أعلنت جمعية المستهلك، في بيان، أنّه “في ظل أسوأ أزمة في تاريخ لبنان تتخبط وزارة الاقتصاد والحكومة بقرارات عشوائية عدة وخارج أية خطة اقتصادية. كل شيء يتم بدون خطة معلنة تضيء للبنانيين طريقهم في هذا الظلام الدامس. اجتمعت وشاورت الافران وممثلي التجار والمستوردين وأصحاب السوبرماركت لكنها رفضت ان تستشير المجلس الوطني لحماية وجمعية المستهلك كما ينص القانون. انها فعلا وزارة التجارة والتجار ولا علاقة لها بحماية المستهلكين. جمعية المستهلك تشعر، كمعظم اللبنانيين، بغضب شديد من اداء الحكومة بخاصة اننا رحبنا بتشكيلها كمرحلة انتقالية من النظام القديم، الذي يعمل الكثير من اللبنانيين على التخلص منه، إلى نظام عصري ديموقراطي عادل خارج قيد المحاصصة والفساد الطائفي”.
ولفتت الجمعية إلى أنّ “موضوع الدعم الذي أقرته وزارة التجارة لم يصل إلى أكثرية اللبنانيين. لقد وصلت، على الخط الساخن للجمعية، عشرات الاتصالات من المواطنين يحتجون فيها على عدم وجود السلع المدعومة في المتاجر التي يقصدونها. في الثلاثة أيام الأخيرة قامت الجمعية بجولة كبيرة على متاجر بيروت وضواحيها حتى خلدة، للتأكد من الواقع. فرق الجمعية عاينت خلالها 52 متجراً. تبين لنا وجود سلع مدعومة في 19 متجراً فقط (36%). بعضها ليس لديه كل السلع وبعضها “نفدت السلع البارحة” اما 33 الباقون فقد صرحوا انهم اما “لم يصلنا منها شيء”، واما “رفض التاجر الفلاني ان يعطينا منها لأننا لسنا من زبائنه الاعتياديين” او لا علم لنا بالموضوع”.
وقالت: “من الواضح ان عوائق كثيرة تقف في وجه هذه الالية التي تحمل الكثير من المخاطر أهمها:
- ان قسماً من المستوردين حظي بنعمة الدعم، وهذا سلاح يشهره في وجه باقي المستوردين للحصول على حصة أكبر في السوق، وهذا يسمى اقتصاديا بالاحتكار ووزارة الاقتصاد تساهم في دعمه من حيث تدري او لا تدري.
- ان لا شيء يؤكد صحة أسعار الاستيراد المعلنة في بلد يشتهر تجاره “بالشطارة” والتهرب الجمركي والضريبي وتزوير الفواتير في كل الاتجاهات.
- ان عددا من المتاجر، وأحيانا الافراد، يخزن هذه السلع بهدف بيعها بالسعر الطبيعي. (المازوت المدعوم اختفى منذ أيام لكن ممكن ان تجد ما تشاء منه في السوق السوداء بضعف الثمن).
- معظم هذه المتاجر لا يمكن فقراء الناس الوصول اليها لأنهم لا يملكون بدل النقل ولا انترنت.
- لو كان لدى مديرية حماية المستهلك آلاف الموظفين للرقابة على هذه السلع في السوق لما استطاعت اكتشاف تلاعب التجار الاّ نادرا.
- كل تجارب الدعم اللبنانية “للفقراء” منذ ثلاثين عاما اظهرت ان 90% منها يذهب إلى التجار و”الشاطرين”. وهذا شمل ويشمل المازوت والشمندر السكري والتبغ والقمح وغيرها. ومعارك الافران والمطاحن ليست سوى قمة جبل الجليد.
- اما دعم الادوية التجارية (البرند) فهو فضيحة بكل معنى الكلمة. لأنه لا يمكن لدولة مفلسة ان تدفع مئات ملايين الدولارات سنويا لمستوردي الدواء الذين شكلوا دائما خليطا من الاحتكارات والفساد والافساد. على الحكومة دعم الادوية الجنيسية فقط، بعد تصحيح اسعارها، لان لهما نفس الفعالية علميا بينما الادوية الجنيسية أرخص بكثير. هذا سيوفر مئات ملايين الدولارات على الخزينة.
- ما هو حجم هذه العطاءات؟ السلة الغذائية ستصل إلى 1.523 مليار دولار سنويا وفق معلومات مؤكدة. المجموع سيتجاوز ثلاث مليارات دولار. ولقد حصلت الجمعية أيضا على معلومات تؤكد ان قدرة مصرف لبنان على الدعم لن تتجاوز الشهرين وسيتوقف بعدها الدعم. وزير الاقتصاد قال للجمعية في اتصال معها انه يؤيد توجه الجمعية لكن الحكومة تحتاج لبعض الوقت.
لكل هذه الاسباب تطلب جمعية المستهلك وقف هذه المهزلة والتوقف عن شراء الوقت وتقترح على الحكومة عدم تكرار التجارب القديمة الفاشلة والفاسدة التي اوصلتنا إلى الانهيار. إننا نطلب وقف كافة انواع الدعم بدون استثناء واتباع طريق جديد يركز على ما يلي:
- دعم العائلات الفقيرة والمتوسطة الصغيرة بمبلغ شهري وفق حالة كل عائلة، لأنه من غير الطبيعي دعم محروقات وغذاء ودواء الاغنياء وما تبقى من طبقة وسطى. او من الممكن اعتماد نظام القسائم الغذائية، ومنها الخبز، والمحروقات والدواء الجنريك لهذه العائلات ولذوي الامراض المزمنة، كما يجري في كل دول العالم. يا سادة يجب ان يذهب الدعم مباشرة إلى المحتاجين لا إلى التجار.
- شراء فوري لباصات نقل عام واعادة النقل المشترك إلى الطرقات بعدما قضى عليها نظام الفساد، بدلا من دعم سيارات وباصات النقل الخاص.
- دعم المدرسة الرسمية والجامعة اللبنانية، بعيدا عن فساد احزاب الطوائف، والاستثمار فيها بكل معنى الكلمة لتعود إلى دورها القديم الذي أطلقه فؤاد شهاب.
- تأسيس فوري لصندوق الدعم والقروض للصناعة والزراعة والشركات الصغيرة والمتوسطة والاستثمار فيها لأنها الوحيدة القادرة على خلق الوظائف وعلى اعادة الامل بنمو جديد وبناء الدولة. بدلا من دعم الاستهلاك الذي لا قعر له.
ان مبلغ ثلاثة مليارات دولار هي كافية لكل هذا وأكثر. سمعنا صراخا من بعض الوزراء: لا يمكننا رفع الدعم سينهار البلد وتطير الحكومة فورا.
وأضاف بيان الجمعية: “السيدات والسادة وزراء الحكومة: أنتم تتحدثون لغة الدولة الحديثة لكنكم تستخدمون ادوات دولة المحاصصة واساليبها الفاسدة الا ترون ذلك؟ نحن نريد ان نرى سياسات جديدة وجريئة تتجاوز كل هذه الاوساخ وكل هذه الانهيارات. ما تفعلونه لا يحمل أي أمل لنا، عندما ترحلون لن يترحم عليكم أحد. الوضع لا يحتمل تجربة المجرب. اسألوا الناس. ادعو الناس إلى استفتاء عام او في اقل تقدير اعملوا استطلاع رأي جدي. استمعوا إلى الناس. راهنوا على الناس قبل فوات الاوان”.
وختمت: “ايها المواطنون نحن لسنا فئرانا، لنا حقوق دافعوا عنها، ولنحاصر احزاب الطوائف لتختبئ كالفئران في الزوايا”.
الجمعة 10 تموز 2020