عقد لقاء في بلدة ايعات، استنكارا للجريمة التي أودت بحياة المواطن علي خليل عبد الساتر، الذي قتل خلال محاولته منع مسلحين مجهولين من سرقة محصول البصل من داخل أرضه في البلدة، حضره النائبان حسين الحاج حسن وعلي المقداد، ممثل المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى المفتي الشيخ عباس زغيب، رئيس بلدية ايعات حسين عبد الساتر، وفد “اللقاء التشاوري الوطني لعشائر وعائلات منطقة بعلبك الهرمل” وفاعليات.
استهل اللقاء بكلمة ألقاها الباحث الشيخ حسن عبد الساتر، فقال: “نحن نعتب على الدولة، المقصرة تجاه بلدتنا وأبنائنا، ونأمل من الدولة أن ترعانا وتحفظنا كما رعيناها وحفظناها وخدمناها، فأول شهيد مطلع عهد الاستقلال حسن عبد الساتر الذي استشهد وهو يرفع العلم اللبناني على قبة مجلس النواب خلال عهد الانتداب الفرنسي، ولم نر له إسما في ساحة المجلس أو في شوارع العاصمة التي تحمل أسماء المحتلين غورو وفوش وكليمنصو وسواهم”.
وختم: “لا يصح أن تبقى هذه المنطقة يعيث فيها الفساد والإرهاب في طول سهلها وعرضه، ويطلق العابثون بأمنها النار على المواطنين الآمنين”.
ثم تحدث كاهن الرعية الأب جوزف كيروز، فاعتبر أن “الشهيد علي عبد الساتر هو شهيد اللقمة النظيفة والزراعة الشريفة، الذي ربى عائلته على الأخلاق والوطنية وحسن الجوار، وتستحق بلدته إيعات أن ينعم سكانها على اختلاف طوائفهم بالطمأنينة والسلام والأمن أسوة بباقي البلدات”.
وناشد قيادة الجيش والقوى الأمنية والقضاء “إعطاء الإهتمام الكافي لهذه الجريمة النكراء، وسوق المجرمين إلى العدالة ليلقوا جزاءهم، ويكونوا عبرة لغيرهم”.
بدوره رأى زغيب أن “سبب هذه الجريمة، الفلتان الأمني غير المسبوق الذي نعاني منه جميعا في هذه المنطقة، فهل المطلوب أن نبقى نعيش في ظل هذا الفلتان الأمني حتى نقول للدولة لا نريد إنماء وإعمارا ومؤسسات، نريد فقط أن توفروا لنا الأمن لمن يخرج من منزله لكي يعود سالما؟”.
وقال: “نحن جميعا نتحمل مسؤولية ما وصل إليه الفلتان الأمني المتعمد في بعلبك الهرمل، وهل هذا الفلتان مدفوع الثمن لكي يرعب هؤلاء الناس، وهل الذي يدفع الثمن لهؤلاء هو نتنياهو فنعاملهم كعملاء خونة، أم هو من بيننا فعلينا أن نحاسبه وأن نقطع له يده وأن ننفيه من هذه الأرض؟”.
وتابع: “بدأنا نشعر أن كرامتنا تنتهك، وأصبحنا نتعرض في بيوتنا للاعتداءات والتطاول، وإذا بقي الأمر على هذه الحال فلن نقف مكتوفي الأيدي، وليكن دم علي إنذارا للجميع حتى نحافظ على دماء الآخرين”.
من جهته قال الحاج حسن: “يؤسفنا ويؤلمنا أن نجتمع مجددا بسبب مجرمين قتلوا واحدا من أبناء المنطقة من أجل السرقة، قتلوا رب عائلة ويتموا أطفالا وثكلوا عائلة ومنطقة في مشهد يتكرر دائما، وفي وقت تكثر فيه أحداث اطلاق القذائف الصاروخية والرصاص”.
أضاف: “خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة قمنا بزيارات للمسؤولين السياسيين والأمنيين من دون إستثناء، لحثهم على تحمل مسؤولياتهم، ووضع حد للتفلت الأمني، فهناك قوى أمنية مسؤولة عن الأمن وعليها تحمل مسؤولياتها، وينبغي على العقل أن يرشد الإنسان إلى الموقف الصواب، كما عقدنا خلال الأشهر الماضية 4 لقاءات ضمت فعاليات تربوية وسياسية ودينية تحت عنوان الأمن، واليوم نجتمع لنتوجه إلى القوى الأمنية المعنية بجميع أجهزتها، ولنقول إن الناس فقدت ثقتها بالدولة ومؤسساتها، وما يحصل يسقط ما تبقى من هيبة للدولة، وعلى الأجهزة الأمنية بكاملها تحمل المسؤولية في تقصيرها في حق بعلبك الهرمل وفي حق إيعات وفي حق عائلة الشهيد، وعليها أن تتوقع غضب الناس، ونأمل أن يكون غضب الناس في الإتجاه الصحيح”.
وتلا عبد الساتر بيانا باسم أهالي البلدة وفاعليات المنطقة، جاء فيه: “لم نعرف من شهيدنا علي إلا الاستقامة وحسن العشرة وطيب الحديث واليد البيضاء السباقة لفعل الخير، قضى عمره في المكان الذي يحب، وانتقل شهيدا من المكان نفسه الذي يحب.
إن ما ألم بنا في بلدة ايعات، لم يكن الأول، كما أنه لن يكون الأخير، اذا ما استمرت السلطات المعنية في التعامي عن تحمل مسؤولياتها في تحقيق أبسط حقوق المواطن وهي العيش في أمن وأمان.
إن التعاطي مع حياة الناس بهذا الاستخفاف، لن يدفع بالمجرمين إلا ليمعنوا في الإجرام، وإلى المعتدى عليهم بالعودة إلى منطق الثأر الذي كنا وما زلنا نرفضه رفضا قاطعا ونهائيا، لكن آن الأوان للأجهزة الأمنية المعنية أن تضع حدا لمسلسل الفلتان الأمني المتمادي.
إن الأمن والاستقرار لا تصنعهما الحملات الأمنية المتنقلة والمحدودة زمنيا وجغرافيا، بل العمل الأمني المستمر والملاحقة الدائمة لعصابات الخطف والسرقة والتشليح وغيرها، بأسلوب عمل مهني لا يعرض المواطنين العزل للخطر. ومن هنا نقول، ان مطلبنا واحد: القبض على الفاعلين وإنزال أشد العقوبات بهم ليكونوا عبرة لغيرهم.
نريد الدولة التي تعاقب القاتل، لا الدولة التي تتحامل على المظلوم والمقتول، مرة بالمماطلة ومرة أخرى بالتسويف. وإذا لم تقدم الدولة على ذلك، فهي تحاول بذلك دفع المواطن إلى الثأرية والى حمل السلاح وأخذ حقه بيده، وهو ما رفضناه دائما في بلدتنا.
لقد تعاملنا مع الجريمة وقت حدوثها بطريقة المواطن الذي يؤمن بالدولة، فلا تخيبوا أملنا بها، إن حالة الفلتان الأمني المستشري، واللامسؤولية عند المسؤولين، من شأنه دفع البلاد إلى حالة من الفلتان وعدم الاستقرار. فكيف للقوى الأمنية معرفة أصغر مخالفة بناء أو حفر بئر، ولا تستطيع أن تضع حدا لمجرمين متفلتين من كل الضوابط الإنسانية والشرعية والأخلاقية، وبالمناسبة، جلهم أصحاب سوابق، خرجوا من السجون بأحكام مخففة، إن لم نقل بأحكام شكلية.
نطالب بإجراءات سريعة لمعرفة الجناة والاقتصاص منهم ليكونوا عبرة للآخرين، فكما تستطيع القوى الأمنية القبض على لص سطا على مصرف خلال ساعات لا أيام، لن تكون قاصرة عن اكتشاف جميع ملابسات جريمة أودت بحياة عزيز لنا.
لا نريد أن يصل أولياء الدم إلى موقع لا تحمد عقباه في حال عدم كشف الفاعلين، وكل أهل إيعات أولياء الدم، لا بل كل الشرفاء هم أولياء دمك يا علي، كما نطالب بنقطة أمنية في سهل إيعات، ولعلكم سمعتم عن عشرات محاولات الخطف والسرقة والتشليح على طريق بعلبك- إيعات- دير الاحمر- الأرز، وطريق بوداي، هذا العام فقط، وهي بعيدة كل البعد عن أبناء بلدتنا الكرام. فبلدتنا بلدة وديعة، بلدة عيش مشترك وإنسانية وخوف من الله، آن الأوان لهذا المسلسل الإجرامي أن يتوقف. آن الأوان لرفع الصوت عاليا في وجه كل مقصر في أداء واجباته العسكرية والأمنية في حفظ حياة الناس وأمنهم واستقرار المنطقة، على أي مستوى من المستويات كانوا، ولم يعد مقبولا الاستنكار والشعارات كما لو ان المسؤولين عن أمن هذه المنطقة هم من خارج هذا البلد، ونسأل الله ان يكون استشهاد علي نقطة تحول في مسار هذا الفلتان الموجود، وهو سيكون خير ثأر لدمه.
لقد قدمت هذه البلدة وكل البلدات البقاعية خيرة شبابها دفاعا عن كرامة هذا الوطن وفي سبيل استقراره وأمنه وذودا عن كرامات الناس، ولقد آن الآوان أن يبادلها هذا الوطن بحفظ كرامات الناس وأمنهم واستقرارهم، لا أن يصبح من لم يقتله الإرهاب الصهيوني والتكفيري، يقتل من قبل ابن بلده لأتفه الأسباب. كما نطلب من النواب الكرام المتابعة الحثيثة والفاعلة لهذا الملف لنصل الى النتيجة المطلوبة، وإننا على استعداد لمعاونتكم في أي خطوة تطلب منا، ولن نسكت او نستكين عن المطالبة بحقنا”.
الأحد 6 ايلول 2020 الوكالة الوطنية للإعلام