بعد الإعلان عن أول تجربة ناجحة على لقاح محتمل لفيروس كورونا من “فايزر” و”بايونتك”، لا يزال هناك العديد من الأسباب التي تدعو إلى توخي الحذر في التعامل مع هذه الأخبار، وفق “بي بي سي” فضلا عن وجود عقبة كبيرة على الأقل يجب التغلب عليها أولاً، تتعلق بعملية نقل اللقاح.
فاللقاح يجب أن يظل محفوظا في درجة حرارة 70 تحت الصفر، ولا يمكن وضعه في درجة حرارة أعلى، أكثر من أربع مرات خلال هذه الرحلة. ودرجة الحرارة هذه تمثل تحديا كبيراً أمام عملية نقل اللقاح من المصانع إلى المستشفيات، فهي تحتاج إلى مبردات خاصة. ونظرا لأن غالبية اللقاحات المعروفة لا تحتاج إلى درجة حرارة منخفضة مثل هذه سواء للنقل أو التخزين، فإن غالبية المستشفيات لا يوجد بها البنية التحتية التي يمكنها التعامل مع اللقاح الجديد.
وأقرت شركة فايزر، في بيان الإعلان عن نجاح تجارب اللقاح، بوجود “تحديات تتعلق بتوفير درجة حرارة منخفضة جداً للقاحنا ومتطلبات التخزين والتوزيع والإدارة المتعلقة باللقاح”.
وحذر نائب كبير المسؤولين الطبيين في إنكلترا البروفسور جوناثان فان، في مؤتمر صحافي بمقر الحكومة البريطانية الاثنين الماضي، من أنه حتى في الأوقات العادية، “يمكن بل يحدث أن تسوء الأمور دائما”، وذلك عندما يتعلق الأمر بتصنيع لقاح وتوزيعه.
كيف سينقل اللقاح؟
يحتاج اللقاح إلى نقله براً وجوا، ويتعرض لعملية تخزين محتمل في مراكز توزيع خلال المراحل المختلفة، وستكون العقبة الأخيرة (الاحتفاظ بدرجة الحرارة المطلوبة) عند تسليمه للعيادات ومراكز العمليات والصيدليات والمستشفيات.
وكشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، أن شركة فايزر طورت صندوق نقل خاص بحجم حقيبة سفر، معبأ بالثلج الجاف ومثبت به جهاز تعقب جي بي إس، ويمكنه الاحتفاظ بحوالى 5000 جرعة من اللقاح في درجة الحرارة المناسبة لمدة 10 أيام، بشرط أن يظل الصندوق مغلقا. كما أنه قابل لإعادة الاستخدام أيضاً.
وتتولى شركة بولار ثيرمالز البريطانية صناعة صناديق مماثلة للقاحات أخرى، وتعتبر شركة فايزر من بين عملائها، ولكن حتى الآن لم تتلق طلبا لتصنيع صناديق اللقاح الجديد. لكن هذا الصندوق لن يكون رخيص الثمن.
وأوضح رئيس المبيعات بشركة بولار ثيرمالز بول هاريسون، أن سعر الصندوق الواحد لنقل اللقاحات في درجة 8 تحت الصفر فقط يتكلف 5000 جنيه استرليني، كما أنه يحمل 1200 جرعة فقط. وتستخدم الشركة الهلام الهوائي (أيرو جيل) بدلا من الثلج الجاف داخل الصندوق، وهو مفيد في حال استمر نقص المخزون العالمي من ثاني أوكسيد الكربون وأثر على توافر منتجات تعتمد عليه.
ماذا سيحدث للقاح بعد 10 أيام؟
قالت شركة فايزر إن اللقاح يمكن أن يبقى فعالا لمدة خمسة أيام أخرى بعد ذوبان الثلج من حوله، لكن هذا لا يضمن وجود الوقت الكافي لاستخدامه. لكن المعتاد هو عدم وجود مراكز تخزين لقاحات بدرجات حرارة منخفضة للغاية مثل تلك التي يتطلبها اللقاح الجديد، ومن غير المحتمل أن تكون متوافرة لدى المراكز الطبية المحلية.
وقال أستاذ الطب العام سام إيفرينغتون، لـ”بي بي سي”، “ليس لدينا ثلاجات توفر درجة الحرارة المنخفضة هذه في مراكز الممارسة العامة الطبية”. “لذا سنحتاج إلى توفيرها”.
وهذه المشكلة ليست موجودة في بريطانيا فقط، بل في أميركا أيضا.
وقال الدكتور غريغوري بولاند، من مايو كلينك في مينيسوتا لوكالة رويترزن “نحن مركز طبي كبير وليس لدينا ثلاجات تخزين مثل هذه (للحفاظ على درجة حرارة اللقاح في 70 درجة تحت الصفر)”.
وتمتلك بعض المؤسسات، مثل الجامعات ومختبرات البحوث قدرات التخزين المناسبة، فهل هناك احتمال أن يتم التبرع بها أو إقراضها كمراكز تخزين موقتة؟ في بريطانيا، شاركت الجامعات مواردها في ذروة الموجة الأولى من وباء كورونا، بما في ذلك أجهزة صنع معدات الوقاية الشخصية وأجهزة التنفس الصناعي. وقال عالم الأوبئة بجامعة ساوثهامبتون الدكتور مايكل هيد: “قد نرى ثلاجات موجودة تم التبرع بها”.
لكن الوضع في البلدان النامية أكثر هشاشة. فقد ذكرت وكالة أنباء أسوشيتد برس، الشهر الماضي أن بوركينا فاسو، في وسط إفريقيا، تعاني بالفعل من نقص كبير يصل إلى 1000 ثلاجة طبية. ولدى منظمة الصحة العالمية، بالاشتراك مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، مشروعا مستمراً لرسم خريطة لمرافق التخزين الطبية الصالحة حول العالم لتخزين لقاح فيروس كورونا في درجة الحرارة المناسبة.
وذكرت صحيفة الفايننشال تايمز أن اليونيسف تهدف إلى تركيب 65 ألف ثلاجة باردة تعمل بالطاقة الشمسية في البلدان منخفضة الدخل بحلول نهاية 2021.
الخميس 12 تشرين الثاني 2020 موقع النهار