افتتح اليوم “مجلس التنفيذيين اللبنانيين” بالشراكة مع “نداء لبنان الاغترابي”، سلسلة من اللقاءات، التي تحمل عنوان “الاغتراب اللبناني يحاور”، والتي تهدف إلى إطلاق حوار اقتصادي وطني، بين المغتربين اللبنانيين في أرجاء العالم والجهات المعنية والمؤثرة، من أجل بحث سبل دعم لبنان، ومحاولة إيجاد حلول جدية للخروج من الأزمة الاقتصادية، التي يمر بها لبنان.
وكان اللقاء الأول مع الأمين العام ل”جمعية المصارف” الدكتور مكرم صادر، الذي أجاب عن الكثير من أسئلة المغتربين اللبنانيين، في حوار أدارته الدكتورة ملك الحلبي، عبر تطبيق ZOOM.
الأمين
استهل اللقاء، الذي دام نحو الساعة ونصف الساعة، بكلمة لرئيس المجلس ربيع الأمين، رفع فيها صوت المغتربين اللبنانيين ومعاناتهم، معتبرا “أننا أمام مسؤولية وطنية لفعل كل ما يلزم لإنقاذ البلد من هذه الأزمة، التي تتزايد تبعاتها سوءا يوما بعد يوم، من دون أن تلوح في الأفق أي حلول جدية”.
وأعلن أن “هذا اللقاء سيتبعه سلسلة من اللقاءات مع أطراف مختلفة، للبحث في كيفية الخروج من الأزمة، ودور المغتربين في مساندة القطاع المصرفي في المرحلة المقبلة ودعم الاقتصاد اللبناني”.
وقال: “المغتربون وإن كانوا خارج لبنان، إلا أنهم يشكلون فئة كبيرة وواسعة من المتضررين المباشرين من الأزمة الاقتصادية والمالية، التي يعاني منها البلد، جميعنا آمنا بالنظام المصرفي اللبناني وصلابته، برغم جميع المخاطر التي واجهت لبنان في السنوات الطويلة الماضية، آمنا أن لبنان بحاجة إلى التحويلات الخارجية بالعملات الصعبة، من أجل الحفاظ على الاستقرار المالي، فوضعنا أموالنا وجنى عمرنا في المصارف، التي اعتبرناها يوما حصنا آمنا لودائعنا، وفي غمضة عين، باتت مدخراتنا مصادرة من قبل المصارف نفسها، التي وثقنا بها من دون أي وجه حق”.
صادر
وفي الإجابة عن السؤال الأبرز والأكثر إلحاحا لدى الناس، طمأن صادر أن “حقوق الناس بودائعها قائمة 100% ولن يشطب منها ليرة واحدة، ويمكن استعمالها في العمليات الداخلية، إلا أن المشكلة الأساسية هي في التحويل إلى الخارج”، لافتا إلى أنه “منذ أيار 2019 حتى أيار 2020، تم سحب ما قيمته 25 مليار دولار من الودائع، مما يعني أنها غير مجمدة”.
وإيضاحا لما صرح به رئيس “جمعية المصارف” سليم صفير منذ أيام، عن أن “الدولة لم يعد لديها مال ورواتب موظفي الدولة كلها تأتي مما تبقى من أموال المودعين في مصرف لبنان”، أوضح صادر أن “مصرف لبنان مستمر في تمويل الدولة بالليرة اللبنانية من خلال خلق عملة جديدة في السوق، وفي هذه الحالة، هو لا يأخذ من أموال المودعين بشكل مباشر، لكن زيادة كمية ضخ الليرة اللبنانية في السوق قد تخلق تضخما في الأسعار، وبالتالي تؤدي إلى تراجع القيمة الشرائية للمواطنين”.
واعتبر أن “توقف الدولة عن دفع استحقاقاتها في آذار الماضي، كان خطأ استراتيجيا يمكن تفاديه، من خلال دفع 600 مليون دولار، ولو حصل هذا الأمر، لما كنا وصلنا إلى هذا الوضع بهذه السرعة”، مشيرا إلى أن “إعلان إفلاس الدولة، يجب أن يسحب من أجل استعادة الثقة، لأن ركائز الخروج من هذه الأزمة كما نراها، هي من خلال القيام بالإصلاحات المطلوبة في قطاع الكهرباء، وقانون مكافحة الفساد وقانون المقاولات العامة، حيث تحدث عمليات نهب كبيرة، أما الركيزة الثانية، فهي استعادة الثقة، وأخيرا الانفتاح على الدعم الخارجي من صندوق النقد الدولي والدول الداعمة للبنان”.
وقال: “الانفتاح على الخارج من دول الخليج والعالم وأوروبا وصندوق النقد الدولي، هو باب الخلاص الوحيد المفتوح أمامنا، لأن هؤلاء بإمكانهم ضخ كمية كبيرة من العملات الصعبة في الاقتصاد اللبناني، مما يسمح باستعادة النشاط الاقتصادي”.
وحمل “مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع بالدرجة الأولى إلى إنفاق الدولة على مدى 25 عاما”، معتبرا أن “استمرار المصارف في إقراض الدولة، برغم ما كان يحصل، هو أمر لا بد منه، إذ لا يمكن لأي قطاع مصرفي في العالم، ألا يقرض دولته”.
وقال: “خلال الفترات الماضية، كانوا يعدوننا دائما بإصلاحات لكنهم لم يقوموا بشيء”، معتبرا “الحديث عن الأرباح الضخمة التي حققتها المصارف، من خلال إقراض الدولة غير دقيق، لأن المصارف خلال 25 عاما، أعادت ضخ 75% من الأرباح، التي حققتها في القطاع المصرفي، وقد بلغ معدل العائد، الذي حققه المساهمون 4% فقط، في حين لا يوجد أي قطاع يقبل بربحية سنوية على رأسماله بهذا الحجم”.
أضاف: “المصارف أقرضت الدولة 25 مليار دولار، من أصل الودائع الموجودة لديها، والتي تبلغ 150 مليار دولار، وبالتالي هي نسبة ضئيلة من إجمالي إمكاناتها، أما الأموال المتبقية، فتوزعت بين الاقتصاد اللبناني وودائع لدى المصرف المركزي”.
وفي الحديث عن سعر الصرف الحقيقي للدولار، رأى أن “سعر الصرف لا يمكن أن يستقر سوى إذا عالجنا العجز الكبير في ميزان المدفوعات، من خلال زيادة كمية العملات الصعبة التي تصلنا من الخارج، وهذا يكون عبر تقوية الصادرات، وإعادة إحياء السياحة من دول الخليج وأوروبا واستعادة الثقة”.
وردا على سؤال “تهريب فئة معينة ملايين الدولارات إلى الخارج”، أجاب: “إن 6 مليارات دولار خرجت من البلد، 3 مليارات منها بهدف تغطية التزامات تجارية للمصارف، مما يجعل إجمالي الأموال، التي خرجت 3 مليارات دولار تشكل عمليا 2,5% فقط من الودائع بالدولار، مقارنة 6% خرجت من لبنان في العام 2005، و4% في العام 2006”.
وردا على سؤال، عمن يجب أن يتحمل ثمن الانهيار الاقتصادي؟ وهل من العدل تحميل كل المجتمع خسائر تحققت بسبب أرباح راكمتها طبقة معينة؟، أجاب: “هذه مسؤولية كل الناس، فتثبيت سعر الصرف على مدى 25 عاما، أعطى قوة شرائية عالية لجميع اللبنانيين ودعم الاستهلاك، ولا يوجد أحد على المستوى الاجتماعي لم يستفد من تثبيت سعر الصرف، إذ نتج عنه قوة شرائية لجميع الناس، إنما طبعا بدرجات متفاوتة، ومن دون أي شك، هناك أشخاص استفادوا أكثر من أشخاص، لكن الجميع استفاد”.
السبت 1 آب 2020 الوكالة الوطنية للإعلام