روما – طلال خريس – وطنية – تعتبر الحركة العمالية الايطالية الأقوى في أوروبا، وللحزب الشيوعي الايطالي دور بارز في تأسيسها وتنظيمها منذ ولادته في 24 كانون الثاني 1921. وتأثرت النقابات بالقوة التنظيمية لأكبر حزب شيوعي في أوروبا والأكثر تنظيما. واكتسبت خبرة الحزب التنظيمية، وهو الذي عمل في السر منذ نشوئه حتى عام 1945، وكان على رأس المقاومة الوطنية الإيطالية وجزء أساسيا في النضال ضد الفاشية والنازية.
وللحركة العمالية دور أممي كبير في دعم الحركات النقابية في العالم ونصرة العمال أينما وجدوا. وساهمت في إقامة الحكم الجمهوري في إيطاليا، عدا عن المساهمة في تحقيق مكتسبات كبيرة للطبقات الكادحة، منها تأمين أفضل الظروف لأصحاب الدخل المحدود، وتأسيس التعاونيات الزراعية واستحداث دستور للبلاد يضمن الحريات العامة. والفقرة الأولى من الدستور الجديد لعام 1945 تنص على أن الجمهورية قائمة على العمل.
وفي إطار الدور العالمي للحركة العمالية، يراقب النقابي البارز في الكونفدرالية العامة الإيطالية للعمل CGIL انسو بارتسيالي، عن قرب الأوضاع في لبنان والتحركات العمالية وتربطه علاقات وثيقة مع الاتحاد الوطني لنقابات للعمال والمستخدمين في لبنان FENASOL وهو اتحاد نسج علاقات مع الحركة النقابية الإيطالية منذ تأسيسه.
وكان بارتسيالي رأى في مقال أن “على الحراك في لبنان ألا يقع في فخ المندسين”. وقال: “يجب على المحتجين ألا يقعوا في فخ المندسين الذين يسعون لتشويه نضالهم السلمي ليحولوا المعركة إلى حرب بين الفقراء. إن ما يقوم به الشباب الثائرون في لبنان حق مشروع لأنهم يريدون تحقيق العدالة. يريدون بالفعل، الانتقال من النظام الطائفي البغيض إلى الدولة المدنية الديموقراطية وتحقيق المساواة. ونحن كحركة نقابية أممية نقف الى جانب جميع الشعوب التي تناضل من أجل الحرية والعدالة”.
أضاف: “على الرغم من ذلك، وانطلاقا من تجربتنا النقابية، أتقدم ببعض النصائح لثوار لبنان: عليهم أن يتذكروا دائما أن الحركة المطلبية والإصلاحية هي حركة ديموقراطية تتفوق بفكرها وسلوكها على الدولة المركزية، وهي نموذج متقدم، أي أنها حركة حضارية بالدرجة الأولى. لذا، يجب ألا يترك المجال لأحد لتشويه ما تحمله من قيم عالية”.
وتابع: “نحن في الحركة النقابية الإيطالية مررنا في تجارب شبيهة بلبنان، واستطعنا السيطرة عليها. في بداية السبعينيات كانت تخترق صفوفنا من قبل منظمات من اليمين أو اليسار المتطرف، وكانت تعتدي عن قصد على قوى الأمن، المتعاطفة معنا أصلا، وتخريب المحال التجارية والممتلكات، لتشويه نضالنا وتخلي الجماهير عنا. وكان يحدث ذلك بالفعل وكانت تصاب الحركة النقابية بالنكسة تلو الأخرى. عندها أسسنا اللجنة التنظيميةServizio d’Ordine التي أصبحت مع مرور الوقت جهازا مركزيا في النقابات. وتضم اللجنة عناصر يتمتعون بخبرة كبيرة، فهي تخطط و تقود التظاهرات وتقوم بمراقبتها، وتعتقل الأفراد الذين يسيئون لمطالبنا وتسلمهم إلى السلطات الأمنية. لكل ذلك أتوجه الى الحراك في لبنان لاتباع نموذجنا كسبا للرأي العام في معركتهم المطلبية”.
وعن التظاهرات في لبنان، قال: “عندما ينظم إضراب أو تظاهرة، يجب الأخذ في الاعتبار الحاجات الملحة للسكان، وخصوصا بالنسبة إلى التنقل، على سبيل المثال تعليق التحرك خلال الساعات الأولى الصباحية، وبعض الساعات المسائية لتمكين المواطنين من القيام بالأمور الضرورية. يجب ألا يصبح التحرك كابوسا مرعبا للسكان، بل جزءا من الثقافة والتقاليد الشعبية. في إيطاليا كما في لبنان، التظاهر السلمي يحميه القانون والدستور، والتظاهر أمر مهم للعملية الديمقراطية في بلدينا. يجب أن يكون هناك قائد لأي تظاهرة يمكن التواصل معه من قبل الشرطة في حال الحاجة إلى ذلك. كما يجب عدم حرق الإطارات بسبب ضررها الشديد على الأطفال والمسنين”.
وعن إمكان تدخل قوى الأمن لقمع الشغب، قال بارتسيالي: “قوى الأمن لا تتدخل بشكل مباشر، بل تطلب من منظمي التظاهرة حل إشكال ما. في حال وصل الأمر إلى العنف، يمكن للشرطة أن تقوم بتصوير المتظاهرين وكذلك تسجيل الهتافات العنصرية أو العنيفة التي تحدث ليتم استخدامها لاحقا في المحاكمات كأدلة جنائية. تتدخل فقط بطلب من لجنة التنظيم”.
الاثنين 22 حزيران 2020 الوكالة الوطنية للإعلام