رانيا شخطورة الراسي – “أخبار اليوم” – غدا “هو اليوم” المنتظر… اللبنانيون الغارقون على وقع غرق الليرة وانخفاض قيمتها امام العملة الخضراء يتعلقون باي خشبة لربما تنقذهم من الغرق… دون ان توصلهم الى برّ الأمان… فهم يدركون ان الوضع صعب للغاية… لكن اقله يريدون تأمين “خبزهم كفاف يومهم”، الامر الذي قد يصبح متعذرا بالنسبة الى شرائح واسعة اذا استمر الدولار في التحليق عاليا.
وكان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، قد اعلن (في 21 أيار) أنه “ابتداء من 27 أيار 2020 يستهل المصرف اتخاذ الإجراءات الضرورية لحماية الليرة اللبنانية ومن ضمنها تأمين الدولارات لتأمين استيراد المواد الغذائية الأساسية تبعا لتعميم سيصدر بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد. ويمكن للمصارف المساهمة بهذه العمليات بالتنسيق مع مصرف لبنان”.
من اين سيأتي بالدولارات؟!
قلل مصدر مالي من إمكانية ان يحدث قرار الحاكم الفرق المنتظر، قائلا: “فاقد الشيء لا يعطيه”، من اين سيأتي مصرف لبنان بالدولارات، مشيرا الى ان قيمة التحويلات المالية الالكترونية غير معروفة، وربما يكون المصرف المركزي قد استعملها أساسا لشراء القمح والبنزين والدواء.
واذ رأى المصدر ان لا احد يستطيع لجم سعر الدولار في لبنان، لان الطلب اكثر بكثير من العرض، خصوصا وان الطلب لأسباب تجارية، حيث التجار يشترون العملة الصعبة بشكل يومي مهما كان السعر من اجل تلبية حاجة السوق، والا العديد من السلع سوف تنقطع!
الضغط على الدولار
من جهته، شرح الخبير الاقتصادي وليد ابو سليمان، القرار الصادر عن سلامة، لافتا الى ان حجم السوق الموازي يقدّر بـ 10 مليون دولار يوميا، يشغّل هذا المبلغ تجار يستوردون بالدرجة الأولى المواد الغذائية والمنتجات الالكترونية والكهربائية …. وصناعيون يستوردون المواد الأولية…
وأشار ابو سليمان، عبر وكالة “أخبار اليوم”، ان قرار حاكم المركزي اتى في اطار دعم المواد الخام والسلع الغذائية، حيث ان مصرف لبنان سيضخ او سيدعم التجار والصناعيين عبر المصارف، وهذا ما يخفف الضغط على الدولار، وهناك تلميح بان سعر الصرف سيحدد بـ 3200 ل.ل. للدولار الواحد. وأوضح ان مصرف لبنان لن يستعمل الاحتياطي بل سيستعمل التحويلات الخارجية الالكترونية.
مع الإشارة هنا الى ان مصرف لبنان كان قد اصدر في نيسان الفائت تعميما أشار فيه الى انه “على المؤسسات غير المصرفية كافة، التي تقوم بعمليات التحاويل النقدية بالوسائل الالكترونية، أن تسدّد قيمة أي تحويل نقدي الكتروني بالعملات الأجنبية وارداً اليها من الخارج بالليرة اللبنانية وفقاً لسعر السوق”، ومنذ ذلك الحين حددت مديرية العمليات النقدية لدى مصرف لبنان السعر بـ 3200 ل.ل.
وردا على سؤال، اعتبر ابو سليمان، انه الى جانب ذلك، هناك اتجاه لتنظيم الصيرفة، والطلب على الدولار من قبل الافراد حيث سيحدد 200 دولار شهريا لكل مواطن، وهذا ما يخفف أيضا ضغط الدولار عند الصرافين لكنه حذّر في المقابل من ارتفاع الأسعار في السوق السوداء وصولا الى تزوير الهويات على سبيل المثال…
ورأى ان محاولة تخفيف الضغط في الداخل لن تشمل كل القطاعات التي تستورد من الخارج، موضحا ان دعم المواد الغذائية يندرج في خانة الأولويات من اجل حماية ما تبقى من طبقة غير ميسورة، والتي عجزت عن شراء القوت اليومي.
عند فتح المطار
وفي هذا السياق، أوضح ابو سليمان ان هناك مبلغا يقدر بمليار دولار سنويا يصرف على شراء المواد الغذائية من الخارج، قائلا: التحدي اليوم كم ستبلغ قيمة التحاويل من الخارج، والى متى سيستمر مصرف لبنان بتغطيتها، لا سيما وانه مع فتح المطار (المقفل راهنا بسبب وباء كورونا) وعودة السفر من والى لبنان سيخف تحويل الأموال عبر الوسائل الالكترونية، لينقلها من يأتي من الخارج، عندها يمكن تصريف هذه المبالغ على سعر اعلى (من المحدد بـ 3200 ل.ل) في السوق السوداء.
وإذ أشار الى ان خطوة مصرف لبنان إيجابية، قال ابو سليمان، لكن ليس كل السلع الغذائية ستنخفض أسعارها، بل المصرف المركزي مع المعنيين سيحدد “اللائحة المدعومة”. وأضاف: أيضا يجب النظر الى ما تبقى في المخزون لدى التجار، حيث سيتحجج البعض بانه اشترى على سعر صرف يفوق الـ 4000 ل.ل. وقال: هنا الدور الكبير ملقى على عاتق وزارة الاقتصاد.
ترميم الثقة!
وفي هذا السياق ايضا، توقع ابو سليمان الا يستمر الدعم على المدى الطويل، قائلا: انطلاقا من ذلك يجب ترميم الثقة المالية من خلال بعض التشريعات والإجراءات التي يمكن ان تؤدي الى إعادة ضخ الأموال، التي جمعت في خزنات المنازل، في شريان القطاع الاقتصادية ومنها المصارف.
ومتى يمكن للناس ان تفرج عن الأموال المخبأة، قال: طالما المودع يستطيع ان يسحب من حسابه على أساس 3200 ل.ل. للدولار فانه لن يستعمل تلك المدخرات … بل ستبقى لديه الى آخر نفس، وكلما تسوء الأمور كلما سيتمسك الناس بما لديهم من دولارات التي اصبح سلعة غير موجودة.
وكيف يمكن إعادة هذه الثقة؟ أجاب ابو سليمان: بدءا بالمحاسبة، اقله توقيف سارق واحد للمال العام واستعادته منه، وهذه المحاسبة يجب ان يشعر بها المواطن او كل مودع خسر أمواله.
حذر ابو سليمان من انه عندما يعاني الاقتصاد من الانكماش لا يمكن فرض الضرائب، فعلى سبيل المثال تحصيل الضريبة على القيمة المضافة هو نتيجة للحركة الاقتصادية في البلد، فمن اين ستحصّل هذه الضرائب ومن سيدفعها اذا كانت المؤسسات تقفل تباعا.
وفي خلاصة اعتبر ابو سليمان ان المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ما زالت في البدايات، وقد نحتاج الى 6 او 8 اشهر من اجل توفير مبلغ لا يتجاوز الـ 5 مليار دولار، لذا يبقى الحل الاسرع بخلق الثقة في الداخل لتحريك كتلة نقدية تقدر بـ 6 مليار دولار موجودة في المنازل.
المصدر: وكالة أخبار اليوم
الثلاثاء 26 أيار 2020