احتفل رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران عصام يوحنا درويش بقداس الميلاد المجيد في مستشفى تل شيحا بحضور الإدارة، الموظفين، الأطباء والممرضين والممرضات. وبعد الإنجيل المقدس كانت للمطران درويش عظة توجه فيها بالتهنئة من الجميع وماا قال:
“في قلب ظلام الليل والظلمة التي نعيشها في لبنان، يولد المخلص الإلهي ويشرق رجاء جديد لنا، ويُسمعنا ملاك الرب ما قاله للرعاة الفقراء الساهرين على قطعانهم في نواحي بيت لحم: “أبشركم بفرح عظيم، يكون للشعب كله: ولد لكم اليوم مخلص، هو المسيح الرب” ( لو 2/10-11 ).
قدّم الملاك المرسل من الله للعالم نشيداً للسلام. وركّز على ان السلام على الأ{ض مرتبط بمجد الله في السماء: “المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام ..” لذلك صار الميلاد بشرى خلاص للإنسان، ونوراً يضيء ظلمة حياتنا وسلاماً لقلوبنا. يبدد المسيح الظلمة والقلق والكآبة بقربه منا، بكلامه .. ويدعونا لنبدد بدورنا صعوبات الحياة بقوته وبنعمته.
الظلمات كثيرة: الفقر، الجهل، المرض، الحرمان، الكراهية، الإنقسامات، المصاعب الروحية، الأنانية، الفساد، الطمع وغيرها.
مع وجوده في المغارة تتحقق نبؤة أشعيا :”الشعب السالك في الظلمة أبصر نوراً عظيماً، والمقيمون في عتمة الظلام أشرق عليهم نور” ( أش 9/1 ).
ان الظروف التي نعيشها في هذه الأيام، والتي حرّكت شباب لبنان وجعلتهم يتخطون حاجز الخوف، فتهافتوا الى الشوارع يطالبون بمعيشة لائقة، تحتّم علينا أن ننظر الى هذه الأحداث من خلال حدث التجسد، فمعاناة الناس دهوة لنا لنعيد التفكير والتأمل بهذا السر العظيم، لأن الآلام التي نشعر بها، واليأس الذي يتولد فينا والخوف والقلق على مستقبلنا ومستقبل اولادنا ةكل ما نعانيه في حياتنا اليومية، تحمل في عمقها وفي جوهرها الرجاء بالخلاص.
لكي نخرج من الأزمة التي نعيشها ومن ظلمات الفقر والفساد والتظاهرات ومن ظلمات الإعتداء على بعضنا البعض وبخاصة من ظلمات الطائفية الموجودة في اعماقنا ، علينان ان نعود للميلاد ونتضامن معاً، الفقير والغني، القوي والضعيف، المسؤول مع المواطن، ونعزز الثقة بين بعضنا كضمانة لنعيش معاً بسلام.
من هذا المنطلق نقول ان الميلاد هو عيد الفرح العظيم. فالطفل الجديد، يسوع المسيح، هو بشرى الفرح العظيم، ففي وسط ظلمتنا وفي وسط التظاهرات التي تشهدها بلادنا، يولد المخلص، ليشرق مجده نوراً لنا : “أبشركم بفرح عظيم، يكون للشعب كله: ولد لكم اليوم مخلّص هو المسيح الرب ” ( لو 2/10-11 )، يولد ليبشرنا بالخلاص، ليمنحنا السلام. فمعه وحده تبدأ دوماً الأزمنة الجديدة، لأن حدث الميلاد يتجدد الآن كما كان يتجدد في كل زمن.
وفي خضم هذه المشاكل والأزمات، يأتي يسوع الينا ويقول لنا بثقة : ” لا تخافوا “. لقد استشعر خوفنا وقلقنا، فمنحنا سلامه وأكّد لنا أنه معنا، يرافقنا في طريق حياتنا، فمهما كثرت العواصف وقاربت السفينة أن تغرق، يظهر لنا اذا ما ناديناه، فيأمر الرياح ان تستكين والعواصف أن تهدأ. هذا هو الميلاد الحقيقي أن نعرف أن يسوع النازل من السماء، أتى ليمنحنا الرجاء وليثبتنا في معترك حياتنا ولؤكد لنا بأنه باقٍ معنا ” كل الأيام حتى انقضاء الدهر.
وتل شيحا هي المكان الآمن للناس، لأننا نقدم لهم الطمأنينة والراحة والسلام، عبر خدمتنا لهم. المستشفى هي المكان الذي يولد فيه المسيح يومياً، يولد في كل غرفة، في الطوارئ في غرف العمليات وفي مكاتب الإدارة والدخول وفي مكاتب الأطباء، يولد ليعطي الحياة والأمل والرجاء. المستشفى هي تعبير عن مجّانية الله، صحيح انكم موظفون لكنكم تقدمون حبكم بمجانية ، وتعلنون بذلك انجيل الخلاص، انجيل الغفران والمصالحة. كل من يعمل في المستشفى يردد اليوم أنشودة المجد والسلام والفرح.
اننا نعتبر كل من يعمل في تل شيحا هو ملاك مرسل من عند الرب، ليخفف من الآم الناس. فليبارك طفل المغارة جميع الذين يدعمون جهودنا لتبقى تل شيحا أم المستشفيات وخادمة المحبة في مجتمعنا .”
الاثنين 23 كانون الأول 2019