خاص Bekaa.com
في وسط السهل، تقع محمية دير تعنايل على طريق عام تعنايل-زحلة، وكأنها ثمرة الطبيعة العفوية. تشعر لحظة دخولك إليها بالإنشراح والراحة الناتجين عن هدوء المكان وصوت الطيور وإمتزاج الهندسة الأثرية لدير الآباء اليسوعيين بالطبيعة الخضراء.
تتميز المحمية بتنوعها الإيكولوجي الفريد. وتعتبر بيئة حاضنة للحيوانات والطيور والأشجار والنباتات والمزروعات كالتفاح والبطاطا والقمح والشعير والتبن وكروم العنب. كما أصبحت بحيرتها موطئا للطيور المائية.
بدورها تضفي تضاريسُ الجبال المكسوة بالثلوج من بعيد، رونقا خاصا على المكان. ولذلك تعتبر المحمية من المواقع البيئية المثالية للتعرف إلى سهل البقاع ولممارسة الرياضة على أنواعها (المشي-الركض-ركوب الدراجة، ركوب الخيل…).
ولكن هذه الثمرة ليست عفوية تماما. فهي نتيجة عناية آباء دير تعنايل وجمعية أركنسيال التي بدورها اهتمّت بالمحمية وفق أفضل المعايير.
مدير المحمية المهندس إيليا غرة أوضح لـ Bekaa.com أن المشاريع داخلها نفّذت بتمويل دولي متعدد المصادر، تحت إدارة وإشراف جمعية أركنسيال، التي أقامت فيها أيضاً مصنعاً لفرز النفايات، اتفقت الجمعية مع عدد من البلديات والمدارس على كيفية الفرز الأولي قبل نقل النفايات إليه. وجزء كبير من المفروزات يُستعمَل كأسمدة عضوية للدواجن والمواشي الموجودة في المزرعة التابعة للدير. بالإضافة إلى ذلك، فإن كل منطقة داخل المحمية مزوّدة بإرشادات للتعريف عنها. وهناك بعض الإرشادات التحذيرية والمقاعد المخصّصة للإستراحة تحت الأشجار وحول البحيرة
تشكّل المحمية مقصداً للزوار ولطلاب المدارس والجامعات خاصة أيام الآحاد.
سعر تذكرة الدخول للسير إلى البحيرة وقضاء فترة نقاهة يبلغ 3000 ليرة. و5000 ليرة مقابل عشرة دقائق لركوب الخيل. ويمكن إستئجار الدراجات الهوائية مقابل 10000 ليرة في الساعة. أما كلفة الجولة حول البحيرة في عربة الخيل فتبلغ 30000 ليرة. تستعمل هذه المبالغ لصيانة المكان وتحسين الخدمات.
بالإضافة إلى المحمية، يشتهر دير تعنايل بمنتجاته من الألبان والأجبان. عند نقطة الدخول تُقدم الكافيتيريا سندويشات اللبنة والجبنة البلدية لمن يرغب. وتقدّم الملبنة فطورا بلديا لذيذا (جبنة ولبنة وبيض بلدي مقلي) وبجانب “الملبنة”، لدى الدير مزرعة مواشي حيث يسرح البقر خلال النهار ويبيت في الغرف المخصصة للّيل. يُحلَب البقر مرتين في اليوم صباحاً وبعد الظهر بواسطة أجهزة حديثة. يُباع الحليب الطازج في الصباح، ومساء يحوَّل إلى المعمل لتصنيعه ألبانا وأجبانا لليوم التالي.
إلى جانب الألبان والأجبان، تتوفر المربيات والعسل والشراب والأيس كريم وخبز المرقوق وغيرها من منتجات الدير المتنوعة
ولقد تأسس دير تعنايل للآباء اليسوعيين مع كنيسة صغيرة بجانبه بين 1871 و1880. كان قبلها أرضاً خاضعة للعثمانيين سلموها إلى اليسوعيين بواسطة الدولة الفرنسية عام 1863 كفدية عن روح الشهداء الستة الذين سقطوا في زحلة ودير القمر خلال أحداث 1860، وإسعافا لأيتام الحرب.
الأب عزيز حلاق اليسوعي مسؤول كنيسة سيدة التعزية قال لـ Bekaa.com: كانت الأراضي ومساحتها 230 هكتارا تقريبا عبارة عن مستنقعات غير صالحة للزراعة جفّفها الآباء بجهود جبارة ونصبوا فيها آلاف الأشجار.
وعن كنيسة سيدة التعزية التي تشتهر بأيقونتها التاريخية، شرح الأب حلّاق: إنها نسخة عن الصورة الأصلية لسيدة التعزية العجائبية التي نقلها أحد الآباء عام 1851 من مدينة تورينو الإيطالية حيث كانت وما زالت موضع تكريم، إلى مدينة الجزائر ومن ثم إلى دير تعنايل عام1881
أضاف: ما إن رفعت الأيقونة فوق مذبح كنيسة الدير حتى فاضت خيراتها على المنطقة فأسّس اليسوعيون في تلك السنة العديد من المدارس في البقاع الأوسط. وبعد أن احتل الجيش التركي دير تعنايل عام 1914، أنقذ أحد الآباء الصورة فنقلها إلى دير اليسوعيين في دمشق.
في الدير بيت للرياضات الروحية من سبعين غرفة وقاعات اجتماعات وأماكن متنوعة للصلاة. ويستقبل البيت على مدار السنة رهبانا وراهبات وعلمانيين وشبابا وشابات مع توفير الجو الملائم لمكوثهم ولمرافقتهم الروحية.
وبإختصار، تعتبر محمية دير تعنايل من الأماكن المسالمة النادرة التي تمنح السلام الداخلي والصفاء الذهني وتعنى بالصحة النفسية والجسدية بعيدا من التلوث الهوائي والسمعي والبصري الذي فرض نفسه على يومياتنا. كلّما حمينا الطبيعة من الانسان، جادت عليه!
Bekaa.com- فكتوريا موسى
محمية تعنايل في دليل BEKAA.COM