ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قداس الأحد في كنيسة السيدة، في الصرح البطريركي، في بكركي، بمشاركة لفيف من المطارنة والكهنة والراهبات.
بعد الإنجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان “سار يسوع معهما، واستمع لهما، ثم فسر لهما الكتب، فاضطرم قلبهما”. قال فيها: “ان لبنان الأمة المؤلفة من مجموعات غير متجانسة دينيا وثقافيا، اعتمد في نظامه، دستوريا وميثاقيا، الحوار وصيغة المشاركة المتوازنة والمحافظة على ثقافة كل مجموعة من مجموعاته وعاداتها وتقاليدها ودورها في الحياة العامة، ومساواتها مع غيرها، والحفاظ على العرف في الدولة. فلا يمكن تأمين الاستقرار الداخلي باعتماد الاقصاء أو التفرد أو التذويب. هذا ما اشتكى منه في الآونة الأخيرة إخوتنا الارثوذكس، وطالبوا برفع الغبن الذي لحق بهم من جراء التعيينات الإدارية، لا من باب المحاصصة بل من باب المشاركة الفاعلة والاغتناء المتبادل. فلبنان كالفسيفساء إذا رفع حجر منها اعتلت كلها. هكذا إن اعتلال أي مكون في عائلة الوطن هو اعتلال للوطن برمته”.
أضاف: “من نتائج هذا النهج الإنجيلي وثقافته المسيحية تمييز لبنان عن غيره من البلدان المجاورة بنظامه الديموقراطي البرلماني الليبرالي، فلم يسقط لا في الديكتاتورية ولا في التوتاليتارية. بل نجح في المحافظة على هذا النظام في قلب الثورات العربية. ومن أبسط قواعده اعتماد الحوار والسماع قبل الاتهام وإصدار الحكم، كما جرى أمس الأول بحق حاكم مصرف لبنان. وثمة قضاء للنظر في النزاعات يجب الرجوع إليه، راجين أن يكون مستقلا وبعيدا من تدخل السياسيين. وفيما كنا ننتظر من رئيس الحكومة إعلان خطتها الإصلاحية العادلة واللازمة، التي تختص بالهيكليات والقطاعات، والتي من شأنها أن تقضي على مكامن الخلل الأساسية والفساد والهدر والسرقة والصفقات والمرافق والنهب حيث هي، وفيما كنا ننتظر منه خطة المراقبة العلمية والمحاسبة لكل الوزارات والإدارات والمرافق العامة، فإذا بنا نفاجأ بحكم مبرم بحق حاكم مصرف لبنان، من دون سماعه وإعطائه حق الدفاع عن النفس علميا، ثم إعلان الحكم العادل بالطرق الدستورية. أما الشكل الاستهدافي الطاعن بكرامة الشخص والمؤسسة التي لم تعرف مثل هذا منذ إنشائها في عهد المغفور له الرئيس فؤاد شهاب، فغير مقبول على الإطلاق”.
وتابع: “نسأل: من المستفيد من زعزعة حاكمية مصرف لبنان؟ المستفيد نفسه يعلم! أما نحن فنعرف النتيجة الوخيمة وهي القضاء على ثقة اللبنانيين والدول بمقومات دولتنا الدستورية. وهل هذا النهج المغاير لنظامنا السياسي اللبناني جزء من مخطط لتغيير وجه لبنان؟ يبدو كذلك! إن هذا الكرسي البطريركي المؤتمن تاريخيا ووطنيا ومعنويا على الصيغة اللبنانية، يحذر من المضي في النهج غير المألوف في أدبياتنا اللبنانية السياسية”.
وختم الراعي: “إننا في زمن القيامة، مع الإخوة المسلمين في شهر رمضان المبارك، نرفع معا صلاتنا إلى الله من أجل حماية وطننا لبنان وشعبه في ثقافته وتقاليده، ومن أجل شفاء جميع المصابين بوباء الكورونا عندنا وفي العالم كله، راجين من الله القدير إبادة هذا الوباء وإخراج وطننا والكرة الأرضية من الشلل الحاصل”.
الاحد 26 نيسان 2020 الوكالة الوطنية للإعلام