الراعي: من أين هذه الممارسة الدخيلة؟ هل تحول نظامنا من ديموقراطي لبوليسي ديكتاتوري؟

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قداس الأحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، بمشاركة لفيف من المطارنة والكهنة.

بعد الإنجيل المقدس، ألقى الراعي عظة الأحد السادس من زمن القيامة – تذكار سيدة الزروع، بعنوان “الحب الذي وقع في الأرض الجيدة أثمر ثلاثين وستين ومئة”. ومما جاء فيها: “اليوم، حيث حالات البطالة والفقر تفاقمت بشكل مخيف، وجنون أسعار السلع الغذائية على تصاعد غير مقبول، والقيمة الشرائية لليرة على هبوط مروع، باتت العناية بالزراعة حاجة أولية. والكنيسة تضع أراضيها وإمكاناتها بتصرف المجتمع بجمعياته وتعاونياته لاستثمار هذه الأراضي زراعيا، وتأمين الغذاء، ولا سيما أن لبنان يعتمد على استيراد 70% من حاجته الغذائية. من أجل هذه الغاية عقدنا اجتماعا في بكركي في شهر نيسان من العام الماضي، مع الأبرشيات والرهبانيات والمدير العام لوزارة الزراعة، وأطلقنا خطة لاستثمار أراضي الكنيسة القابلة للاستصلاح الزراعي بالتعاون مع الكليات الزراعية والجمعيات الأهلية والتعاونيات المناطقية والتنسيق معها، من أجل تأمين الاكتفاء الذاتي من الغذاء. وإنا بذلك نعيد اللبناني إلى الأرض، ونخلق فرص عمل للشبيبة، ونخفف من بيع الأراضي والهجرة. وإن لجنة الزراعة المنبثقة من لجنة الإغاثة البطريركية، تتولى مع المركز البطريركي للتنمية البشرية والتمكين ومكتب راعوية الشبيبة في الدائرة البطريركية، العمل على تنظيم دورات تدريبية للشباب مع مرافقة وتوجيه ودعم ومساعدة. فالذين يمتلكون أرضا يستثمرونها، والذين لا يملكون يستطيعون استعمال شرفة منازلهم، فضلا عن الاستفادة من أوقاف الكنيسة”.

أضاف: “ندعو الدولة إلى دعم القطاع الزراعي كركن أساسي في الاقتصاد الوطني، وحمايته من المضاربة الخارجية، وتصدير الفائض منه، علما بأن أكثر من ثلث سكان لبنان يعيشون من الزراعة. فيجب بالتالي تأمين حاجات الغذاء لكل الشعب، مما يقتضي تفعيل التعاون بين الدولة من خلال وزارة الزراعة، والمنظمات الدولية والبلديات والجامعات وغرف التجارة والنقابات، للنهوض بالقطاع الزراعي وتأمين شبكة الأمان الغذائي، وتوفير مواد أولية للمصانع الغذائية”.

وتابع: “الأرض أم ومعلمة. هي أمنا تحتضننا وتقوتنا. وهي مدرستنا تعلمنا الصدق والعطاء والسخاء. فلا تقبل الزغل: إن صدقنا معها صدقت، وإن احترمنا شريعتها الطبيعية سخت. الأرض تسهم بطريقة مباشرة في أنسنة الإنسان، وتطبعه بطابعها. فمن الضرورة أن يتتلمذ كل شخص في مدرسة الأرض لكي يعيش ملء إنسانيته في ما يسند إليه من مسؤوليات في المجتمع والكنيسة والدولة. كم يؤلمنا فقدان وجه الأنسنة عندنا في لبنان.

وأود أن أذكر بنوع خاص ممارسة بعض القضاة الذين يقضون من منظار سياسي أو انتقامي أو كيدي، من دون أي اعتبار لكرامة الأشخاص وصيتهم ومكانتهم ومستقبلهم. من أين هذه الممارسة الدخيلة: اتهام وتوقيف في آن من دون سماع المتهم؟ أو فبركة ملفات مع أمر بالتوقيف؟ هل تحول نظامنا من ديموقراطي يؤمن للمواطن كل حقوقه المدنية والقانونية إلى نظام بوليسي، ديكتاتوري يطيح بالمبدأ الأول في حياة كل أمة: العدل أساس الملك؟ وما هذا الإفراط بالسلطة القضائية، وبخاصة إذا علت؟ إلى من يشتكي المواطن المظلوم؟ أإلى زعيمه السياسي ليحميه؟ وإذا لم تكن له مرجعية سياسية، أيبقى ضحية الظلم موقوفا صامتا، صاغرا؟ وماذا يعني هذا القضاء الانتقائي؟ ثم أين أصبحت التعيينات القضائية التي كنا ننتظر معها بزوغ فجر جديد يحمل إلينا قضاة منزهين، أحرارا، متزنين، وغير مرتهنين لأشخاص أو لأحزاب؟”

وختم: “نصلي إلى الله، لكي يحمي أرضنا اللبنانية، أمنا ومدرستنا، لتظل أرض الأنسنة وكرامة الإنسان”.

الأحد 17 أيار 2020 الوكالة الوطنية للإعلام

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *