قال رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع: “إذا لم تقم الحكومة باتخاذ التدابير المطلوبة، وإذا ما وصلنا إلى ما برأينا نحن واصلون إليه، أي ازدياد عدد الإصابات بفيروس كورونا في لبنان بشكل كبير يفوق قدرة المستشفيات والطواقم والبنى التحتية الطبية على استيعابه وأصبح الناس يموتون في الطرقات، سنقاضي جزائيا رئيس الحكومة حسان دياب ووزير الصحة العامة حمد حسن، فنحن لدينا توكيل شعبي عريض وبالتالي نحن مسؤولون وسنجد أنفسنا مضطرين لمقاضاتهما وذلك انطلاقا من خطورة الوضع، فنحن لسنا في صدد الكلام عن الاقتصاد أو المالية أو الإدارة وإنما عن موضوع من الممكن ان يؤدي إلى موت مواطنين لبنانيين”.
أضاف جعجع خلال إطلالة مباشرة من المقر العام للحزب في معراب: “أردت أن أكون واضحا وصريحا لأن هذه الأيام لا تحتمل اللغات السياسية والدبلوماسية والمحاباة باعتبار أن هناك لبنانيين من المفترض أن يبقوا على قيد الحياة، إلا أنه إذا لم تتخذ التدابير اللازمة فسيلقون حتفهم لا سمح الله، وهذا الأمر هو جريمة يحاكم عليها القانون”.
وتابع: “أين يجب أن تتجه جهود الحكومة؟ مهما فعلنا فنحن لسنا بلدا باستطاعته اتخاذ استعدادات علاجية بشكل كاف نظرا لإمكانياتنا المالية وعدد المستشفيات لدينا وأمور عدة أخرى. لذا أملنا الوحيد في أن نتمكن من اتخاذ تدابير وقائية من أجل تجنب مضار هذا الوباء العالمي وهذا الكلام لا يعني أننا يجب ألا نتخذ تدابير علاجية على ما تقوم به وزارة الصحة الآن وهذا لا يعني أيضا أننا يجب ألا نقوم بتزود المستشفيات الحكومية وغير الحكومية بكل الوسائل الممكنة من أجل علاج المرضى، إلا أن عملنا الأساسي يجب أن ينكب على ألا يكون هناك مرضى لأنه وبالرغم من الإمكانيات الكبيرة التي تتمتع بها الدولة الإيطالية فقد وصلوا الآن إلى مرحلة أصبحوا مضطرين فيها إلى الاختيار ما بين المرضى ومن يجب أن تتم معالجته ومن يجب أن يترك ليموت لأنهم بدأوا يعانون من نقص في أدوات التنفس والمستلزمات الطبية الأخرى. وقد وصلت الصين أيضا إلى هذه المرحلة بالرغم من كل تقدمها وتطورها على المستوى الطبي وبالتالي يجب ألا نقوم بغش أنفسنا، فمهما قمنا بالتحضيرات العلاجية التي يجب أن نقوم بها إلا أن التحضيرات الأساسية التي يجب أن ننجزها هي الاستباقية لعدم انتشار المرض فنحن قد قمنا بالخطأ الأول عبر تركنا لمعابر لبنان الحدودية البرية والجوية والبحرية سائبة لمن يريد الدخول واعتمدنا على ما أسميناه “الحجر التلقائي” وهذه الغلطة سيحكم عليها التاريخ إلا أن المهم الآن ألا نرتكب خطأ آخر”.
وتطرق جعجع إلى الخطوات التي على الحكومة القيام بها، قائلا: “يجب على الحكومة وبشكل فوري أن تقوم بإغلاق وإقفال البلاد بشكل كامل، وأنا أعني ما أقول، فنحن إذا ما انتشر الوباء، لا سمح الله، بشكل كبير سنجد أناسا يموتون قبل الوصول إلى المستشفيات، كما سنشهد أناسا يموتون مكدسين عند أبواب المستشفيات لسبب بسيط وهو أننا لا نملك المعدات الطبية ويحب أن نقول هذا الأمر للحكومة بهذا الوضوح، نحن لا نمتلك المعدات الطبية ومهما قمنا باستقدام المعدات الجديدة فهناك أمور لا يمكن التعويض عنها بأسبوعين فقط. كما أننا لا نمتلك الأدوية والمستلزمات الطبية والطواقم الكافية من أجل معالجة كل المرضى في حال انتشر المرض بشكل كبير لا سمح الله، وهناك من يقولون إنه إذا ما وصلنا إلى 1000 إصابة في لبنان فالمستشفيات لن تتمكن من استيعاب هذه الحالات، إلا أنني أعتقد أنه إذا وصلنا إلى الرقم 500 فقط فنحن سنكون أمام مشكلة كبيرة وكبيرة جدا، والمسؤولية في هذا الإطار قصوى باعتبار أنها مرتبطة بأرواح الناس”.
أضاف: “الحل الذي نملكه من أجل أن نتمكن من تخطي هذه المرحلة بأقل خسائر ممكنة وبشكل يمكننا من معالجة من يصاب هو الإقفال التام في البلاد، ففي بعض الأوقات نحن بحاجة لإجراءات جريئة وجذرية وعلينا أن نكون هجوميين أكثر من هذا المرض الهجومي وإلا سيسبقنا. فعلى سبيل المثال، في الأسابيع الثلاثة الماضية كان المرض يمشي بسرعة 100 فيما الحكومة وتدابيرها ووزارة الصحة كانوا يمشون بشرعة 10 أو 20، وأكبر دليل على ذلك أن المرض سبقنا ورأينا إلى أين وصل الآن، وإذا ما استمررنا على هذا المنوال فسيسبقنا بأشواط وأشواط وسنجد أنفسنا مع أهلنا وهم يموتون ليس لسبب سوى أنهم لا يستطيعون دخول المستشفيات وليس لأن المرض بحد ذاته فتاك إلى هذا الحد”.
وتابع: “لقد طرح موضوع الإقفال التام على وزير الصحة البارحة فما كان منه إلا أن رد بأن هناك مياومين يعملون من أجل كسب قوتهم اليومي وإذا لم يعملوا فلن يتمكنوا من العيش للنهار المقبل، إلا أن الإقفال التام هو فعلا من أجل هؤلاء المياومين لأننا إذا ما تركنا الأمور تستمر بالشكل الذي هي عليه اليوم فهؤلاء هم أكثر المتضررين وأكثر نسبة من الذين لن يتمكنوا من دخول المستشفيات فالقضية ليست أنهم لن يتمكنوا من العمل لفترة معينة وإنما للأبد، فالخيار اليوم ليس ما بين إبقاء البلاد مفتوحة أو إقفالها على صحة السلامة وإنما ما بين توفير الوقاية للناس مع الكثير من الوجع أو عدم توفير هذه الوقاية وبالتالي خطر موت مئات ومئات من اللبنانيين لسبب بسيط وهو أن طاقات المستشفيات والطواقم الطبية والمعدات الموجودة لدينا لا تكفي في حال، لا سمح الله، انتشر المرض”.
وقال: “بالإضافة إلى الإقفال العام في البلاد يجب أن يتم إغلاق المعابر البرية والبحرية والجوية بشكل قطعي، باعتبار أن هناك بعض الأمور التي لا يمكننا المزاح بها وهذه التدابير يجب أن تتخذ على مدى 21 يوما فقط فهذه ليست نهاية الكون، كما يجب أن تقوم الحكومة بتنظيم رحلات منظمة وبأوقات محددة للبنانيين القادمين من الخارج والراغبين بالعودة إلى لبنان ويجب أن تقوم بإرسالهم لحظة وصولهم إلى الحجر الصحي الإلزامي لمدة 21 يوما قبل السماح لهم بالعودة إلى منازلهم. كما يجب أن يتم اتخاذ تدابير كاملة في محيط مخيمات اللاجئين الفلسطينيين والسوريين ومنع الدخول إليها والخروج منها، كما تسعى الحكومة لإيجاد الطريقة المناسبة من أجل تأمين الحاجيات الحياتية الأساسية المطلوبة لهذه المخيمات”.
أضاف: “صدر عدد كبير من الأخبار والبعض منها قرأته شخصيا في صحيفة “Le Monde” الفرنسية تفيد بأن هناك مرضى إيرانيين من مستويات سياسية وعسكرية وأمنية من أجل تلقي العلاج من فيروس كورونا في لبنان، وهذا بالطبع أمر غير مقبول، فكل بلد لديه كفايته في الوقت الحاضر ولبنان إمكانياته متواضعة إذا ما قارناها بإمكانيات الدول الأخرى، لذا إذا ما صح هذا الأمر الذي قرأته في وسائل الإعلام وقد حددت أين قرأته، فعلى وزارة الصحة مسؤولية في هذا الإطار لأن هذا الأمر لا يجوز ويساهم بشكل كبير جدا بانتشار الوباء، عدا عن أننا يجب أن نحفظ أي إمكانيات طبية نملكها للبنانيين”.
وكان جعجع قد استهل مؤتمره الصحافي بالقول: “كنت أنوي اليوم أن أتقدم بطرح كبير في ما يتعلق بمكافحة فيروس كورونا، إلا أنه استوقفني البارحة الكلام الذي نقلته وزيرة الإعلام منال عبد الصمد عن لسان رئيس الحكومة خلال جلسة مجلس الوزراء الأخيرة وأحببت التوقف عنده باعتبار أنه يتضمن الكثير من الأمور التي تحتاج التصويب تبيانا للحقيقة فقط لا غير، فهي نقلت عنه تأكيده أن الحكومة اتخذت كل التدابير اللازمة وليس صحيحا ما يحكى عن أنها لم تتخذ الإجراءات المطلوبة، حيث أضافت أن دياب شدد خلال الاجتماع على أن لبنان أصبح نموذجا لدى بعض الدول في مكافة كورونا”.
أضاف: “سأبدأ من الجزء الأخير من الكلام المنقول عن رئيس الحكومة، بالطبع انا أتمنى أن يكون بلدنا نموذجا لكل شيء في العالم ولكن ليست هذه هي الحقيقة والواقع، فلبنان في مكافحة كورونا لا يعد نموذجا أبدا وإذا استطلعنا نسب الإصابات في دول العالم كافة لوجدنا أن مرتبة لبنان تقع في النصف الأول من الدول أي “الأكثر إصابة” وليس في النصف الثاني الذي هو “الأقل إصابة”، إلا أن النقطة الأهم في الكلام المنقول عن رئيس الحكومة هي تأكيده أن الحكومة اتخذت كل التدابير وهذا الأمر غير صحيح إطلاقا إذ أن أول إصابة موثقة بالكورونا كانت قد وصلت إلى لبنان في طائرة تحمل 200 راكب فتم اخذ المريضة التي اكتشف لديها المرض فيما تم إرسال باقي الركاب إلى منازلهم من أجل “الحجر التلقائي”. والأسوأ من ذلك هو أننا استمررنا باستقبال الطائرات من البلد الذي أتت منه هذه المريضة بشكل طبيعي وعادي بالرغم من أننا نعلم جميعا أن فترة حضانة الفيروس داخل أي شخص يمكن أن تتراوح بين 14 و21 يوما، كما يمكنها أن تصل في بعض الحالات إلى 27 يوما، وبالتالي الحكومة لم تتخذ كل التدابير المطلوبة”.
وتابع: “الولايات المتحدة الأميركية، أي 325 مليون نسمة، سجل فيها 1500 إصابة أي بنسبة أقل من إصابة واحدة فقط بالنسبة لـ4 ملايين نسمة، فما كان من الدولة الأميركية إلا أن سارعت إلى إعلان وقف استقبال كل الرحلات من أوروبا أي عشرات آلاف الأشخاص بالرغم من كل العلاقات السياسية والمصالح الاقتصادية، أتمنى أن نتوقف عند هذه الواقعة بشكل كبير”.
وختم: “منذ تسجيل الإصابة الأولى رجونا الحكومة ووزير الصحة أن يتخذ قرارا بوقف الرحلات فورا من جميع الدول التي تحول فيها هذا الفيروس إلى وباء، وتحديدا في تلك المرحلة الصين، كوريا الجنوبية، إيران وإيطاليا، وهذا ما يؤكد أيضا أن الحكومة لم تتخذ كل الإجراءات فهي أخطأت في مكانين كبيرين جدا: أولهما أنها لم تغلق المعابر الجوية والبرية والبحرية في مواجهة الدول التي كانت الأكثر وباء في ذاك الوقت. أما الثاني فهو أن وزير الصحة اعتمد على ما أسماه “الحجر التلقائي” في حين ليس في لبنان ما يسمى بحجر تلقائي إذ أنه عندما يتم اعتماد هذا النوع من الحجر يتم تكليف آلاف الوكالات بمراقبة المواطنين المفروض عليهم هذا النوع من الحجر، ونحن لا نمتلك هذه الإمكانية وبالتالي بمواجهة وباء بهذا القدر من الهجومية والإنتشار، كان من المفترض اتخاذ تدابير كبيرة وجريئة وجذرية جدا وليس مجرد “ملحسة” للأزمة ما أدى بنا للوصول إلى ما وصلنا إليه”.
الجمعة 13 آذار 2020 الوكالة الوطنية للإعلام