علي الأمين – جنوبية – ابرز ما سيتغير في الحكومة المرتقبة عن سابقتها بحسب مجمل التسريبات ، هو خروج سعد الحريري وتيار المستقبل من الحكومة ودخول اللواء جميل السيد والرئيس الجديد للحكومة حسان دياب. لعلها من المفارقات التي يجدر التوقف عندها هو أن تتوزع حصة السنة في هذه الحكومة بين النائب جميل السيد وحزب الله ورئيس الجمهورية، فيما الوزارة السيادية اي وزارة الداخلية والبلديات هي من حصة اللواء جميل السيد، وهذا استكمالا للمحاصصة التي قالت الانتفاضة والمحتجون في الشارع منذ 17 تشرين الأول، انها اصل المشكلة والأزمات على صعيد إدارة مؤسسات الدولة.
“حزب الله” على الأرجح سيتمثل بوزيرين معلنين بينهم شخصية حزبية معروفة هو الدكتور عبد الحليم فضل الله وهو من الشخصيات الاكاديمية والمشرف على المركز الاستشاري للدراسات وهو احد المراكز البحثية وهي من مؤسسات حزب الله، وهذا يعني ان حزب الله كان ملتزما بتوزير حزبي في الحكومة، انطلاقا من كونه لايثق بقدرة غير الحزبيين على مقاربة القضايا التي تتصل بملفات سياسية واستراتيجية بحسب ما رشح وتم تداوله على السنة اكثر من مسؤول ومقرب من حزب الله طيلة الشهرين الماضيين.
اما وزير الطاقة الجديد ريمون غجر الذي حظي توزيره بتوافق بين الرئيس نبيه بري والوزير جبران باسيل، هو مستشار في وزارة الطاقة وله صلة بملف البواخر الكهربائية، وغيرها من الصفقات في وزارة الطاقة، وقربه من باسيل لم يحل دون تأييد بري الذي يرجح بعض المتابعين انه سيحل محل الرئيس سعد الحريري في الشراكة على ملف الكهرباء بابعاده الحالية والمستقبلية.روحية المحاصصة وعقلية الزبائنية في عملية التوزير لم تتغير بل جرى تثبيتها بحيث أن مختلف الوزراء جرت تسميتهم من قبل اطراف السلطة والكتل النيابية، حتى ناصيف حتي الذي كان سفيرا للجامعة العربية في فرنسا قبل سنوات، سماه الوزير باسيل لوزارة الخارجية، واصرّ عليه في مقابل اقتراح الوزير دميانوس قطار الذي يوصف بأنه قريب من البطريركية المارونية واحد ابرز العاملين في ملفات تتصل باهتمامات بكركي السياسية والوطنية. وبحسب المصادر المتابعة فان حتي اكد التزامه بالمبادىء التي يعبر عنها باسيل والتيار الوطني الحر، لا سيما على الصعيد الاستراتيجي وعلى المستوى الوطني.
هذه الحكومة المزمعة هي حكومة وان اتسمت بانها من التكنوقراط على وجه العموم، الا انها تفتقد شخصياتها الوزارية المتداولة السمة الاستقلالية عن القوى التي سمتها للحكومة، فيما يبقى ميزان القوى السياسي راجحا بقوة الى الأكثرية النيابية التي يرعاها حزب الله ويرسم خطوطها الاستراتيجية. لذا من الطبيعي ان يبرز سؤال كيف سيتعامل الخارج الذي تراهن اطراف السلطة، فهذه الحكومة ولأنها حكومة محاصصة كما اسلفنا، فهي ستكون عرضة لانتقاد واعتراض لجهة عدم وجود تمثيل سني بالمعنى التمثيلي، بخلاف لو أنها حكومة مستقلين، أي من غير الحزبيين او الذين خضعوا لاختبار الولاء لهذا الحزب او ذاك. لذا هي ستكون امام مشكلة سنية وامام مشكلة مع الانتفاضة التي اشترطت الاستقلالية للوزراء. الى جانب المشكلة الداخلية ثمة سؤال يتعلق بموقف الخارج منها، أي كيف ستتعامل الدول التي يترقب لبنان مساعدتها له، على الأرجح أن ثمة عوائق امام تقديم أي عون مالي واقتصادي، يراهن بعض المسؤولين على وديعة قطرية، ليس من تأكيدات بعد على حصولها، علما ان في مثل هكذا خطوة قطرية لا بد من ايعاز أميركي. الجانب الأوروبي والسعودي وصولا الى الأميركي لا يبدو مستعجلا على دعم حكومة لم تزل في المعيار السياسي حكومة حزب الله.
أسئلة عديدة حول قدرة الحكومة “العتيدة” على مواجهة الازمة، لا تبدو الإجابات مريحة للبنانيين، وهذا ما يجعل من قدرتها على تحقيق خطوات للجم الانهيار القائم في الدولة مهمة صعبة ان لم تكن مستحيلة.
المصدر: موقع “جنوبية”
الخميس 16 كانون الثاني 2020