بعد مواقف البطريرك مار بشارة الراعي والمطران الياس عودة المحذرة من المس بودائع اللبنانيين وجنى عمرهم وضمانة مستقبلهم ومستقبل عائلاتهم، موقف اليوم لمفتي الجمهورية السابق الشيخ محمد رشيد قباني، في الاطار عينه.
فقد أوضح المفتي قباني في فتوى بيان أن “الحكم الشرعي في مسألة اقتطاع جزء من حسابات أموال الناس في المصارف، هو حرمة اقتطاع أي نسبة أو جزء من أموال ودائع الناس في النظام المصرفي اللبناني بأي سبب أو تفسير أو تأويل، وكذلك يحرم تشريع أو إقرار ما يجيز شيئا من ذلك، لأن ذلك كله هو نوع من أكل أموال الناس بالباطل، وهو ما ثبت لدينا بالدليل الشرعي والله تعالى أعلم”.
وقال: “بيان الحكم الشرعي في هذه المسألة، مبني على نهيِ الله تعالى في القرآن الكريم عن أكل أموال الناس بالباطل في قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل (سورة النساء/الآية 29)، والباطل هو اسم لكل تصرف لا يبيحه الشرع كالربا والقمار والرشوة والغصب والسرقة والخيانة والظلم، إلى غير ذلك من التصرفات المحرمة. ولأن النبي محمدا صلى الله عليه وسلم، أعلن أعظم قاعدة حقوقية في أعظم اجتماع عام مع أمته في حجة الوداع التي انتقل بعدها إلى الرفيق الأعلى فقال: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم. وقال: من أخذ من الأرض شيئا بغير حقه خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين. وقال: لا يحل للرجل أن يأخذ عصا أخيه بغير طيب نفسه. وقال: ألا لا تظلموا، ألا لا يحل مال امرىء إلا بطيب نفس منه. وقال أيضا: من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، وفي رواية: من قتل دون مظلمته فهو شهيد، ومعنى من قتل دون، أي: قتل دفاعا عن”.
أضاف: “بما أن الإسلام قد أقام العدل والمساواة بين الناس بنص القرآن والسنة، ولم يفرق في ذلك بين حاكم ومحكوم في الحقوق والواجبات، وأوجب المحافظة الكاملة على الحقوق الأساسية الخمسة للانسان وهي الدين والنفس والعقل والمال والعرض. ولأن من المحرمات التي حرمها الله بصفة خاصة حرمة أكل أموال الناس بغير حق إكراها. ولأن الله قد حرم أخذ أموال الغير بغير طيب نفس من مالكها ورضاه، فلا يجوز غصب المال ولا نهبه ولا سرقته ولا الاستيلاء عليه بوجه غير مشروع، لأن ذلك كله من أكل أموال الناس بالباطل. ولأن العدل الذي هو أساس الحكم ويكون بالتعامل بالرضى طوعا من غير إكراه. ولأن واجب السلطة والدولة هو المحافظة على حقوق المواطن، وبقيامها بهذا الواجب تكتسب شرعيتها كسلطة حاكمة. ولأن النظام المصرفي الحالي الذي عمت به البلوى اليوم هو آلة دخار المال التي يظنها الناس آمنة في زماننا هذا. ولأن كلامنا هنا هو عن المال المودع أو المدخر في المصارف وليس عن الناتج الربوي ونظام الرِّبا المحرم الذي نهى الله عن التعامل به بإجماع فقهاء الشريعة بقوله تعالى: وأحل الله البيع وحرم الربى، وبقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الرِّبا إن كنتم مؤمنين، فإن لم تنتهوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله، وقوله تعالى: يمحق الله الربا”.
وتابع: “لأن أموال المواطنين في أرزاقهم وجنى أعمارهم ونقودهم في المصارف قد ائتمنوا عليها الدولة اللبنانية يوم ادخروها في نظامها المصرفي فإنها تبقى دينا ممتازا أول عليها، وعلى الدولة أن توفيه لهم قبل تسديدها لديونها الخارجية للدول أو لديونها الداخلية المباشرة للمصارف. وبما أنه يجب على الدولة والمصارف اللبنانية أن تسدد تلك الحقوق كاملة غير منقوصة لأصحابها في حساباتهم المصرفية نقدا بنفس نوع وجنس العملة التي أودعوها فيها وطنية كانت تلك النقود أو أجنبية”.
وختم مؤكدا أن “الحكم الشرعي في هذه المسألة هو حرمة اقتطاع أي نسبة أو جزء من أموال ودائع الناس في النظام المصرفي اللبناني بأي سبب أو تفسير أو تأويل، وكذلك يحرم تشريع أو إقرار ما يجيز شيئا من ذلك”.
الاثنين 20 نيسان 2020 الوكالة الوطنية للإعلام