ترأس راعي ابرشية الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران عصام يوحنا درويش قداساً احتفالياً في ذكرى انتقال المكرم الأب بشارة ابو مراد، في كنيسة مار الياس المخلصية في زحلة، عاونه فيه رئيس الدير الأب جورج اسكندر، الأب نقولا الصغبيني، والأرشمندريت اندرو هالمبا، مدير مكتب آسيا في مؤسسة Aid to the church in need العالمية وخدمته جوقة مار الياس المخلصية بقيادة فادي نحاس والمرنم الأول في الأبرشية جورج رياشي وبحضور جمهور كبير من المؤمنين غصّت به ارجاء الكنيسة.
والقى المطران درويش عظة تحدث فيها عن مزايا المكرّم الأب بشارة ابومراد فقال: “نقف اليوم بخشوع أمام الأب بشارة، ابن هذه الرعية المباركة وابن دير المخلص، ونطلب صلاته وبركته لنكون بدورنا وعلى مثاله، أمناء لدعوتنا المسيحية، ونسأله أن يعلمنا كيف نتمم إرادة الله في حياتنا.
أبونا بشارة القديس الذي امتاز بروح الغيرة الرسولية وبروح التضحية وبمحبة كبيرة للفقراء والمحتاجين، يوجه اليوم الى كل واحد منا نداءً حاراً في هذه الظروف الصعبة التي نمر بها، وهو عاش في وقت أصعب بكثير من وقتنا الحالي، عاش في ظل الحروب والفقر والجوع والتهجير والنزاعات، لكنه عرف أن يحافظ على نقاوة قلبه وصفاء أعماله.
سمعتم الكثير عن أبونا بشارة خصوصا في هذه الأيام لذلك سأحدثكم فقط عن نقطة واحدة مهمة أستقيتها من حياته: سمي الأب بشارة بسراج الوادي، والسراج أو المصباح يضاء في الليل ليبدد الظلام. قال الرب يسوع: “أيُؤتى بالسراجِ ليوضعَ تحتَ المكيال أو تحت السرير؟ أوليسَ لِيُوضَعَ على المنارة؟ فما من خفيٍ إلاّ يُظهَر، وما من مكتومٍ إلا يُعلن” (مر4/21و22).
سُمي بسراج الوادي لأنه اضاء دروب الودايا في الشوف، بمحبته وغيرته الرسولية، أضاء عتمة النفوس وعلمهم بمثله وصلاته أن يسوع هو نور الإنسان ومن يمشي معه يحصل على السعادة والملكوت.”
واضاف ” كان الأب بشارة يعرف أن السراج هو يسوع، هو النور الذي جاءَ إلى العالم لينشرَ فيه الخيرَ والصلاح، كان يعرف أن يسوع هو نور العالم كما قال: “أنا نور العالم من يتبعني لا يمشي في الظلام، بل يكون له نور الحياة” (يو12/8).
كان الأب بشارة يعرف أيضا أن المسيح يريدنا أن نكون بدورنا سراجا ونورا ومنارة للناس: “ليضئ نورُكم قدامَ الناس، ليروا أعمالكم الصالحة ويمجدوا أباكم الذي في السموات” (متى4/15).
آباء الكنيسة يقولون أن المسيح هو شمس العدل وهو يطلب من تلاميذه ومن كل الذين يؤمنون به، أي أبناء وبنات الكنيسة، أن يكونوا بدورهم منارة للبشر، وهم مدعوون أن يطردوا الجهل من قلوب الآخرين ويظهرون لهم نور المعرفة، كما يقول القديس بولس: “بالأمس كنتم ظلاما، وأنتم اليوم نور في الرب. فسيروا سيرة ابناء النور، فإن ثمرَ النور يكون في كل صلاح وبر وحق” (أفس 5/8).
كان الأب بشارة يؤمن بأننا عندما نحيا بالمسيح وعندما يحيا المسيح فينا، نكون نورا للناس، من خلال أعمالنا وأحاديثنا ومن خلال صلواتنا وصومنا وتوبتنا فالمسيح هو الذي يعمل من خلالنا. المهم أن نقتنع بأنه غير مسموح لنا أن نحجب نور الإنجيل عن أخوتنا البشر فالمسيح أرسلنا لنبشر به: “إذهبوا وتلمذوا جميع الأمم.. وعلموهم أن يحفظوا كل ما أوصيتكم به..”(متى28/19).”
وتابع ” الأب بشارة، سراج الوادي عرف أن يربط يسوع النور بأعماله الصالحة، لأن المؤمن لا يمكن أن يكون ابنا للنور إلا بأعماله، فقد أدرك، مثل كل القديسين، أنه مولع بالفقراء والمساكين، فحمل لهم البشرى الطيبة، فالفقير هو سرٌ يجسد حضور الله بيننا وعلامة ظاهره لحبه لنا. فالله، يقول القديس يعقزب، “اختار مساكين هذا العالم ليكونوا ورثة الملكوت الذي وعد به محبيه” (يعقوب2/5).
يروي أحد الشهداء بأن الأب بشارة كانت مساعدته للجميع دون تمييز وكان من المستحيل أن يقصده أحدٌ ويعود خائبا. ويقول هذا الشاهد أنه كان يوزع حتى الحذاء الذي ينتعله، كما يوزع ألبسته الخاصة، ووصل به الأمر أن باع بدلة قداسه.
ومن مظاهر حبه للفقراء أنه كان يوزع الطعام عليهم ويبقى صائما، وقيل عنه أن مرضه مرض الجوع لأنه كان يقطع الأكل عن نفسه ليوزعه على الفقراء، وكان يُرى متجولا عند المساء بين الشوارع الضيقة ليوزع الحسنات التي كانت تعطى له.”
وختم سيادته ” هذا هو أبونا بشارة السراج الذي اضاء طريق الناس ليعرفوا أن المسيح هو نور العالم، وأعماله الصالحة كانت تهدف الى لقاء يسوع الذي هو أخ لجميع المعذبين في هذه الحياة.
لنقدم في هذه الليترجيا ضعفنا وخطيئتنا وكل الظلام الموجود فينا ولنترك ذاتنا تنقاد بصمت إلى النور، نور المسيح ولنبتهل من أعماق قلبنا لنولد من جديد فنكون نورا للعالم فيتمجد أبانا الذي في السموات.”
وفي نهاية القداس اقيمت صلاة تبريك القرابين وتم توزيعها على المؤمنين.
السبت 22 شباط 2020