بدعوة من جمعية “الناس للناس” ومنظمة GARIWO الإيطالية ومقرها ميلانو، إفتتحت مساء أمس “حديقة الصالحين” Giardino Dei Giusti في بلدة كفرنبرخ الشوفية وهي عبارة عن جانب من الحديقة التعليمية الحسية للبلدة، التي تواصل الجمعية بناءها، حيث زرعت عشر أشجار زيتون رمزًا للسلام وتكريما لمسيرة عشرة من الصالحين في العالم.
وتعتبر الحديقة الأولى من نوعها في لبنان، إذ توجد مئة وإثنتان وعشرون مثلها في العالم بما فيها إثنتان في تونس والأردن.
بدأ الإحتفال بالنشيدين اللبناني والإيطالي وحضره مطران صيدا للروم الملكيين الكاثوليك إيلي حداد، وممثل شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ فادي العطار وعدد من رجال الدين مسيحيين ومسلمين من اللقاء الروحي، ومن المنطقة، والسفير الأرمني في لبنان فاهاغن أتابيكيان
Vahagn ATABEKYAN وممثلة السفارة الإيطالية المستشارة روبيرتا دي ليتشي Roberta Di Lecce والقنصل الفخري لأرمينيا في إيطاليا بيترو كوتشوكيان Pietro Kuciukian ممثلا منظمة غاريو (حديقة الصالحين) ورئيسة بلدية كفرنبرخ وسام الغضبان ومختار البلدة حسيب رعد والأب المخلصي عبدو رعد مؤسس جمعية الناس للناس وعدد من أعضاء الجمعية، وفعاليات دينية وأمنية واجتماعية وأصدقاء.
المطران حداد شكر رعد على المبادرة وبارك حجر الأساس لمركز الحديقة الذي حمله رعد من باب اليوبيل لكنيسة سانتا ماريا ماجوري في روما وهي أقدم كنيسة رومانية في العالم مشيدة على اسم السيدة العذراء. واعتبر ان الحديقة مثال حي على المصالحة والتعايش في الجبل عموما وكفرنبرخ خصوصا، وهي مساحة لتأكيد التلاقي التاريخي بين أبناء الجبل من كل الطوائف. ووعد حداد بأن الجبل سيبقى قويا بتضامن جميع أبنائه.
الأب رعد عايد قداسة البابا فرنسيس بعيد القديسين بطرس وبولس، ودعا إلى زراعة الخير والصلاح لتمجيد الله عبر أخينا الانسان. وشدد على أن الهدف من الحديقة التربوية تعلم الصلاح والوقوف معا في زمن الحروب ضد الشر على درب الصالحين العشرة المكرَّمين. وأشار إلى أن الحضور الغني بالفعاليات الدينية والأهلية هو انعكاس للتعايش العفوي في كفرنبرخ مؤكدا أن الأولوية دائما للحوار مع الآخر المختلف عرقيا وطائفيا ومعتبرا أن حديقة الصالحين تشكل نموذجا للتأمل الفردي والجماعي بأعمال الخير.
وقال: نمجد الله من خلال علاقتنا بالطبيعة ويجب أن نعلم أولادنا أن لا يرموا بذور الثمار في سلة المهملات بل يتعلموا زراعتها أو مجرَّد رميها في الأحراج والحدائق. فنحن مدعوون الى فهم الطبيعة والدفاع عنها كسبيل للخير ولحياة أفضل للجميع. والطبيعة تشكل أرضية مشتركة بين جميع الجماعات الجندرية والعرقية والدينية والقومية بمختلف الفئات العمرية. وحبها يعني أن تحب الله. ومن جهتنا نصلي كي يجعل الله من كل دين باباً للمحبة والتعاون بين البشر.
وناشد الأب رعد جميع الأديان التوحد وتمجيد الله من خلال الإحترام المطلق لأي إنسان ومن خلال الطبيعة التي وهبها الخالق لنا لنعتني بها.
كوتشوكيان أوضح من جهته أنه ابن أحد الناجين من الإبادة الجماعية للأرمن وقال: مؤثرة رؤية أشجار الزيتون في أرض لبنان المغمورة بالتاريخ والثقافة حتى لو جرحت في الماضي. فهذه الأرض قريبة من قلب الأرمن ووفرت ملاذا للعديد منهم ولكل لاجئ ومحتاج من العالم. كما أن السفير الأرمني أراد بحضوره رعاية الحفل. وأوضح كوتشوكيان أنه لطالما بحث عن الصالحين الذين أنقذوا الأرمن وشهدوا للحقيقة مشيرا الى أن الصالحين عبر العالم هم روابط استئناف الحوار وتحقيق السلام بين الشعوب، وأن ذكرى الخير هي دحض جذري للكراهية وطريق للمصالحة والسلام.
الغضبان شكرت بدورها جمعية الناس للناس على مشاريعها ودعت الجميع الى دعم استكمال إنجاز مشروع الحديقة لأنه سيكون منارة وموقعا فريدا من نوعه في منطقة بيئية بامتياز.
مختار البلدة الأستاذ حسيب رعد ألقى بدوره قصيدة رحب فيها بالحضور.
وفي ختام الحفل، منحت جامعة الحضارة العالمية المفتوحة The International Civilization Open University كلية الفلسفة والأديان شهادة الدكتوراه الأكاديمية في تخصص “علم اللاهوت وفلسفة الأديان” الى الأب عبدو جرجس رعد وبدرجة جيد جدا. وتسلّم رعد الشهادة من رئيس الجامعة مخلص الجدة.
كما سلّم الأب رعد دي ليتشي والقنصل الفخري لأرمينيا في ايطاليا أيقونة عيد البشارة كعربون شكر سائلا السيدة العذراء توحيد جميع اللبنانيين كونها أم الجميع.
الجدير بالذكر أن المكرَّمين العشرة هم:
نلسون مانديلا Nelson Mandela الحائز على جائزة نوبل للسلام 1993، بعد مسيرة نضالية طويلة خاضها في السجون وخارجها دفاعا عن حقوق الإنسان في جنوب إفريقيا بمواجهة نظام الفصل العنصري.
كارلو أنجيلا Carlo Angela وهو طبيب إيطالي عارض الفاشية وتم اعتباره “صالحًا بين الأمم” لجهوده خلال الحرب العالمية الثانية في إنقاذ مئات اليهود وسائر معارضي الفاشية المُلاحقين في تلك الفترة.
فراس حسين Faraaz Hussein طالب متفوق من بنغلادش كان يدرس في جامعة اموري Emory في الولايات المتحدة الامريكية حين قتل أثناء زيارة لوطنه وهو يحاول إنقاذ أصدقائه عوض الفرار أثناء هجوم إرهابي وقع في دكا في يوليو 2016.
جاكوب واليزابيت كونزلر Jakob et Elisabeth Künzler: زوجان سويسريان شهدا على الإبادة العرقية ضد الأرمن في أورفا في تركيا بيم 1915 و1917 وأنقذا العديد من الأرمن. وفي عام 1922 استقرا في لبنان وأنشئا ميتماً ساعد ما يناهز 8000 يتيم.
أنطونيا لوكاتيللي Antonia Locatelli: وهي مدرّسة إيطالية عملت في رواندا منذ سبعينيات القرن الماضي وساهمت شهادتها الحية في الكشف عن المجازر التي تعرّض لها شعب التوتسي على يد القوات الحكومية في 9 آذار 1992، ما دفع هذه القوات باغتيالها عشية اليوم نفسه.
فريديوف نانسن Fridtjof Nansen: مستكشف نروجي وعالم ودبلوماسي، تمت بفضل جهوده المصادقة عام 1922 في جنيف على جواز نانسن الذي يسمح للأشخاص المهجرين بالحصول على بطاقات هوية. وحاز على جائزة نوبل للسلام.
أندريه ساخاروف Andrej Sacharov: عالم فيزيائي روسي حائز على جائزة نوبل للسلام عام 1975 بعد معارضته خطط النظام الشيوعي في استخدام الطاقة النووية لأهداف عسكرية ولدفاعه عن الحريات وحقوق الإنسان في بلاده. اعتقل عام 1980 أثناء اشتراكه في مسيرة إعتراضا على التدخل السوفياتي في أفغانستان. ونفي وزوجته الى غوركي حيث خاض معركة طويلة مع النظام تخللها إضراب طويل عن الطعام.
صوفي شول Sophie Scholl: طالبة ألمانية وناشطة سياسية معادية للنازية عضوة في المقاومة اللاعنفية “الوردة البيضاء”. أدينت بتهمة الخيانة العظمى بعدما وزعت منشورات مناهضة للحرب العالمية في جامعة ميونيخ وأعدمها النازيون عام 1943.
أزوتشينا فيلافور Azucena Villaflor: ناشطة إجتماعية أرجنتينية وإحدى مؤسسات جمعية حقوق الإنسان “أمهات ساحة مايو”، وهدفها البحث عن ديساباريديس (ضحايا الاختفاء القسري أثناء الحرب القذرة في الأرجنتين). وقد خُطفت وقتلت على يد النظام الديكتاتوري في الأرجنتين عام 1977.
أرمين فاغنر Armin T. Wegner طبيب وكاتب وشاعر وضابط في الجيش الألماني أثناء الحرب العالمية الأولى. استطاع التقاط عشرات الصور لعذابات الشعب الأرمني في الصحراء السورية أثناء الإبادة الجماعية الأرمنية
في عام 1918. ويعود له الفضل في إيصال هذه الصور سرا إلى المانيا والولايات المتحدة.
الأحد 30 حزيران 2019 BEKAA.COM