على وقع الانفجار الهائل الذي وقع في بيروت وراح ضحيته مئات الضحايا والمفقودين والاف الجرحى، ناشد الأب عبدو رعد قداسة البابا فرنسيس ان يجمع السياسيين اللبنانيين والحكام ويطرح عليهم السؤال التالي: “من هو المسؤول عن تدمير البلد منذ ما قبل انفجار بيروت؟!”.
وفي مقابلة مع راديو الفاتيكان تساءل الاب رعد : من هو المسؤول عن صرف اربعين مليار دولار وعدم اعطاء المواطنين الكهرباء. من الذي سرق مال اللبنانيين واين هو هذا المال؟ ولمَ يملك الحكام اموالا طائلة فيما هناك اناس تموت من الجوع. وما هو مصير التعليم وما وضع المدارس اليوم وكذلك المستشفيات الحكومية.
وردا عن سؤال عن سبب الانفجار اجاب الاب رعد: قد تكون اسرائيل اطلقت احد صواريخها على مستوعب في المرفأ يحتوي على مواد متفجرة، وقد تكون في المرفا مواد متفجرة احترقت بسبب عوامل كهربائية او ما شابه. لا نعرف شيئا حتى الان. ويبقى السبب الرئيسي انعدام المسؤولية وقلة الاهتمام والفساد المستشري للحكومات اللبنانية المتعاقبة منذ اربعين عاما حتى اليوم.
وعمن هو المسؤول يقول الاب رعد: من أبسط واجبات المسؤولين معرفة ما يوجد داخل المرفأ وما مدى خطورة المواد المخزّنة… ومن يعلم، قد يكون بعض هؤلاء تقاضى اموالا لتخزينها عل وعسى يرحلونها يوما ما. فالفساد العميق جدا يسمح للبناني ان لا يستبعد أي احتمال. والمسؤولية تقع بطبيعة الحال على الحكام أنفسهم.
أضاف: في لبنان وقعت مئات التفجيرات ولكن حتى اليوم لم نتوصل الى اي نتيجة حقيقية.. ففي هذا البلد تضيع المسؤوليات في الامور الصغرى فكم بالاحرى الكبرى. فنحن امام تفجير هائل وكارثة انسانية وغالبا ما يجهّل الفاعل.
ورأى أن المهم الآن القيام بواجبنا الاجتماعي والانساني والوقوف الى جانب المتألمين ولو بجرعة ماء او رغيف خبز او مساعدات متواضعة.
وعن جمعية الناس للناس التي يترأسها الاب رعد، أشار الى ان الجمعية وخاصة المتطوعين موجودون ميدانيا ونصبوا خيما في الساحات حيث يحاولون مساعدة الجرحى الذين لم يجدوا مكانا في المستشفيات ويحاولون تأمين مساكن لمن فقدوا منازلهم. ويعمدون أيضا الى توزيع الساندويشات والمياه وادوات التنظيف فاتحين المجال امام كل من يرغب بالتطوع لتنظيف المدينة. ويحاولون كذلك تأمين بدل نقل للمتطوعين من حملة التبرعات التي اعلنتها جمعية الناس للناس والتي يساهم بها ايضا اصدقاء محبون في ايطاليا…
وثمّن الأب رعد تضامن اللبنانيين في ما بينهم، مؤكدا ان المساعدات تبقى غير كافية في غياب المسح الجدي ليس فقط للأضرار بل ايضا للعائلات الفقيرة آملا ان تصل المساعدات الدولية بشفافية الى مؤسسات وجمعيات وهيئات مدنية وتكون مراقبة بشكل تام ولا تصل الى ايادي الحكام، بل بالعكس يجب مساءلة هؤلاء عن اموالهم ووضع المال غير النظيف بتصرف العائلات الفقيرة والمنكوبة.
وسئل الاب رعد عما اذا كانت اسرائيل ستساعد ايضا بحسب زعمها، اجاب: المشكلة اليوم في الشرق هي اسرائيل وفلسطين ونحن ننتظر ان يتوصل العالم الى حل الدولتين ويعطي كل شعب دولة مستقلة، وان تحترم اسرائيل الدولة الفلسطينية وتتوقف عن قضم اراضيها وأن تحترم الشعب الفلسطيني. اما بالنسبة للمساعدات فان هذا الزمن هو زمن صعب بسبب العداوات القديمة بين البلدين ولكن اذا ارادت المساعدة يمكنها ارسال بعثات من الامم المتحدة لازالة المتفجرات والقنابل من مخلفات الحروب الاسرائيلية على لبنان. ففي هذه الطريقة تساعدنا اكثر وبجميع الحالات عندما تحل المشكلة الاسرائيلية الفلسطينية لا تبقى اي مشكلة في الشرق لذلك يجب ان تتكاتف دول العالم للحل.
أخيرا عن دور الكنيسة في هذا الوضع الصعب: ردّ بأن الكنيسة في لبنان وضعت اديارها ومؤسساتها ومدارسها في خدمة من تضررت منازلهم. ولكن هذه مسألة آنية لان الأديار والمدارس لا يمكنها ان تستمر على هذا الشكل. لذلك لا بد من ان يكون هناك دور مستدام للكنيسة في تطوير وتحسين الواقع وليس فقط في الحالات الطارئة. ويبقى دور الكنيسة الأساسي الدفاع عن حقوق المواطنين تجاه الطبقة الحاكمة التي دمرت البلد. وننتظر من الرؤساء الكنسيين اظهار شجاعة اكبر للدفاع عن حقوق المواطنين وتحميل المسؤولية لمن اوصلنا الى هذا الدرك.
الجمعة 7 آب 2020