غيب الموت العلامة السيد محمد حسن الامين بعد أكثر من ستة عقود أمضاها في البحث والعلم والقضاء الشرعي والادب والشعر وفلسفة الحياة ودين الانسان والمجتمع، متأثراً بجائحة “كورونا” والتي المت به منذ أسبوعين ليخذله قلبه مساء امس.
ولد العلامة السيد محمد حسن الامين، في بلدة شقرا قضاء بنت جبيل سنة 1946، والده السيد علي مهدي الأمين. وتابع دراسته الابتدائية والمتوسطة في بلدته في نفس الوقت الذي كان يتابع فيه دراسته على والده في علوم اللغة والنحو والصرف والمنطق.
ثمّ هاجر إلى النجف عام 1960، فدخل كليّة الفقه وتخرّج منها في العام 1967 ميلادي، ثم تابع دراساته العليا حتى العام 1972 ميلادي، حيث عاد إلى جبل عامل وسكن بلدته شقراء حتى العام 1975 ميلادي.
ودخل سلك القضاء الشرعي الجعفري عام 1975، ثمّ عُين قاضياً في مدينة صور حتى عام 1977 حيث انتقل إلى مدينة صيدا وبقي رئيساً لمحكمتها حتى سنة 1997 حين نُقل إلى المحكمة العليا مستشاراً وما زال حتى الآن.
اسرة “البقاع كوم” تتقدم من نجل الراحل رئيس تحرير موقع “جنوبية” الزميل السيد علي الامين، وعائلة الفقيد الكبير، بأصدق التعازي راجين لهم الصبر السلوان.
الحركة الثقافية – انطلياس
نعت “الحركة الثقافية – انطلياس” في بيان، “قامة وطنية لبنانية عربية وإسلامية كبيرة هي سماحة السيد محمد حسن الأمين الذي كان لحركتنا شرف تكريمه في “المهرجان اللبناني للكتاب” في دورته السنوية لعام 1997، كواحد من اعلام الثقافية في لبنان والعالم العربي الذين أعطوا ثقافتنا ما لا معادل لمكافأته”.
واعتبرت أنه “كان صاحب فكر نير وعقل منفتح وروح سمحاء وكان يحمل في صوته وملامحه الكثير من ملامح الأئمة الكبار”. وقالت: “منذ مطالع السبعينات بعد عودته من النجف الأشرف، قاد مع رفاق له كالسيد هاني فحص والسيد كاظم إبراهيم وآخرين، حركة التحديث والتجاوز في الحوزة الدينية وأبرز ما لفت في مواقفه تأييده للعلمانية وعدم اعتبارها مناقضة للإسلام والإخلاص لمبدأ الحرية التي رفعها الى رتبة المقدس. كان له المواقف الشجاعة في اتقاد السلاح الذي يتخلى عن الحرية ويرضى بمصادرة الآخر وتخوينه لمجرد الاختلاف معه في الرأي، وهكذا فالمقاومة والتحرير، في نظر العلامة الأمين، لا تتحقق إلا على قاعدة الحرية. والحرية مع العقل هما توأما الخروج من قمقم التخلف والقهر وبيت الطاعة. ومن هنا أيضا وقفاته المميزة من قضية نصر حامد أبو زيد وأدونيس ومصادرة الكتب وقانون الإعلام وكل ما يستدعي هبة أو وقفة ضمير. وكان السيد وطنيا لبنانيا يدافع عن استقلال لبنان وسيادته ويعرف بعمق أهميته كتجربة إنسانية بين المسيحية والإسلام. من هنا كان رفضه لكل الممارسات التي تدخل جزءا من شعبه في ولاية الفقيه، ورفضه لما قامت به فئة من شعبنا من ممارسات القمع لحراك الشعب السوري طلبا للحرية والكرامة”.
ووتابعت: “كان نموذجا راقيا في الفقه والفكر والأدب والشعر والأخلاق والإنسانية، وشخصية تفيض بالمواقف المشرفة بنصاعتها وشجاعتها ضد الفساد والظلم والاستبداد والاحتلال والجهل والتخلف، بصرف النظر عن الانتماءات المذهبية والطائفية، كمثال مشع لشخصية تحتذى. لقد أنجز سماحة السيد العديد من المآثر في أزمنة الشح والبؤس، ما نهض بمعنويات مواطنيه في بيئته وعلى مدى أوسع. فكانت تنحيته وإقصاؤه خوفا من قيادته الحكيمة والمحبة التي كانت تفعل فعلها في النفوس. قال بأن الدولة هي مدنية بجوهرها على الدوام، وهذا ما آل به الى موقف علني مؤيد لفصل الدين عن الدولة، فليس صحيحا بعرفه أن العلمانية هي خروج على الدين وكفر. فالكفر له مصادر عدة غير العلمانية. فانضم بهذا الموقف، مع تميز فردي، إلى رعيل واسع من المتنورين، مدنيين ورجال دين، مسلمين ومسيحيين، من أعلام نهضتنا الحديثة. انحاز إلى ثقافة المقاومة في الأذهان وفي الأعيان، فنال عن هذه المواقف خصومات لم تزده إلا ثباتا على مواقفه من الحق، كما يعلنه، في السياسة والأخلاق والمذهب والدين. فكان مع الانتفاضات ضد الأنظمة، ومع المواطنين في مطاليبهم التي هي دوما محقة، في الانتفاضات الشبابية العربية وأينما كان”.
وختمت: “معلم كبير من شيوخ الهداية، كاسر الصمت إزاء الظلم، نموذج لبناني وعربي وإسلامي رحل في هذه الأيام السوداء التي تجتاحنا ونحن بأمس الحاجة إليه”.
قبلان
ونعى رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الإمام الشيخ عبد الأمير قبلان في بيان، الى المسلمين بعامة واللبنانيين بخاصة “فقيد العلم والعلماء المفكر الإسلامي والاديب العلامة العلم السيد محمد حسن الامين عن عمر ناهز 75 عاما قضى معظمه في خدمة الدين والمجتمع وتبليغ الاحكام الشرعية ودعم القضايا المحقة للشعوب المستضعفة؛ وأسهم الراحل الكبير في تعزيز الحوار والانفتاح بين التيارات الفكرية والثقافية المتنوعة خدمة للوطن وشعوب الامة”.
وتابع: “كان العلامة الامين رجل علم وفكر وداعية حوار وانفتاح عرفنا فيه مزايا العالم العامل نصرة لقضايا الوطن وشعبه والتزما بقضايا الامة وشجونها، وفي طليعتها القضية الفلسطينية التي سكنت في عقله وقلبه، ولقد أغنى المكتبة الإسلامية بأبحاثه ومؤلفاته التي اشتملت حقول المعرفة والعقيدة والادب والفكر، وخسرت الحوزات والمراكز الدينية ومنديات الفكر والحوار والثقافة برحيله عالما جليلا واستاذا باحثا ومفكرا فذا”.
الحريري
وغرد رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري على حسابه على “تويتر”: “برحيل العلامة السيد محمد حسن الأمين يغيب عقل متنور كرس حياته لوحدة المسلمين وخير اللبنانيين. نسأل الله ان يتغمده برحمته وأحر التعازي لنجله علي وعموم عائلته ومحبيه”.
ونعت النائبة بهية الحريري العلامة السيد محمد حسن الأمين. وقالت في بيان صادر عن مكتبها الإعلامي: “بغياب سماحة العلامة السيد محمد حسن الأمين، يفقد لبنان والعالمان العربي والإسلامي قامة إسلامية ووطنية كبيرة.. عالما وفقيها ومفكرا وشاعرا، وقاضيا بالشرع والعدل، ومقاوما صلبا للاحتلال الاسرائيلي ملتزما قضايا الوطن والأمة العربية والاسلامية بل وقضايا الإنسان في هذا العالم. عمل وسعى خلال مسيرته الإنسانية والروحية والفكرية من أجل وحدة المسلمين واللبنانيين، فكان رجل حوار ومدرسة في الاعتدال والانفتاح على الآخر”.
وختمت بيانها: “إننا إذ نتقدم من عائلة الفقيد الكبير بآيات التعزية والمواساة في مصابهم الأليم، نسأل الله ان يتغمده بواسع رحمته ويدخله فسيح جناته ويلهم العائلة الصبر والسلوان”.
جنبلاط
غرد رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط عبر حسابه على “تويتر”: “إن رحيل السيد محمد حسن الامين بعد غربة طويلة يذكرني بقول جبران خليل جبران (نحن ذوو النفوس الحزينة والحزن كبير لا تسمعه النفوس الصغيرة، أنتم لا تعرفوننا أما نحن نعرفكم، نحن نراكم لانكم واقفون في النور المظلم، أما أنتم فلا تروننا لاننا جالسون في الظلمة المنيرة).
سعد
نعى النائب الدكتور أسامة سعد العلامة السيد محمد الأمين. وتوجه بالتعزية إلى عائلته وأصدقائه ومحبيه، وإلى عموم أبناء صيدا والجنوب وسائر اللبنانيين.
وأشاد سعد في بيان بالراحل، “رجل الفكر والانفتاح والتزام قضايا لبنان والأمة العربية، ورجل الإبداع في الأدب والشعر والثقافة”.
كما أشاد بدوره في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي، حيث “كان ركنا من أركان مواجهة المحتل إلى جانب القائد الوطني مصطفى معروف سعد وسائر إخوانهما من شخصيات صيدا والجنوب الوطنية المقاومة”.
معوض
غرد النائب المستقيل ميشال معوض عبر حسابه على “تويتر”: “خسر لبنان برحيل العلامة السيد محمد حسن الامين وجها مشرقا ورمزا من رموز الاعتدال والحوار والإيمان بالقيم الانسانية. سنفتقده ونفتقد كتاباته وتمسكه بلبنان كمساحة تنوع وتفاعل بين أبنائه على قاعدة الولاء للوطن أولا.
الرحمة لروحه والعزاء لعائلته الصغرى ولجميع محبيه”.
بلدية صيدا
نعى مجلس بلدية صيدا برئاسة المهندس محمد السعودي في بيان “العلامة القاضي الشرعي الجعفري السابق في المدينة والمستشار في المحكمة العليا الجعفرية السيد محمد حسن الأمين، الذي توفاه الله مساء أمس، ويوارى الثرى في مسقط رأسه في بلدة شقرا قضاء بنت جبيل عصر اليوم”.
أضاف البيان: “برحيله نفتقد علما وطنيا وفكريا شامخا من أعلام صيدا والجنوب ولبنان. وقف مدافعا صلبا عن قضايا المدينة والوطن في أحلك الظروف، وحمل هم قضية فلسطين في روحه وقلبه ووجدانه. قارع الإحتلال الإسرائيلي لصيدا وللبنان بسلاح الموقف والدعوة للوحدة الوطنية والإسلامية، حتى تحقق الإنتصار عليه بإندحاره عن صيدا عام 1985 والجنوب عام 2000” .
وتقدم المجلس البلدي “من عائلة الفقيد العلامة السيد الأمين بأحر التعازي القلبية، سائلين الله عز وجل له الرحمة والمغفرة، والصبر والسلوان لعائلته ومعارفه ومحبيه”.
اتحاد الكتاب
نعى اتحاد الكتاب اللبنانيين، العلامة الشاعر والأديب السيد محمد حسن الأمين. وجاء في بيان النعي: “من لا يعرفه لا يعلم حجم الخسارة التي أصابت اللبنانيين برحيله عشية شهر رمضان المبارك. فمن عرفه عن قرب أدرك عمق رسالته الإنسانية الجامعة. فهو في الدين شيخ معمم، وفي القانون قاض عدل وشرع حنيف، وفي الأدب أديب مميز، وفي الخطابة سيد المنابر، وفي الشعر عذب العطاء، عميق الأثر، مبدع لصورة الجمال النقي النابع من القلب. أما في الوطنية فهو الجامع بين اللبنانيين جميعا، وفي العروبة داعية حضارة وانفتاح وتكامل. لم تغب فلسطين يوما عن اهتماماته، فقد كان مقاوما من أجل تحرير لبنان من الاحتلال الصهيوني، وكان الصوت الصادح دعما للقضية الفلسطينية في كل المحافل والمنابر”.
وقال: “العلامة السيد محمد حسن الأمين رحل عن هذه الدنيا تاركا إرثا عروبيا ووطنيا وإرثا لا ينضب في الشعر والأدب، والأهم أنه قدم نموذجا للانسان كما ينبغي أن يكون في الدوائر المتعددة التي يتحرك فيها، حيث التكامل لا التناقض بين الدائرة الأضيق والدائرة الأوسع. تغمده الله بواسع رحمته، وألهم أهله وذويه ومحبيه وقادريه الصبر والسلوان”.
وختم: “اتحاد الكتاب اللبنانيين، أمينا عاما وأعضاء هيئة إدارية ومنتسبين، يفتقدون في رحيلك، أيها الراقي بإنسانيته، سنديانة شعر وأدب، وصخرة عنفوان وكرامة. في جنات الخلد أيها الراحل الكبير”.
الأحد 11 نيسان 2021