كتب رئيس تجمع الصناعيين في البقاع نقولا ابو فيصل: “لا تخافوا مما يجري الآن في لبنان بعد نجاح الثورة ففيزياء وكيمياء الثورات في التاريخ تؤكد لنا أن استبداد الفوضى يأتي عادة بعد سقوط استبداد الدولة وقانون الثورات يؤكد أن استبداد الفوضى يتبع استبداد الدولة ويأتي ترددا أو كرجع الصدى Echo لاستبداد الدولة.
ولو أخذنا الثورة الفرنسية 1789 لوجدنا أن سقوط دولة الاستبداد لآل البوربون قد أقام دولة استبداد الرعاع وعلينا أن نتقبَّل بوعي وإدراك وبعد تأمل للتاريخ أن الثورة لا تنتج لنا دائماً الديمقراطية. وأن الديمقراطية ليست دائماً وليدة الثورة.
بل على العكس من ذلك فالثورة يمكن لها أن تلد دكتاتورية جديدة ولعل الثورة البلشفية 1917 ، أكبر مثال على ذلك ونتاجها كان دكتاتورية الحزب الواحد، وهو الحزب الشيوعي. وكانت نتيجة ذلك انهيار الاتحاد السوفيتي 1989 بعد أن أصبح إحدى القوتين العظميين في التاريخ الحديث .
ماذا يجري في لبنان الآن؟
وهل هذه الفوضى التي يشهدها القطاع المصرفي هي من فيزياء وكيمياء الثورات في التاريخ ام هي من نتائج الأزمة المالية التي تشهدها البلاد والمتوقع امتدادها لنهاية العام 2020 كأقصى حد .
والجواب: نعم في لبنان فوضى. لا أحد يستطيع إنكار ذلك ومن ينكر ذلك فهو إما أعمى أو أصم.
أما مظاهر هذه الفوضى فهي تصرفات ميليشيا المال التي نكست بأتفاقياتها وتعاملت بقلة احترام ومهنية مع عملائها ومودعيها وخاصة الصناعيين ورجال الاعمال والتجار الذين نكل بهم هذه المرة ليس على يد بعض وزراء الحكومات اللبنانية كما هي العادة بل على يد شركائهم واعني المصارف الذين قاموا بتجميد جميع التسهيلات التجارية الممنوحة للصناعيين وحجب عنهم اجراء اي تحاويل مصرفيةً لاستيراد المواد الأولية للصناعة دون سابق إنذار وتطبيق نظام Capital control مما يعني تجميد جميع الأرصدة للمودعين.
واذا كنا نتفهم الاجراءات التي اتخذتها المصارف للحد من السحوبات من قبل المودعين العاديين فأن الإجراءات التي اتخذت بحق الصناعيين والتجار غير قانونية لا بل تعسفية ويجب الرجوع عنها فورا.
ومن المظاهر أيضا : عدم الأمان اذ أن المواطن اللبناني أصبح يخشى الفصل التعسفي من عمله نتيجة لاتهامه بأنه كان من عداد الثوار او كان يتعاطف معهم او انها الفرصة لتخلص بعض الشركات من بعض الموظفين نتيجة تراجع الاعمال وغيرها.
اضف الى ذلك فوضى وسائل الإعلام الخاص الذي أخذ ينقل مباشرة من ساحات التظاهر مقابلات متلفزة لأشخاص راحوا يكيلون الشتائم دون رادع اخلاقي لشخصيات سياسية ودينية ومقامات رئاسة الجمهورية والحكومة والمجلس النيابي وهذه ليست اخلاق شعبنا وليست اخلاق الثورة.
الثورة سهم مُنطلق فنحن نعرف نقطة انطلاقه، ونتحكم بها، ولكننا لا نعرف نقطة نهايته ولا نقدر التحكم بها. وهذا ما يخلق الفوضى واستبدادها. ومثال ذلك يكمن في أقوى وأوسع تنظيم مالي لبناني الآن وهو “جماعة المصارف” الذين يتغيرون ويتبدلون كل يوم متناقضين، ولاعبين ماليين ماكرين ولقد صارت أموال الشعب رهينة في ايديهم وتم الحجز عليها بدل الحجز على الأموال المنهوبة في مصارفهم.
ازمة وتمر وفي المستقبل سوف يكون لنا معهم كلام اخر وأن انتقالنا كصناعيين للتعامل مع مصارف عربية وأوروبية هو نتيجة وليس فعلا او نكرانًا للجميل لأن المصارف العربية والأجنبية اثبتوا وفاء لزبائنهم اكثر من المصارف اللبنانية وذلك بعد أن تنقشع غمامة استبداد المصارف الحالية وبعد انهيار استبداد الحكومات اللبنانية الذي أنجزته انتفاضة الشعب وهو المكسب الاول لهذا التحرك.”