وطنية – محمد أبو إسبر- محطة معالجة مياه الصرف الصحي في بلدة إيعات التي باشرت عملها سنه 2008، والتي كانت قد أعدت لتكرير المياه المبتذلة المتدفقة إليها من مدينة بعلبك وقرى دورس وعين بورضاي وحوش تل صفية والجوار، ليصار إلى الاستفادة من كمية مياه كان من المفترض أن تكون صالحة للري، تزيد عن 500 متر مكعب في الساعه تدب الحياة في عروق الاراضي الزراعية في سهل تتسم تربته بخصوبتها، إلا أن المحطة ما لبثت بعد سنوات قليلة أن تحولت من نعمة الى نقمة.
تحولت الى نقمة بعدما حملت شبكاتها المواد الكيميائية وفضلات محطات المحروقات والبقايا الناتجة عن المسالخ، ما عطل عملها، لأنها بالأصل غير مجهزة لمعالجة هذه الأنواع من الفضلات، وباتت تصرف المياه غير المعالجة عبر مجاري الأمطار باتجاه سهول إيعات وشليفا ودير الأحمر والكنيسة وأطراف بلدة بتدعي، ولم تسلم حتى مدرسة راهبات العائلة المقدسة في دير الاحمر التي تضم مئات التلاميذ من ضرر المياه الآسنة التي تمر بمحاذاتها، وباتت نواتج المحطة مصدرا للروائح الكريهة والاوبئة والأمراض ولتلوث المياه والهواء والتربة، وتهدد حياة الناس وممتلكاتهم وأرزاقهم.
ولم تتوان البلديات الاتحادات البلدية التي واكبت نواب ووزراء منطقة بعلبك الهرمل، عن المتابعة مع المعنيين في الوزارات المختصة ومجلس الإنماء و الإعمار، إلا أنها حتى الآن لم تحصد سوى الوعود التي لم تبصر النور، وآخرها الوعد بتحديث المحطة وتوسعتها.
المقداد
وفي اطار متابعات النواب ووزراء المنطقة، قال النائب الدكتور علي المقداد ل”الوكالة الوطنية للاعلام”، ان “نواب تكتل بعلبك الهرمل يتابعون منذ سنوات ملف محطة إيعات لمعالجة مياه الصرف الصحي، وعقدنا عدة اجتماعات مع كل الوزارات المعنية ومع مجلس الإنماء والإعمار لهذه الغاية، وطالبنا باتخاذ الإجراءات والتدابير الآيلة إلى رفع الضرر عن أهلنا وبيئتنا، وكلفنا أخصائيين أجروا الدراسات لمكامن المشكلة الفنية والتشغيلية، وعقدنا عدة لقاءات أيضا مع الاتحادات البلدية والبلديات ومؤسسة مياه البقاع، للاستماع إلى الآراء وتبادل الأفكار، واقتراح الحلول المناسبة”.
ورأى أن “المشكلة تفاقمت بشكل كبير وخطير، والمحطة تصل إليها مع مياه الصرف الصحي الجلود والزيوت وفضلات محطات الوقود والمواد العضوية المختلفة وهي غير مجهزه لمعالجة تلك المواد”.
وأعلن انه “خلال اجتماع نواب تكتل بعلبك الهرمل الأخير مع معالي وزيرة الطاقة والمياه ندى البستاني، جري نقاش حول مشكلة محطة إيعات التي أصبحت مصدرا للتلوث وانبعاث الروائح الكريهة من المياه المبتذلة الصادرة عنها”، وقال: “علمنا من الوزيرة بأن الدراسة شارفت على نهايتها وسيبدأ تنفيذ التوسعة والمعالجة خلال فترة قريبة، وبالتزامن مع ذلك سيصار إلى إنشاء أحواض جديدة للمحطة وبرك لمعالجة المياه التي تخرج منها”.
وتابع: “لقد وضعنا الوزيرة البستاني في أجواء التحركات الشعبية المحقة لأهالي القرى المتضررة، وفي طليعتها إيعات ودير الاحمر وشليفا والكنيسة، وبالتأكيد سيتصاعد هذا الاحتجاج من الأهالي في حال حصول أي تأخير، لأن الضرر الذي تسببه المياه الآسنة المتدفقة من المحطة باتجاه البلدات المجاورة لم يعد يطاق”.
وختم المقداد: “بما أن التمويل متوفر للمشروع، فلا يوجد أي مبرر لتأخير التنفيذ، مع الإشارة إلى أن العقد مع المشغل قد انتهت مدته، لذا لا بد من توقيع عقد جديد بين وزارة الطاقة والمياه والمشغل لتأمين صيانة وتشغيل المحطة حتى لا تزيد الأمور سوءا عما هي عليه اليوم”.
فخري
بدوره، قال رئيس اتحاد بلديات منطقة دير الأحمر المحامي جان فخري: “المشكلة الاساسية في محطة إيعات التي بدأ العمل بها قبل حوالي 11 سنة، تكمن في أنها أعدت لمعالجة وتكرير الصرف الصحي الطبيعي، ولكن اختلطت المياه المبتذلة التي تصب فيها من بعلبك وقرى الجوار بفضلات محطات المحروقات والشحوم والزيوت وفضلات المسالخ التي كان ينبغي معالجتها قبل تدفقها نحو المحطة، فبدأت تظهر الآثار السلبية، لأن الآلات والتجهيزات غير معدة لتكرير هذا النوع من الصرف الصحي. كما أن بعض الآلات لا يعمل لأسباب تقنية، مما يعيق عملية سحب الرمال والأتربه والأوساخ من خزانات الترسيب، أي أن المنظومة التقنية للمحطة لا تعمل بشكل سليم، وهي تحتاج إلى تحديث بآلات جديدة وخطوط جديدة”.
وتابع: “المشكلة الجوهرية هي في المعدات، والمشكلة الأكبر تكمن في بقايا الأوساخ التي تسمى “الحمأة” التي تعتبر خطيرة، حيث يتم تجميعها في العراء بالقرب من المحطة، والتي تهدد بتلويث التربة والمياه الجوفية”.
وأشار إلى أن “خزانات الترسيب تبقى فيها أيضا “الحمأة” ما يزيد من نسبة البكتيريا والجراثيم، وبالتالي انتشار الأمراض في المنطقة المحيطة”.
وأكد أن “عداد التدفق يقرأ قراءة خاطئة، وثمة مشكلة أخرى تتعلق بغاز الكلور في خزانات الترسيب، فهو خارج الخدمة، ويتم الاستعانه بمسحوق الكلور بدلا منه أحيانا، ويتم تصريف المياه إلى خارج المحطة، دون أن تكون مطابقة للمواصفات، في حين أن التشغيل يتم يدويا من خلال مراقبة بصرية، وليس عبر رصد الكتروني وتقني، ناهيك عن أن البقايا و”الحمأة” ثقيلة على محركات المكثف وفاعليته، وجهاز التهوئة يعمل لساعات محددة وليس على مدار الساعة 24/24 كما هو مفترض، ونظام التحكم بحاجة إلى إعادة تأهيل”.
وقال: “المياه المبتذلة والمختلطة ببقايا كيميائية خطيرة على البيئة تتدفق من المحطة في إيعات باتجاه المنطقة السهلية الممتدة من شليفا إلى أطراف بتدعي ودير الأحمر والكنيسة، بخط طولي يمتد حوالي 10 كيلومترات أصبح عمليا خط الموت والأوبئة والأمراض، وخطره لم يقتصر على التربة والهواء والمياه الجوفية، بل طاول أيضا المدارس والصناعات الزراعية والمؤسسات والمساكن، وبدأت تنتشر بين صفوف المواطنين الأوبئة والأمراض، إضافة إلى تكاثر الحشرات وانتشار الروائح الكريهة”.
ورأى أننا “أمام كارثة حقيقية تتمدد في السهل، لذا كان تحركنا على مدى السنوات الثلاث الماضية لرفع الصوت، وحملنا هذه القضية الخطيرة إلى مجلس الإنماء والإعمار ووزارات البيئة والطاقة والمياه والزراعة والصحة ومؤسسة مياه البقاع، ليتحمل الجميع مسؤولياتهم بهذا الشأن”.
وشدد على ضرورة “مواصلة جهود البلديات والاتحادات البلدية بالتعاون مع نواب ووزراء منطقة بعلبك الهرمل لرفع الضرر عنا”. واقترح “تحديث المحطة وتحويل اعتمادات ونفقات تشغيلها لاتحاد البلديات أو للبلديات لكي تتولى إدارتها وتشغيلها وفق الأصول، فتصبح مياه الصرف الصحي معالجة حسب الأصول، وتصبح المحطة مصدرا للمياه المكررة والمعالجة التي تحتاجها الزراعة في سهولنا”.
وختم: “صرختنا هذه تعني كل لبنان وليس منطقة بعلبك فقط، ولكي نحمي كل أهلنا، لأن منتوجات سهولنا لطالما كانت تمتاز بجودتها ونوعيتها وسلامتها، وهي تسوق في كل المناطق اللبنانية، وريها بالمياه النقية الخالية من كل مصادر التلوث يعود بالفائدة على جميع اللبنانيين”.
زعيتر
أما مختار بلدة الكنيسة نواف زعيتر، فقال: “منذ أربعة أشهر والبلدة تعاني من مشكلة وصول المياه المبتذلة الصادرة عن محطة إيعات، التي تلوث البيئة وتهدد صحة الأهالي ومزروعاتهم وممتلكاتهم، وعلى الرغم من المراجعات المتكررة لم يتم تشغيل المحطة بالشكل السليم”.
وناشد الوزراء المعنيين واتحاد بلديات بعلبك واتحاد بلديات منطقة دير الأحمر والمجالس البلدية والنواب “العمل لوضع حل جذري لهذه المشكلة البيئية الخطيرة التي لا يجوز السكوت عنها، أو المماطلة بشأنها”.
الجمعة 15 آذار 2019