توفي المخرج الإيطالي فرنكو زيفريلي Franco Zeffirelli أمس السبت، في منزله في روما عن 96 عاما.
وأورد الإعلام الإيطالي أن فرنكو زيفريلي: “فارق الحياة بعد صراع طويل مع مرض تفاقم في الأشهر الأخيرة”.
وكتب داريو نارديلا رئيس بلدية فلورنسا مسقط رأس السينمائي الكبير في تغريدة: “لم أكن أريد أن يأتي هذا اليوم أبدا. فقد غادرنا فرنكو زيفريلي هذا الصباح. وهو من عظماء الثقافة العالمية. ونقدّم تعازينا لأقربائه. وداعا أيها الأستاذ العزيز. فلورنسا لن تنساك أبدا”.
خاض زيفريلي مجالات الإخراج والإنتاج وتأليف السيناريوات، وفي رصيده نحو عشرين فيلما طويلا. وهو تولى أيضا إخراج أكثر من ثلاثين مسرحية وعرض أوبرا.
وزيفيريلي هو من كبار أتباع أسلوب السينما الجمالية واستوحى الكثير من أعماله من الأدب الإنكليزي وقصص الأوبرا الشهيرة.
وكان زيفريللي يحظى عادة بتقدير الجمهور أكثر من النقاد وهو آخر فرد من جيل عمالقة السينما الإيطالية الذي جاء بعد الحرب العالمية الثانية وكان يشمل فيدريكو فيليني ولوتشيانو فيسكونتي وفيتوريو دي سيكا.
أخرج زيفريلي أكثر من 24 فيلما وعمل مع نجوم منهم إليزابيث تيلور وريتشارد برتون ولورانس أوليفيه وأليك جينيس وفاي دونواي وجون فويت.
وأشهر أفلامه هو “روميو وجولييت” (1968) المقتبس من المسرحية الشهيرة لوليام شكسبير ومثل فيه ليونارد ويتينغ واوليفيا هوسي بعمر 17 و16 سنة.
ونال زيفريلي لقب “سير” الإنكليزي سنة 2004.
ترشح لجائزة الأوسكار مرتين. وانتخب في مجلس الشيوخ الإيطالي لفترتين كعضو في حزب فورزا إيطاليا بزعامة سيلفيو برليسكوني.
وُلد فرنكو في مدينة الفنون فلورنسا في الثاني عشر من فبراير (شباط) 1923. وهو ابن غير شرعي لتاجر، أعطته والدته لقب “Zeffiretti” – ويعني “نسائم صغيرة” – وقد أخطأت كتابته في شهادة ميلاده. والمعنى الأصلي استوحته من أوبرا لموتسارت تم تقديمها لأول مرة سنة 1781 بعنوان «إيدومنيو».
وبالفعل عمل زيفريلي بكد ليصبح هو نفسه مبدعًا وغزير الإنتاج للأوبرا أيضاً، حيث نظم أكثر من 120 عرضاًً خلال مسيرته في لندن وميلانو ونيويورك.
درس زيفريلي في البداية الهندسة المعمارية في جامعة فلورنسا، ولكن توقف تعليمه بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية. خلال الحرب، ناضل في صفوف الحزب الشيوعي ضد الفاشيين بزعامة موسوليني وضد الاحتلال النازي. بعد القبض عليه من قبل الفاشيين، أُنقذَ من الإعدام عندما تبين أن محققه هو أخ غير شقيق لم يكن يعرفه من قبل. فرتب أخوه غير الشقيق لإطلاق سراحه.
عندما انتهت الحرب، واصل دراسته لكن مشاهدته لمسرحية هنري الخامس للمخرج لورانس أوليفييه (1944) ألهمته لمواصلة مسيرته المهنية في المسرح.
في عام 1945، بدأ العمل كمصمم مجموعة في مسرح فلورنسا في تياترو ديلا بيرجولا Teatro della Pergola، وركز على المسرح طوال الخمسينيات والستينيات.
وفي أواخر الأربعينات التقى بالمخرج لوتشيانو ڤيسكونتي (1906 – 1976) الذي عينه مساعدا له في فيلم «الأرض المهزوزة» سنة 1948 وكان ذلك الفيلم أحد ثلاثة أفلام ربطت بينهما. الفيلمان الآخران هما «جميلة» (1951) و«شعور» (1954).
لا شك في تأثير المعلم الأول على الثاني، على الأقل بالنسبة لحجم الأعمال التي تبنى إخراجها زيفريلي بعد ذلك. الجنوح إلى الإنتاجات الكبيرة ذات العماد الأدبي. هذا من دون أن يتبنى زيفريللي ذلك النقد الموجع الذي خص ڤيسكونتي به المجتمع الإيطالي.
بناء على طلب البابا ، في عام 1970 قدّم زيفريلي “القداس الاحتفالي” Missa solemnis تكريما للذكرى المئوية لميلاد بيتهوفن.
فيلمه الأول اقتباسا من شكسبير (1967)، كان “ترويض النمرة” Taming of the Shrew . وقد تم تمويله بشكل كبير من قبل الممثلين ريتشارد بيرتون وإليزابيث تايلور، اللذين توليا في النهاية الدورين الرئيسيين فيه.
بالإضافة إلى إخراج الأفلام والحياة المهنية الطويلة في إنتاج الأوبرا، مسرحيا وسينمائيا، أخرج زيفيريلي أيضًا واحدا من أروع أفلام الشاشة “يسوع الناصري” عام 1977 والذي صنع من الممثل روبرت باول Robert Powell ولفترة طويلة الوجه الأشهر للمسيح!
عام 1981 كانت له تجربة غير ناجحة تماما مع فيلم Endless Love والذي لعبت دور البطولة فيه بروك شيلدز ويعالج قصة شغف مرضي. ولكنه عاد بقوة وإتقان مع هامليت شكسبير في عام 1990 ، حيث لعب ميل جيبسون دور هاملت وجلين كلوز دور والدته جيرترود. من شكسبير كان داعب زيفريلي في عام 1986 عملا أوبراليا آخر لفردي Giuseppe Verdi هو «عطيل» مسنداً الدور إلى مغني الاوبرا الاسباني بلاسيدو دومنغو.
«الأخ شمس، الأخت قمر» مستلهم من حياة القديس فرنسيس كما وضعها سوسو غيشي دأميكو. «لا ترافييتا» سنة 1982 (أهم إنتاج حققه التونسي طارق بن عمّار في حياته المهنية) هو فيلم لأوبرا جوسيبي فيردي أيضا. و«جين آير» كان عن رواية شارلوت برونتي (1996) وهو عاد للأوبرا في فيلمه الأخير «كالاس للأبد» سنة 2002 وهو الفيلم الذي اضطلعت ببطولته الفرنسية فاني أردانت الى جانب البريطانيين جيريمي آيرونز وجوان بلورايت ويحكي قصة مغنية الاوبرا اليونانية العالمية ماريا كالاس.
وفي عام 1999 ، قام زيفريلي برحلة متأخرة من حياته المهنية إلى طفولته في زمن الحرب مع فيلم شاي مع موسوليني Tea With Mussolini ، معتمداً بشكل كبير فيه على مخزون ذاكرة وانطباعات طفولته الخاصة التي قضاها بين كبار السن من الإنجليزيين المغتربين والسيدات الأمريكيات. وتميز الفيلم بسحر وصراحة مخلصين: قصة صبي صغير نشأ في فلورنسا في ثلاثينيات القرن الماضي يجد نفسه منغمساً في عالم غريب الأطوار، سيدات أجانب بحثاً عن الثقافة، مثلت فيه جوان بلرايت، ماجي سميث وجودي دينش ولعبت دور السيدتين الأمريكيتين الممثلتان ليلي توملين وشير.
الأحد 16 حزيران 2019 إعداد BEKAA.COM