCR الذي يعتمد على تقنية معينة ترتبط بطريقة الفحص وإمكانية الخطأ البشري.
وأشار سكاف الى أن عدد الاختبارات التي تتم في ألمانيا هي ٣٥٠ اختبارا أسبوعياً، وهذا ما قامت به كل من الصين وكوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة ونيوزيلاندا حيث تم إحتواء الوباء بسرعة ملفتة وبإصابات محدودة. كما يؤدي هذا الإجراء الى تجنيب نظام الرعاية الصحية من الوصول الى حالة نقص في أجهزة التنفس الاصطناعي في حال تفشي الوباء مما يتيح لنا معرفة المدة الزمنية لتضاعف عدد الحالات التي تحتاج الى عناية فائقة مما يعفي الأطباء من أن يأخذوا على عاتقهم قرار أحقية بعض المرضى بأجهزة التنفس الاصطناعي.
وفي الكورونا السياسية قال سكاف” كورونا، هذا الوباء الذي استطاع أن يفرمل كل أحلام الكون هل سيقضي كلياً على أحلام اللبنانيين؟
إن المشكلة في لبنان ليست في سوء الطالع إنما في سوء الادارة فالكورونا هي كارثة عالمية أما باقي الكوارث فهي من صنع أيادينا. إن زمن آلام لبنان تمدد ولا نعرف ما إذا كانت القيامة ستتحقق فعلاًفي ظل أداء سياسي لا يرتقي الى حجم المشكلة في الوطن. ولكننا شعب لا ييأس ولا يقنط.
وتابع “إن الكورونا السياسية التي تعصف بلبنان منذ سنوات طويلة لن تفلح اليوم بإقناع المجتمع الدولي بمساعدتنا من خلال أطروحات الخطط الإصلاحية المزعومة، لأن غبار الوباء لن يحجب رؤية المجتمع الدولي والعربي عن فشل الحكومة في تحقيق الاستقلالية في التعاطي مع الأمور . فحكومة المحاصصة فشلت في عدة محطات منها: الصراعات السلطوية حول التعيينات المالية، التشكيلات القضائية والتناقض في مواقف وزيرة العدل، تعطيل متمادي في إقامة الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء الذي تسبب بمعظم كارثة الانهيار المالي، الصراعات الناشئة اليوم عن إنتهاء عقدي الخليوي، ملامح الاستعداد للتمديد للبواخر التي كسرت الخزينة، تمرير سد بسري في عز العجز المالي وأيضاً في زمن الكورونا نرى صفقة الفيول المزغول. بالإضافة الى أن المجتمع الدولي الذي نتوجه اليه اليوم هو غير المجتمع الدولي الذي كان منذ أشهر قليلة والذي يشن حرباً على الكورونا الجرثومية.
وفي الكورونا الاقتصادية
قال سكاف: “حذار المساس بأموال المودعين فهذه سرقة موصوفة”. وعلى الحكومة أن تقرر هل هي حكومة إنقاذ أم “حكومة ضحية السنوات السابقة”.
إن جذور المشكلة المالية هي بإختصار النمو المتواصل والكبير لعجز الموازنة منذ فترة ما بعد الحرب وترافقت حالات العجز في الموازنات المتلاحقة بتواصل التسهيلات من قبل المصرف المركزي الذي لجأ الى المصارف التجارية للتمويل بفوائد مغرية ما عرف بالهندسات المالية.
وهنا علينا أن نسأل أضاف سكاف: كيف تقوم الحكومة باصلاح مالي دون تدقيق للحسابات، وأين كان مجلس النواب وكيف سمح للحكومات المتعاقبة بالإنفاق . أنا أعتقد يضيف سكاف أنه لا يمكن أن يصدر الإصلاح المالي بقانون لأنه سيطعن به في المجلس الدستوري، أما إذا صدر بتدبير من الحكومة فيمكن لأي متضرر أن يرفع دعاوى قضائية على أي مصرف.أما الرئيس بري فقد أعلن أن الودائع هي من المقدسات لأنه يعلم أن ٦٥٪ من الودائع هي للطائفة الشيعية. وأضاف أن لبنان قائم على اقتصاد حر(كما جاء في مقدمة الدستور) والمس بالاقتصاد الحر يحتاج الى تعديل دستوري(ثلثي مجلس الوزراء و ثلثي مجلس النواب).
وقال سكاف: الحملة على المصارف تجاوزت النقد المشروع وبلغت حد تهديد الاقتصاد وتغيير الوجه الاقتصادي للبنان. فإذا أردنا توزيع المسؤوليات عن الأزمة المالية لكان لمصرف لبنان حصة فيها بسبب عدم ردعه للدولة في المبالغة بالاستدانة وعدم فرض ضوابط لتمويل عجز الموازنة بالرغم من علمه بوجود فساد وهدر كبير في معظم الإدارات العامة، ولكن الحصة الأكبر في المسؤولية تعود إلى النظام السياسي القائم والذي سهل طريق الانتحار .
وقال:” إن الحكومة من خلال مسودة الإصلاح المالي الذي سرب تقول للبنانيين: سنفقركم ونبيع كل ما نملك ونرهن أنفسنا لقروض صندوق النقد وسنبحث كل سنة عن موارد بالدولار لدفع الديون المتبقية للخارج (حوالي ١٧ مليار دولار)
وختم سكاف: على الحكومة أن تسيطر وبفاعلية على الفساد المستشري في القطاع العام والمقدر بمليارات الدولارات سنوياً بدل التلهي بفرض هيركات على الإيداعات المصرفية للقطاع الخاص وعرق جبين المودعين. ان هدم القطاع المصرفي بهذه الطريقة سيؤدي الى الفقر والفوضى وحذار من الفوضى في لحظة الأزمات فهي كفيلة بتخريب المجتمع وإسقاط الدولة.
وقال:”إنهم يقتلون الشعب بعد أن سرقوه، ولكننا قياميون”
الاحد 12 نيسان 2020