مازن مجوز – “نداء الوطن” – ما معي مصاري”. لا مشكلة، الله كريم الناس لبعضها. وما هي إلا دقائق على صعودها، حتى قدمت له وهي تبتسم 20 ألف ليرة: ” حسيت إنو شغلك خفيف، هيدي سَلف عن كم راكب رح يطلع معك ”
– سلم دياتك، والله من الصبح ما مطلّع 5 آلاف، قبلك راكب ما معو إلا ألف وعندما رفضت آخذها منو، دمّعو عينيه وأصر إني آخدها.
مبادرة فردية حصلت في اليوم الثاني من “التعبئة العامة ” بين عبير وأحد سائقي التاكسي على أوتوستراد السيد هادي نصرالله عند الساعة 11 صباحاً تقريباً، متجهاً بها إلى بلدة المريجة في الضاحية الجنوبية… مؤكدة “ما بيشعر بالفقير إلا الفقير”.
” أفرغ رفوف دكانه لتوزيعها على الأهالي…”. عن مبادرة السيد جميل شري في زقاق البلاط.
“بالوقت نفسه في دكاكين كتير عم تستغل الوضع وترفع الأسعار!!
عنجد تحية إلك، كثير قلال اللي مثلك…”.
واحدة من التغريدات التي أثنت على مبادرة المواطن جميل شري الإنسانية، التي أطلقها منذ أيام، وتقول إبنته ريما في حديثٍ إلى ” نداء الوطن”: “فجأةً أثناء جلوسه في الصالون، وفي خلال مشاهدته عبر “الواتساب” فيديو يتضمن نداءً من بلدته خربة سلم (مسقط رأسه) لمساعدة كبار السن والفقراء والمحتاجين، قرر التبرع بمحتويات دكانه، وباشر بتفريغ محتوياتها في صناديق كرتونية، ثم هاتف رئيس البلدية وأخبره عن خطوته ليرسل له عنصرين من البلدية مع “فان” لتحميلها، وأنا فخورة بهذا العمل الإنساني”.
بدوره يؤكد شري: “المساعدة واجب على كل إنسانٍ قادر، والحمد لله أنا قادر وإذا لم نساعد المحتاجين في هذه المحنة اليوم فمتى نساعدهم؟ هذا أقل الواجب تجاه من ليس لديه ثمن لقمة العيش أو دواء له أو لابنه أو لزوجته، وبالتأكيد هكذا نساهم في التزام الناس البقاء في منازلهم لمدة أطول.
ويبدو أن ظاهرة المبادرات الإنسانية بدأت تتفاعل أكثر جنوباً، حيث أطلق القيمون على مولدات الإشتراك في بلدة ميس الجبل في 19 من الشهر الجاري، مبادرة إعفاء المشتركين من دفع فواتير الاشتراك عن شهر آذار، ويشرح أحد القيمين على المشروع في حديث لـ”نداء الوطن”: “العوامل الثلاثة الواجب تأمينها في فترة إلتزامه منزله هي “الإنترنت والكهرباء والطعام”، المبادرة تركت صدى كبيراً لدى المشتركين، وبدأت الفكرة تنتشر في عدد من البلدات الجنوبية، والمهم البقاء الى جانب الناس مهما كلف الامر، ونعمل مع أصحاب الأيادي الخيرة في البلدة على دعم وتجهيز مستشفى ميس الجبل الحكومي”، كاشفاً عن أنه يدرس حالياً الإستمرارية في المبادرة “من المحتمل إعتماد صيغة سنطبقها أيضاً في نيسان، القادر يدفع الفاتورة وغير القادر نعفيه مجدداً”.
بالخطوة المباركة والمبادرة القيمة، يصف رئيس البلدية عبد المنعم شقير قرار الإعفاء، مضيفاً أنها تأتي في مرحلة دقيقة يمر فيها بلدنا، وتستدعي منا جميعاً التحلي بروح المسؤولية والتكافل والتضامن في ما بيننا، مباركاً كل من يعمل على التخفيف عن كاهل أهالي البلدة، بعدما توقفت أعمال وأرزاق الكثير منهم، وواجب على كل مقتدر مساعدة هؤلاء بما فيه الخير للجميع، وفق شقير.
وقبل مبادرة ميس الجبل بيومين، أعلنت رئيسة بلدية اجدعبرين – الكورة جوسلين حميد البايع في بيانٍ، أن فاتورة المشتركين في المولد عن شهر آذار مدفوعة سلفاً من قبل البلدية، معتبرةً أن هذه المبادرة الفريدة تساعد سكان القرية في هذه الظروف الصعبة، كما وقامت البلدية بتوزيع قسائم شرائية بقيمة مئة ألف ليرة على كل عائلات البلدة في سبيل المساعدة أيضاً. ونظراً للأوضاع الراهنة وإحساساً منه بالمسؤولية الوطنية والأخلاقية تجاه أبناء بلده، ساهم المغترب السيد علي محمد محسن (من بلدة الصرفند) منذ أيام، بتخفيف العبء عن كاهل المستأجرين لديه، خلال الأزمة الراهنة من خلال إعفائهم من تسديد الإيجارات عن الشهر الحالي.
10452 حصة غذائية للعائلات الفقيرة
وإذا كانت الإنسانية تكمن في المجتمعات التي تملؤها الإبتسامة والعزيمة وروح المبادرة، فإن ذلك يتجلى حالياً بمبادرات لا تتوقف عند حود مدينة أو بلدة معينة، ففي ظل وباء الكورونا الذي اجتاح العالم وبات يهدد الأمن الصحي كما الغذائي، وعلى الرغم من المساعدات التي تدخل مدينة بعلبك، إلا أن أحياء عدة لم تصلها بعد أي إعانات. لذلك، ولنشر ثقافة التكافل، تقوم مجموعة من الشباب والشابات بمبادرات فردية، بالطلب من أشخاصٍ مقتدرين تأمين المبالغ المطلوبة لحصص غذائية صغيرة وتوزيعها على الأرامل والأشخاص المرضى. ووجه القيمون على المبادرة الشكر الى بعض المغتربين اللبنانيين من أبناء مدينتهم الذين لبّوا النداء، وبينهم حسان شمالي وحسين اللقيس اللذان قدما مساعدات عن روح والديهما. وفي السياق عينه، أطلق الكابتن السابق لمنتخب لبنان لكرة السلة فادي الخطيب مبادرة 10452 الأحد الماضي، ويهدف المشروع الى دعم 10452 عائلة عبر توزيع حصة غذائية بقيمة 100 دولار لكل عائلة، وأوضح خلال إطلاقها عبر مقطع فيديو على موقع الفيسبوك: “هذه الحملة أطلقتها مع مجموعة من شباب جمعية “بنين” الخيرية، حملةٌ خيرية لتغطية 10452 حصة غذائية لعائلات محتاجة وفقيرة على مساحة لبنان، سنوصل هذه الحصص الى معظم المناطق اللبنانية وإذا استطعنا سنساعد أكثر، واجبنا الوقوف إلى جانب بعضنا البعض في هذه الفترة العصيبة، فترة وتمر بالتأكيد، لكن الأهم أن نقف يداً بيد، وكل من يود تقديم المساعدة فليتصل بأرقام الجمعية، وشكري لكل من ساهم معنا بمساعدات فردية أو جماعية”. وقد حصد الفيديو حتى الثلثاء الماضي 626 shares, و 373 comments و 83 الف views.
حبتا بندورة وبصل وبطاطا
وفي منطقة الحدث ( في جبل لبنان) تستوقفك مبادرة الياس متى، صاحب “بسطة خضار وفواكه” بالتبرع: “أخي المواطن إذا كنت محتاجاً لا تتردد”، مشيراً في حديث لـ”نداء الوطن”: “المحتاجون يأخذون كميات قليلة (حبتين بندورة وحبتين بصل و3 حبات توم) وأحياناً (حبتين خيار وبطاطا وبرتقال وتفاح وموز)، بمعنى حاجتهم اليومية من الخضار والفواكه، بوزن إجمالي بين كيلو الى كيلو ونصف، لكننا نشجعه كي يأخذ أكثر إن كان له أو لعائلته، ولم يحصل أن طلب منا أحد المحتاجين حبة أفوكا أو أناناس”.
ويشدد على أنه بادر إلى وضع الإعلان بعدما شعر بطلب بعض المواطنين حاجاتهم بإحراج، ومن خلالها يتجنبون الإحراج وهكذا نقول لهم “ما تستحي أطلب”، والمحتاج الحقيقي لا يكون لديه شراهة على الكثير من الأصناف.
وبالإضافة إلى هذه الخطوة يقدم متى مساعداتٍ عينية لبعض الجمعيات الخيرية في المنطقة، لتقوم بتوزيعها على العائلات الفقيرة والمحتاجة مجاناً “والله هو الرزاق”، وهدفنا في النهاية هو “الله أنعم عليك فكل وأطعم”.
ممنوع رمي الكورونا على الأرض
ولا يغيب الإهتمام بالبيئة في زمن الكورونا عن بال بعض المهتمين بشؤونها، بدليل المبادرة التي أطلقها مؤسس ورئيس جمعية الأرض بول أبي راشد وتحت شعار “ممنوع رمي الكورونا تحت طائلة المسؤولية”، بهدف توعية الناس وتحفيزهم على الاهتمام أكثر بالوقاية من الكورونا، خصوصاً حيال المخاطر الصحية الكبيرة التي تحملها ظاهرة رمي “الماسكات” والكفوف على جوانب الطرقات، وأمام مداخل السوبر ماركت، ومداخل المؤسسات المسموح لها بالعمل في ظل حالة “التعبئة العامة” القائمة، لأنها تصبح عرضةً للإحتكاك بالإنسان مجدداً، أو ببعض الحيوانات الأليفة كالقطط والكلاب، وحتى عرضةً للإحتكاك بالهواء والماء والتربة.
ويقدم أبي راشد بعض المقترحات ومنها “وجوب وضعها في أكياس نفايات خاصة بها وإغلاقها بإحكام، ثم وضعها في مستوعبات النفايات الكبيرة، بعدها تتولى شركات النفايات العاملة حالياً نقلها مع بقية أنواع النفايات إلى معاملها”.
المصدر: “نداء الوطن“
الاثنين 30 آذار 2020