نتيجة سوء الأوضاع، وتدهورها في شكل دراماتيكي تداعى عدد من الشخصيات من مختلف القطاعات السياسية والأكاديمية والاعلامية من أجل تسريع عملية تأسيس لقاء “البيت اللبناني”. وتشكّلت لجنة تحضيرية لهذه الغاية هدفها إستكمال الإتصالات والمشاورات القائمة أصلاً مع عدد من الشخصيات والكيانات السياسية.
وضمّت اللجنة التحضيرية للقاء، حسّان الرفاعي، غالب ياغي، يوسف دياب، لينا حمدان، خليل حلو، مكرم رباح، رشيد رحمه، لقمان سليم، صالح دبيبو، احمد عياش، حسن شامي، علي الامين، يقظان التقي، توفيق هندي، عبد المجيد عوّاض، محمد عبد الحميد بيضون، سلمان سماحه وتيدي ابو رجيلي.
وفي ما يأتي نص الميثاق التأسيسي للقاء “البيت اللبناني”: يقع لبنان اليوم مع اقتراب المئوية الاولى لنشوء الكيان والدولة تحت تهديدات وجودية على درجة عالية من الخطورة ليس أقلها ان هنالك على المستوى الإقليمي مشروع هيمنة إمبراطوري متخيل يفكّك دول المنطقة بزعم قيام كيان إمبراطوري تحت سيطرة ولاية الفقيه وبأيديولوجية مذهبية ضيقة ومتخلفة أدخلت المنطقة في نكبة الصراع المذهبي الشيعي السنّي التي فاقت بنتائجها التدميرية نكبة فلسطين وألحقت الأذى بالقضية الفلسطينية بجعلها على الهامش في جدول الأعمال الإقليمي والدولي.
بالمقابل، ثمة ظاهرة التيارات المتطرفة التي تدعي الإسلام وتتخذ من الإقليم والعالم مسرحاً لأعمالها الإرهابية. وهي في واقع الحال تتناقض شكلاً مع مشروع ولاية الفقيه، ولكنها تبرره بالوقت عينه كما يبررها على حساب الإعتدال الديني، كما على حساب الأقليات الإثنية والدينية. من ناحية ثانية، حوّلت ثلاثة عقود من الوصاية مع طبقة سياسية ملحقة وفاسدة لبنان الى دولة فاشلة لا سيادة لها ولا تسيطر على أرضها او حدودها وتٌتخذ قراراتها في الخارج ولمصلحة الوصاية دون أي إعتبار لمصالح او متطلبات وضرورات الشعب اللبناني وهذا ما أدخل البلد في عزلة عربية ودولية وصارت الدولة محكومة بثلاثية الوصاية والميليشيا والفساد مما أدخل لبنان في أزمة إقتصادية عميقة فاقمتها أزمة المالية العامة التي يمعن الفساد المتفشي في الطبقة السياسية وأتباع الوصاية في وضع اليد على موارد الدولة وجعلها محاصصة بينهم في عملية تعميم وتوسيع للفساد غير مسبوقة وتحت مسميات خادعة مثل حقوق الطوائف والزعامات القوية في الطوائف٠ هذا الوضع يزيد الى النزف الإقتصادي النزف البشري ويخسر لبنان سنوياً عشرات الألوف من شبابه الذين لا أفق أمامهم سوى الهجرة وترك البلد ينغلق على نفسه متجهاً الى حالات متعددة من الإنهيار تطاول الحياة الإقتصادية والإجتماعية وصولاً الى الكيان نفسه، هذا دون الإشارة الى وطأة النزوح السوري وكلفته والذي عجزت الطبقة السياسية الفاسدة عن إيجاد أي صيغ او حلول تنظم او تخفف من أثار هذه الكارثة البشرية بالتعاون مع المجتمع الدولي بل أن البعض يرفع لواء التخويف والترهيب من هؤلاء النازحين ويثير النعرات والكراهية وذلك لإخفاء فشله في وضع وتطبيق سياسات تعالج بشكل جدّي مشاكل البلد والعلاقة مع النزوح ومتطلباته.
إن إخراج لبنان من حالة الإنهيار والفوضى يتطلب بالدرجة الأولى تجديد دوره ومعناه الرسالي كموطن للعيش المشترك والحريات وتجديد تجربته الديموقراطية التي عصفت بها الوصايات والميليشيات وسياسات النفوذ الإقليمي إضافة الى الحروب الداخلية وإمارات الطوائف والمذاهب٠ كما يتطلب عملية تغيير جذرية في إطار إستراتيجية تقوم على الأسس التالية:
أولاً- تمسك لبنان واللبنانيين بالشرعيات الثلاثة: أ- الشرعية اللبنانية المتمثلة بالدستور وإتفاق الطائف. ب- الشرعية العربية المتمثلة في نظام المصلحة العربية وفق ميثاق ومقررات الجامعة العربية. ج- الشرعية الدولية المتمثلة بتطبيق جميع القرارات الدولية وبالأخص ال ١٥٥٩- ١٦٨٠- ١٧٠١- ١٧٥٧،، كما هي متمثلة بإعلان بعبدا.
ثانياً- وضع لبنان على مسار قيام دولة مدنية حديثة، تقوم على الحريات والعدالة والتضامن الوطني والإجتماعي.
ثالثاً- إسقاط كل أشكال الوصاية الخارجية على البلد والمؤسسات وإسقاط نظام المحاصصة ورموزه التي تقوم بخدمة الوصاية وأهدافها مقابل حماية فسادها وتحكمها بموارد الدولة والمال العام.
رابعاً- إعادة الإعتبار للهوية الوطنية الجامعة وللدستور وللمؤسسات الدستورية والتأكيد على أن المؤسسات الدستورية وبخاصة الرئاسات ومختلف السلطات ليسوا ممثلين لطوائف او تجمعات مذهبية بل عليهم واجب تمثيل كل لبنان وكل خروج عن هذه القاعدة يجب أن يكون مدخلاً لإستقالة او إقالة او محاكمة.
خامساً- التأكيد على وضع خريطة طريق جدية لإستعادة السيادة وتنفيذ القرارات الدولية فلا يمكن الخروج من وضع الدولة الفاشلة إذا لم تتم استعادة السيادة للدولة وإذا لم تتم عودة لبنان الى الشرعية العربية والدولية كمظلة لممارسة سيادته.
سادساً- إشهار مبدأ أن الجميع تحت المحاسبة وهذا يعني وضع الرئاسات والمؤسسات الدستورية ثم القضاء والأمن والإدارة والبلديات وكل المؤسسات التي تتعلق بالشأن العام بما فيه المؤسسات الإعلامية والأحزاب السياسية تحت مظلة قوانين جديدة تفرض رقابة صارمة على عملها وشفافية تامة. فلا مسؤولية مهما علا شأنها دون محاسبة.
سابعاً- إضافة الى التطبيق الكامل والناجز لإتفاق الطائف التأكيد على وضع برنامج وطني لإصلاح الحياة السياسية والمؤسسات السياسية والنقابية ضمن مبدأ إخراجها من هيمنة الطائفية والمذهبية، وإعتبار ان الإصلاح السياسي هو عمل يومي مستمر لا يتوقف لأن توقفه يؤدي الى جمود الحياة السياسية وهذا ما يتطلب إعطاء الأولوية لإصلاحات تسقط الإقطاعيات والميليشيات وتصيغ المؤسسات صياغة جديدة تواكب الحياة السياسية في الديمقراطيات المتقدمة وتعيد للبنان دوره كمنارة للشرق.
ثامناً- العلاقات بين لبنان والدول العرب تكون علاقات من دولة الى دولة ويتوجب منع أو تجريم أي علاقات سياسية أو عسكرية أو أمنية بين أي دولة وبعض الفئات اللبنانية لأن هذا الأمر في جوهره خروج على الوفاق الوطني وميثاق العيش المشترك.
تاسعاً- القضية الفلسطينية قضية كل العرب وحلها حل عربي ودولي يصيغ بنوده نضال الشعب الفلسطيني بدعم ومؤازرة من كل الدول العربية ومن كل الدول التي تؤمن بالعدالة والقانون الدولي. المهم أن تتوقف التجارة بالقضية الفلسطينية وأن تتوقف الميليشيات عن الزعم بأنها تعمل من أجل فلسطين وهي بالواقع لا تعمل إلا للسلطة والتسلط على الشعب بإسم المقاومة والتحرير.
عاشراً- أما حماية لبنان من إسرائيل، فلا تكون قطعاً من خلال السلاح الميليشياوي، إنما تتطلب بناء دولة قوية تستند الى شرعية شعبية متجذرة وديمقراطية راسخة، وإعادة قرار الحرب والسلم إلى المؤسسات الدستورية حصراً وإعادة حق إمتلاك السلاح إلى الجيش وأجهزة الدولة الأمنية دون سواها، كما إعادة صلاحية رسم السياسة الدفاعية إلى مجلس الوزراء وترجمة هذه السياسة من خلال وضع إستراتيجية دفاعية المناطة قانوناً إلى المجلس الأعلى للدفاع.
أخيراً، لا بد من التأكيد على أن لقاء “البيت اللبناني” هو إطار للعمل الوطني. غير أن مكوناته من كيانات وشخصيات سياسية، لها كامل الحرية بالعمل السياسي على أن لا يتناقض عملها مع بيانه التأسيسي ولاحقاً مع بياناته ومواقفه كافة. ويطمح اللقاء أن يشكل إطاراً جامعاً للطاقات والنخب والكيانات حول محتوى بيانه التأسيسي هذا، وذلك من أجل بلورة صورة معارضة جدية واضحة نقية تعيد الثقة إلى شعب بات على حافة اليأس وتعطيه الأمل بإمكانية إسترجاع لبنانه المخطوف والمهشم والأمل بإمكانية حياة كريمة مزدهرة وسعيدة. إن اللقاء يعلن أيضاً إستعداده للتعاون بالمواضيع ذات الإهتمام المشترك مع الأحزاب والشخصيات والكيانات السياسية التي تتعاطى الشأن العام، ولا سيما كيانات المجتمع المدني، التي قد لا تشاطره كامل توجهاته الوطنية المنصوص عنها في البيان التأسيسي.
قواعد وآلية عمل اللقاء
1- طبيعته: تجمع للعمل الوطني
2- يتشكل اللقاء من أحزاب وتجمعات وشخصيات سياسية.
3- ليس للقاء رئيساً بل أمانة سر تتشكل من عدد من أعضاء اللقاء، مهمتهم تحضير جدول أعمال الجلسات بالتواصل مع أعضاء اللقاء كما كتابة محاضره وتحرير بياناته وتسويقها. يحق لأي عضو في اللقاء في أي وقت أن ينضم إلى إجتماع لأمانة السر. يعقد اللقاء إجتماعات دورية يتفق على تاريخها في نهاية كل إجتماع له، كما يعقد إجتماعات إستثنائية كلما إقتضت الحاجة.
4- كافة قرارات اللقاء تؤخذ عن طريق توافق أعضائه
5- يصدر عن إجتماعات اللقاء قرارات بتحركات سياسية وكما يصدر بيان سياسي، إذا إقتضى الأمر. تترجم هذه القرارات جماعياً أو إفرادياً
6- لأعضاء اللقاء الحرية الكاملة بالقيام بنشاطات في كافة المجالات السياسية شرط أن لا تتعارض مع البيان التأسيسي لللقاء وبيانات إجتماعاته وتحركاته المقررة.
7- تكون إدارة الإجتماعات مداورة بين أعضائه ومدير الجلسة يتلو البيان عند إنتهائها أو أي عضو في اللقاء يختاره، إن لم يشأ ذلك.
الثلاثاء 9 تموز 2019