ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قداس الأحد الجديد وعيد الرحمة الإلهية، في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي، في بكركي، بمشاركة لفيف من المطارنة والكهنة والراهبات.
بعد الإنجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان “لأنك رأيتني آمنت؟”، قال فيها: “عندما تراءى يسوع القائم من الموت للمرة الثانية لتلاميذه، بعد ثمانية أيام، وتوما المشكك بقيامته معهم، دعاه الرب يسوع ليتحقق من آثار صلبه، فهتف: ربي وإلهي (يو28:20). أجابه يسوع: لأنك رأيتني آمنت؟ طوبى للذين لم يروني وآمنوا (يو29:20). لم يكن جواب يسوع عتابا بمقدار ما كان بالأحرى إعلانا لنا ولكل إنسان يأتي إلى العالم: أننا لا نعرفه بعد الآن بالحواس بل بالإيمان بكلامه وآياته وأفعاله”.
وقال: “إن إيمان توما وخروجه من حال الشك بقيامة يسوع، دعوة لكل واحد منا إلى الخروج من حال الشك والتشكيك، وقبول الحقيقة، ولو كانت منافية لمصالحنا الذاتية التي غالبا ما تأسرنا في سجن مظلم. ومن المعيب حقا أن يبلغ الشك إلى حملات اتهام للأشخاص والمؤسسات تؤدي إلى فقدان ثقة الشعب بدولته، والدول بدولتنا اللبنانية. وهل هذا هو المقصود؟ ولصالح من؟ فيجب على أصحاب هذه الحملات المريبة إيقافها، لأن لكل قضية سبيلا، غير الاتهامات الرخيصة، للنظر فيها. إن جرثومة كورونا غير المرئية والمجهول حجمها اجتاحت، مع هذا، الكرة الأرضية بأسرها، فأبطلت قوة الأشخاص والمال والسلطة والسلاح والنفوذ والتجبر. فهل نتعظ وندرك أن قيمة الحياة إنما هي في العودة إلى الله، وفي الشهادة للحقيقة، وصنع الخير، ونشر السلام، وتحقيق النمو في الإنسان والمجتمع والدولة؟”
وتابع: “دعونا إلى مساندة الحكومة لتقوم بواجباتها. وها إننا نجدد الدعوة. فهذه الحكومة، أكنا معجبين بها أو مدبرين عنها، هي السلطة القائمة في هذه الأزمة الاستثنائية، ولا تستطيع أن تنجح إن لم نكن جميعا العين الساهرة والمراقبة، واليد المساندة. وفي المقابل، مطلوب من الحكومة أن تثبت قدرتها وتماسكها وجدارتها واستقلاليتها، فتبعد عنها أي وصاية تحد من مساعدة الدول المانحة. ومطلوب منها أن تأخذ جميع المبادرات الشجاعة والصعبة لوقف التدهور واسترداد المال المنهوب واستعادة الثقة الشعبية الداخلية والعربية والدولية. مطلوب منها أن تسرع في تنفيذ الخطة الإصلاحية لمصلحة الشعب لا على حسابه وحساب جنى عمره. مطلوب منها أن تنجح على الصعيد الوطني والاقتصادي مثلما نجحت على صعيد التصدي لوباء كورونا، وعلى تنفيذ عودة لبنانيين كثر من الخارج. إن الحمل ثقيل والفعلة قليلون. فشل هذه الحكومة يرتد على جميع اللبنانيين ونجاحها كذلك، فلننجح معا. وللمناسبة، نحذر من أن نجعل الشعب كبش محرقة في الصراع بين أهل السياسة وجماعة المصارف. فما نشهده من تبادل اتهامات بقصد تضييع المسؤولية هو أمر معيب. ونهيب بالمسؤولين أن يضعوا حدا له ويحفظوا ودائع المودعين وأن يقوم القضاء بواجباته”.
وقال: “أما الكنيسة فتضاعف من جهتها وسائل اهتمامها بحاجات شعبنا. وقد بينت ذلك في رسالة الفصح التي نشرناها مع ملحقها المفصل على الموقع الالكتروني للكرسي البطريركي. وها نحن نعمل على تنسيق المساعدات المالية والعينية التي تقدمها البطريركية والأبرشيات والرهبانيات مع رابطة كاريتاس لبنان وجمعية مار منصور دي بول والمؤسسات البطريركية وسواها، وعلى خلق شبكة واسعة، بحيث تصل خدمة المحبة إلى كل العائلات المحتاجة، راجين الخروج من هذه الضائقة الاقتصادية والمعيشية، فيتمكن شعبنا من العيش بكرامة وبعرق جبينه”.
وختم الراعي: “بالاتكال على العناية الإلهية وما تعطينا من قوة على الصمود، والرجاء بقدرة الله على تبديد وباء كورونا وشفاء المصابين ونجاة الأصحاء، نرفع نشيد المجد والشكر للثالوث القدوس الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين”.
الاحد 19 نيسان 2020 الوكالة الوطنية للإعلام