زار وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان والوفد المرافق، اليوم، في اطار زيارته للبنان مدرسة الكارمل سان جوزف – المشرف، حيث عقد لقاء مع رؤساء مؤسسات المدارس الفرنكوفونية المعتمدة في لبنان. وكان في استقباله رئيسة المدرسة الام مريم نور، في حضور السفير الفرنسي برونو فوشيه، المدير العام لمؤسسة عمل الشرق المونسنيور باسكال غولنيش، مدير مؤسسة التراث الوطني شارل برسوناز، أمين عام المدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار، وعدد من رؤساء المدارس الفرنسية والفرنكوفونية والكاثوليكية والأساتذة.
والقت نور كلمة رحبت فيها بالوزير الضيف مشيدة “بالدعم الذي تقدمه فرنسا على المستويات السياسية والتربوية والإقتصادية والصحية وهو دليل على مستقبل افضل”. وعددت “اوجه الازمة التي تعاني منها المؤسسات التربوية”، مشددة على “ضرورة المحافظة عليها وعلى استمراريتها”. وشكرت لفرنسا مبادرتها “لدعم المدارس الفرنسية والفرنكوفونية في لبنان والمدارس المسيحية في المنطقة”.
بعد ذلك قدمت نور هدية تذكارية للوزير لودريان، ومن بعدها التقى لودريان والوفد المرافق بعدد من تلامذة المدرسة ثم ثوجه للقاء رؤساء المدارس الذين كانوا مجتمعين في قاعة المدرسة.
لودريان
والقى لودريان كلمة عبر فيها عن سعادته “لوجوده في هذه المؤسسة العريقة التي تجسد روح المجتمع التربوي الفرنسي – اللبناني الحيوي. وقال: “ضرب في تشرين الماضي حريق رهيب هذا البلد، وكانت النيران تهدد المشرف ومعها هذه المدرسة وكادت ان تحمل معها روح لبنان المتعدد والمعطاء الذي نحب. وانا اذكر بهذا الحادث لكون المبادرات التي تلتها كانت رمزا للمساعدة والمعونة، لعلاقتها بالرسالة التي انقلها لكم خلال وجودي في لبنان، وهي رسالة صداقة ودعم وتضامن. وهذه الرسالة موجهة لكم ايها الأصدقاء ومن خلالكم الى هذه المؤسسات التي ينهل منها الطلاب البوصلة للانفتاح والعيش معا، وتعتبر من مثل المشرق الغالية على قلب الكاتب أمين معلوف وهي: ان يحمل كل شخص اضافة الى انتماءاته شيئا من انتماءات الآخرين”.
وتطرق إلى التعاون التربوي مع لبنان ووصفه بالمغامرة، وقال: “ان مغامرة 52 مدرسة معتمدة من قبل وزارة التربية الفرنسية وتضم طلابا غالبيتهم من اللبنانيين، ومغامرة نحو 330 مدرسة مسيحية تعلم اللغة الفرنسية للبنانيين واللبنانيات من كل الطوائف، ومغامرة نحو 60 مدرسة مصنفة النواة الصلبة للفرنكوفونية في المدارس الخاصة، ومغامرة البعثة العلمانية الفرنسية حيث تستقبل مدارسها نحو 5 الاف طالب وطالبة، ومغامرة المدارس الرسمية التي تستقبل وبعدد كبيرة اطفال اللاجئين وهي درس رائع في الضيافة للعالم بأسره، وهذه الشراكة التربوية لا مثيل لها ترتكز على ارساء علاقات روحية واخلاقية، مثلما قال الجنرال شارل ديغول، حين وصف ما تطمح له الديبلوماسية الثقافية لفرنسا”.
واعلن لودريان انه “يجب تعميق هذه الشراكة بين لبنان وفرنسا نظرا لأن هذه المدارس النموذجية هي بمثابة ورقة رابحة لمستقبل لبنان، وهذا المثال او النموذج ليس فرنسيا ولا لبنانيا انه نموذج ابتكرناه سويا وهو بكليته فرنسي – لبناني، انه مثال للتمييز ويساهم في ان يجعل من هذا البلد القوة التربوية للمنطقة للتعليم المدرسي والعالي، انه مثال للتعدد اللغوي وللتنوع وللتربية على المواطنة واحترام التعددية”.
وقال: “قرأت ايتها الأخت مريم بتمعن الرسالة التي وجهتها الى رئيس الجمهورية الفرنسي واعرف الصعوبات المالية التي تواجهونها واعرف الصعوبات التي تعانونها في هذه الأوضاع الإقتصادية الصعبة، واعرف ان الأزمة الصحية اتت لتعظم هذه الصعوبات، والأن تجد العائلات صعوبة لدفع الأقساط وتجد المدارس صعوبة للدفع للمعلمين، يجب كسر هذه الحلقة المفرغة وبامكانكم الإعتماد على فرنسا لمساعدتكم واقول بوضوح: لن ندع شبكة المدارس الفرنسية والفرنكوفونية في لبنان تنهار، ولن ندع الشبيبة اللبنانية وحيدة في وجه هذه الأزمة، لأن ذلك سيشكل مأساة لإستقرار هذا البلد والمنطقة وخربطة كبيرة للفرنكوفونية لن نقبل بها”.
واعلن عن “خطة طوارىء وضعت لدعم التعليم الفرنسي في العالم بعد ازمة كورونا”، كاشفا أن “لبنان هو من اولوية الأولويات في هذه الخطة من خلال مقدرات هي على مستوى العلاقات التاريخية بين البلدين وان بلاده وفي اطار هذه الخطة ستقدم 15 مليون يورو للقطاع التعليمي في لبنان”.
وقال: “بناء على طلب رئيس الجمهورية الفرنسية وضعت قيد التنفيذ مشاريع لإنشاء صندوق لدعم المدارس المسيحية في الشرق ومن بينها لبنان، الأردن، فلسطين العراق ومصر، وهو جد ملح وسيخصص نحو 2 مليون اورو لمؤسسات المنطقة، وقسم كبير من هذا المبلغ سيخصص للمدارس في لبنان. نحن مجندون ولا تترددوا بالتوجه الى سفيرنا برونو فوشيه ونحو مستشارة التعاون والعمل الثقافي فيرونيك اولانيون وهما هنا لمساعدتكم”.
واشار الوزير لودريان الى انه “يوجه رسالة امل للبنانيين وهناك مستقبل يمكن بناؤه سويا في لبنان ولكن هناك ازمات عميقة تضرب لبنان”، وكرر ما قاله “أمام المسؤولين اللبنانيين بأن البلاد على شفير الهاوية لكن هناك على الطاولة وسائل للنهوض، اذا تحلوا بالأمل وهناك ضرورة لمن يتولون المسؤولية العمل من اجل النهوض”.
وختم: “التربية في لبنان مثال لعدد كبير من الدول ولا بد كما قال الرئيس ماكرون زيادة عدد المدارس، وأؤمن بمستقبل التربية في لبنان ولا أحد سيترككم”.
تصريح
وعن الزيارة، قال لودريان في تصريح للاعلاميين: “أصل الآن إلى نهاية زيارتي الرسمية للبنان. جئت إلى لبنان حاملا رسالتين: أولا، رسالة إلحاح، لأنه يجب القول الأمور كما هي: لبنان اليوم على حافة الهاوية. في حال لم يتم اتخاذ خطوات، فقد يذهب لبنان إلى الهلاك. يعي الجميع ما هي الطريق التي يجب أن يسلكها لبنان. هناك طرق لإعادة إنعاش البلاد. فرنسا مستعدة لدعمها، شرط أن تقرر السلطات السياسية ذلك. رسالة الإلحاح هذه التي عرضتها بالأمس على رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب، أكررها اليوم. كما أتيت أيضا لأحمل للشعب اللبناني رسالة تضامن. جئت لأؤكد هذا التضامن مرة أخرى في هذا الصباح. يتجلى هذا التضامن في المساعدة المباشرة للقطاع التربوي اللبناني برمته، لا سيما القطاع التربوي الفرنسي والفرنكفوني، وهو أمر مهم للغاية في لبنان، لأن قوة هذا البلد هي أنه يبعث بالأمل من خلال التعليم والعطش للتعلم والقدرة على جعل التعليم مصدر غنى. هذه القوة هي التي في رأيي ستحمل لبنان نحو مصير جديد. أعود اليوم مقتنعا بأنني أوصلت هاتين الرسالتين، مقتنعا أيضا بأن الوعي الذي لا بد منه سيتحقق”.
سئل: بالأمس، أعربتم عن دعمكم لدعوة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى الحياد، فهل تؤكدون أن لا سيادة من دون حياد؟ وبالنسبة إليكم، هل يهدف هذا الحياد إلى استبعاد “حزب الله” من الحياة السياسية، وبالتالي تحقيق رغبات الولايات المتحدة؟
أجاب: “قابلت البطريرك أمس، وبدت لي زيارته أساسية كونه شخصية بارزة في لبنان. لقد استمعت إلى ما قاله. وعندما يتحدث عن الحياد، أعتبر أنه يتحدث عن الحياد الإيجابي. الحياد الإيجابي يعني بالنسبة إلي – وهذه هي الرسالة التي تكررها فرنسا – النأي بلبنان وبسيادته وبسلامة أراضيه عن الصراعات الإقليمية والتأكيد على قوة لبنان وهويته وسلامة أراضيه. نشاطر البطريرك تماما هذه الرسالة”.
سئل: هل تعتقدون أن هذه الحكومة يمكن أن تنقذ لبنان من الأزمة؟ وهل هذه الحكومة هي حكومة “حزب الله”؟
أجاب: “لقد أصررت على لقاء الممثلين عن مؤسسات الدولة اللبنانية فقط لا غير. قلت لهم ما هي النظرة الفرنسية للوضع الراهن وأنه من الضروري الشروع في الإصلاحات، لا سيما في ثلاثة اتجاهات. أولا، التوصل إلى نتيجة في النقاشات مع صندوق النقد الدولي، وهذا يعني الشروع في التدقيق في حسابات البنك المركزي، واتخاذ الإجراءات اللازمة بشأن “الكابيتال كونترول”. الإصلاح الثاني يتعلق بالكهرباء، فهناك قانون يعود إلى عام 2002 يجب تنفيذه بعد طول انتظار. ويجب أن نتأكد من تشكيل الهيئة الناظمة وتحديث قطاع الكهرباء ليستقطب الاستثمار، ولكن أولا يجب التأكد من توضيح المنهجية. أما الإصلاح الثالث فيتعلق بالشفافية في قانون الشراء العام. هذا هو السؤال الذي يطرح على جميع اللبنانيين وعلى كل الأحزاب السياسية اللبنانية، وخصوصا على المسؤولين اليوم عن مستقبل هذا البلد. هذه هي مطالب فرنسا، وأعتقد أن رسالتي وصلت. لقد سمعت الرئيس عون يدلي بتصريحات قوية جدا حول رغبته في محاربة الفساد بلا هوادة، وآمل أن يلبي جميع الأفرقاء هذا النداء”.
الجمعة 24 تموز 2020 الوكالة الوطنية للإعلام