التقى البطريرك الماروني الكردينال مار بشاره بطرس الراعي بعد ظهر أمس في قاعة “مسرح نديم خلف” للراهبات الأنطونيات – روميه ممثلين عن كل من شبيبة الراهبات الأنطونيات في لبنان، الدفاع المدني، الصليب الأحمر اللبناني، جمعية الكتاب المقدس، ورابطة الأخويات في لبنان للمشاركة في ساعة صلاة من أجل شبيبة لبنان.
حضر اللقاء رئيس بلدية رومية عادل ابي حبيب، الرئيسة العامة للراهبات الأنطونيات الأم نزها الخوري، الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار، منسق مكتب الشبيبة في الدوائر البطريركية الأب توفيق بو هدير، مؤسس “لابورا” الأب طوني خضرا ورئيسة دير ومدرسة مار ضومط للراهبات الانطونيات رومية الأخت باسمة الخوري، والأخت رولا كرم المسؤولة عن الشبيبة الأنطونية.
والقى البطريرك الراعي كلمة قال فيها:” انه لفرح كبير ان نتواجد اليوم في ثانوية مار ضومط للراهبات الأنطونيات روميه مع الحضور الكريم ومع ممثلي مدارس الراهبات الأنطونيات الثمانية الذين أتوا من مختلف المناطق اللبنانية، والشكر لكل الراهبات اللواتي يعتنين بتلامذتنا وبفرح نقول ولد المسيح هللويا”.
أضاف: “سوف أعرض عليكم اليوم بعضا من النقاط التي وردت في الميثاق التربوي الوطني الشامل شرعة الأجيال الجديدة اللبنانية، وهو في الحقيقة استوحيته من ميثاق قداسة البابا فرنسيس الذي كان من المقرر ان ينشره في ايلول من العام 2019 ومن ثم عاد ونشره في وقت لاحق وكنت بعد قراءتي له ووسط ما عاشه لبنان من حراك مدني وثورة ضمت الكبار والصغار والشباب من كل المناطق والطوائف والأحزاب فرحت بهذه العائلة اللبنانية التي التقت مع بعضها البعض ومن دون معرفة سابقة ولكن الحاجة جمعتها فوحدت الصوت لذلك كتبت هذا الميثاق”.
أضاف: “بإيجاز، سأعلن لكم ما ورد في هذا الميثاق. أولا كلمة ميثاق عزيزة علينا وهي تحمل معنيين مترابطين، المعنى الروحي والآخر الاجتماعي. الله دخل في ميثاق مع البشر وقال انا هو ربكم والهكم وانتم شعبي وانا سأكون امينا معكم فكونوا امناء معي. وعندما نسي الشعب الله، أعاد الله إبرام هذا الميثاق من جديد وتجسد ومهره بدم يسوع المتجسد. أما الميثاق الاجتماعي فهو من يتفق عليه مجموعة من المواطنين على العيش سويا وهذا ما قام به اللبنانيون سنة 1943 واسموه ميثاق العيش معا. المجتمع اللبناني يتألف من ثقافتين متناقضتين وهما الثقافة المسيحية والثقافة الإسلامية، الأولى تنجذب نحو العلمنة والثانية نحو الأسلمة ولكن قرر اللبنانيون جمع الثقافتين فكان ميثاق ال43 الذي رافقته العبارة الشهيرة لا شرق ولا غرب ولا اي ارتباط موال، أي العيش في بلد محايد. عندما اطلقنا كلمة محايد كان هناك ردة فعل لبنانية كبيرة فلبنان كونه قائما على التعددية الثقافية والانفتاح المسيحي – الاسلامي، بنظامه الخاص هو بلد حيادي لا يدخل في احلاف وصراعات ونزاعات لا اقليمية ولا دولية لكي يلتزم رسالته الخاصة به وهي رسالة التلاقي والحوار ولبنان البلد الوحيد في الشرق الذي يلعب هذا الدور، وأن يكون دولة تطور نفسها وتكون قادرة على الدفاع عن كيانها في وجه اي اعتداء”.
وتابع: “هذا ما عشناه مدة خمسين عاما، عندما كان لبنان محايدا كان شعبه يعيش الخير والبحبوحة، أما اليوم فهناك البؤس واليأس والجوع والعطش. وبعد ميثاق الـ 43 اتى اتفاق الطائف سنة 1989 الذي جدد هذا الميثاق. لقد اسميناه تربويا، بمفاهيم جديدة للمفهوم الثقافي والاقتصاد والعمل السياسي الذي جوهره احترام الكائن البشري. وهو ميثاق وطني شامل عابر للأديان والطوائف والأحزاب والمناطق. ومن ابرز اهدافه وهي مدونة في الفقرة 5، التزام بناء وطن أفضل. اليوم ذكرتم كثيرا أن الوطن تمزق ونحن بحاجة إلى إعادة بنائه. أما الهدف الثاني فهو التغيير نحو الأفضل وليس العودة الى الوراء في حياتنا الوطنية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية وموقعنا في هذا الشرق. نحن بحاجة إلى إعادة بناء مجتمع افضل يكون صادقا ونقيا من الفساد. ميثاق 43 لم يكن مكتوبا وانما بني على الثقة واليوم نعيش غير ذلك تماما، نعيش الغش والفساد والدمار ولكن التغيير الى ما هو أفضل هو بانتظاركم انتم شباب اليوم الذين اسماكم القديس البابا يوحنا بولس الثاني في زيارته الى لبنان سنة 97 “القوة التجددية في الكنيسة والمجتمع”، وهذا الميثاق يهدف الى مساعدة أجيالنا الجديدة وشعبنا لكي نبني مجتمعا افضل”.
وقال: “أما الفقرة الثالثة، فتنص على ضرورة ايجاد رفاق طريق لنمشي معا بإخلاص للحفاظ على بيتنا المشترك لبنان، وهذا ما تحدث عنه البطريرك الحويك عندما قال سنة 1919 في مؤتمر فرساي: في لبنان طائفة واحدة اسمها لبنان وبقية الطوائف تشكل النسيج الاجتماعي. هذا هو بيتنا الذي علينا الحفاظ عليه بعد ان تشرذم وتقطع وانعدمت فيه الوحدة. نحن بحاجة الى رفاق درب. واليوم مع 8 ثانويات للراهبات الأنطونيات مثلوا القوة الجبارة من كل المناطق اللبنانية وهذا يغير المجتمع ان عرفنا عن حق أهمية تربيتنا وعملنا. إنهم رفاق الدرب للحفاظ على بيتنا المشترك هذه الدولة المدنية التي نريد استعادتها، فلبنان دولة مدنية منذ تأسيسه لأنه يفصل بين الدين والدولة وهذا ما يميزه في محيطه ولكن هذه الدولة شوهت وجعلت دولة طوائف ودولة مذاهب ودولة احزاب. نحن بحاجة الى رفاق درب يستكملون تحرير الممارسة السياسية الطائفية والمذهبية ويحافظون على الدستور والميثاق ويحترمون التنوع. لبنان يختلف عن كل مناطق الشرق بتنوعه في وحدته. لا يمكننا ان نكون حزبا واحدا او لونا واحدا او رأيا واحدا او طائفة واحدة”.
وتابع: “نحن بحاجة الى رفاق درب لكي نعيد بناء الأخوة الانسانية التي فقدناها وهي التي تجمعنا سويا ابناء الله على تنوعنا. وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقعها قداسة البابا وشيخ الأزهر في ابو ظبي ليست بجديدة علينا، فنحن نعيشها في لبنان ولكن اليوم على الأرض ندرك كم أصبحنا طائفيين وحزبيين ومشرذمين. نحن نفقد طبيعتنا وهويتنا لذلك لا نستطيع الإستمرار ولا يمكن للشباب اليوم أن يرثوا خلافاتنا، فعلى ماذا الخلاف؟ نحن اخوة بالإنسانية مهما كان لوننا وعرقنا، وهذه هي الثقافة التي علينا نشرها في لبنان والشرق. ان الرؤية التي تتحدث عنها الوثيقة في الفقرة 15 تدعو الى الحفاظ على الوحدة في التنوع وتطوير العلاقات بين الأشخاص والعمل على تغيير وجه المجتمع واعادته الى اصالته والرسالة التي يحملها الميثاق هي العمل سويا ليعيش شبابنا فرح العمل الإنتاجي في الزراعة والصناعة والتصنيع واكتساب المهارات ونحن بأمس الحاجة لهذا. لذلك انشأنا مركزين احدهما في ريفون يرعاه المونسنيور توفيق بو هدير لتنشيط المهارات عند الناس والآخر في عينطورة يستأنف عمله في حزيران المقبل لكي يعطي المجال للشباب لعيش العمل الإنتاجي والمهارات وهذا يجعلهم يتمسكون أكثر بأرضهم”.
وختم موجها تحية للشبيبة “كقوة تجددية في الكنيسة والمجتمع ولبنان”.
ثم رفع البطريرك الراعي والحضور الصلاة الختامية على نية لبنان وشبيبته.
الأربعاء 30 كانون الأول ديسمبر 2020 الوكالة الوطنية للإعلام