تعتبر السياحة الريفية من أهم العوامل الداعمة لتنمية الأطراف فضلا عن مساهمتها في مواكبة الحياة القروية عبر قضاء العطل في الريف بعيدا من صخب المدن. وللسياحة الريفية في البقاع نكهة أخرى. فهو يزخر بالمواقع الأثرية والتاريخية، والطبيعية سهلا وجبلا وواديا وأنهراً وشلالات وبحيرات، والزراعية (وبينها كروم العنب ومصانع النبيذ الشهيرة) والغذائية (مزارع الحبوب والدواجن ومصانع الالبان والأجبان)..
ولدعم الوجهات الريفية في لبنان التي تعتبر من الأجمل في المنطقة، تنظم جمعية Rethinking Lebanon بالتعاون مع وزارة السياحة مؤتمرا بعنوان “الشباب والسياحة الريفية” في أوتيل Hilton سن الفيل في 28 آذار بحضور وزير السياحة أواديس كيدنيان.
الإستراتيجي في شؤون الإستثمار جهاد الحكيّم أوضح لBekaa.com أن المؤتمر سيستضيف شبابا استثمروا في قطاع السياحة الريفية داخل قراهم مما مكّنهم من البقاء فيها والمساهمة في تنشيط التنمية والإقتصاد المحليين. كما يتوجه المؤتمر إلى المستثمرين ورجال الأعمال والسفارات والبعثات الدبلوماسية والهيئات والفعاليات المحلية وطلاب الجامعات.
الجدير ذكره أن Rethinking Lebanon، وهي جمعية تعنى بدعم الشباب والترويج للبنان في قطاعات مختلفة، نظمت منذ ال2016 أكثر من خمسة عشر مؤتمرا ونشاطا، من غير أن تحصل على أي دعم من المصارف التجارية التي لا تنفك تبهرنا بإعلاناتها وشعاراتها الداعمة للسياحة والاقتصاد والشباب. وفي هذا السياق، أكد الحكيّم وهو أيضا رئيس الجمعية أن المؤتمر نتاج جهود مشتركة مع وزارة السياحة ولم يحظ مع الأسف هذه المرة أيضا برعاية أي مصرف!
سيتضمن المؤتمر تنظيم رحلات ميدانية إلى أرياف لبنانية مختلفة (الشمال، البقاع، جبل لبنان…) على مدى ثلاثة أسابيع لمعاينة المشاريع والإستثمارات في الريف والترويج لها ولمفهوم السياحة الريفية بشكل أفضل.
كما يعتزم المؤتمر إنتاج فيلم دعائي قصير يضيء على هذه الرحلات الميدانية لاستقطاب السياح الأجانب والمغتربين اللبنانيين.
وبالنسبة
للبقاع فقد خصص له المؤتمر رحلة في الثاني
عشر من نيسان المقبل تشمل زيارةَ مدينة عنجر حيث يُطبق مفهوم “الحمى” أي
الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية من قبل المجتمع المحلي. وسيستكشف المشاركون عنجر
من خلال السير في طبيعتها أو ركوب الدراجات الهوائية.
وبعدها ينتقل الجميع إلى البقاع
الغربي للتعرف على التراث الغذائي لعين زبدة وخربة قنافار. وتتضمن هذه الجولة درسا
في الطبخ ومحطة لتذوق بوظة الدقّ.
يعتبر الحكيّم أن ما يميز البقاع عن غيره، بالإضافة إلى سهله الفريد، تحوله إلى مركز للصناعات الغذائية فضلا عن إمكانياته الكبيرة في مجال السياحة الزراعية agritourism (طريق النبيذ، زيارة المزارع العضوية والتقليدية، التعرف على التراث الغذائي والتصنيع الغذائي التقليدي). كذلك يتمتع البقاع الشمالي بموارد طبيعية تخوّله لأن يصبح وجهة لسياحة “المغامرات” والنشاطات في الهواء الطلق كرياضة التجديف على نهر العاصي والمشي والتخييم في جرود الهرمل.
ويشدد الحكيّم على دور السياحة الريفية في دعم الإقتصاد البقاعي، فبالإضافة الى تأمين فرص عمل جديدة لسكان البقاع في القطاعات السياحية التقليدية كالفنادق والمطاعم، تعزز السياحة الريفية أيضا مفهوم الإستدامة في الاقتصاد. وهي تسمح بتحسين مداخيل فئات المجتمع “الأقل إمتيازا” كالمزارعين على سبيل المثال من خلال السياحة الزراعية، والنساء من خلال إدارة بيوت الضيافة ومآدب الضيافة، والشباب من خلال الإستثمار في مشاريع صغيرة.
من جهة أخرى، يوضح الحكيّم ان ضعف البنى التحتية يشكل عائقاً أمام السياحة الريفية في مجمل الريف اللبناني وليس فقط في البقاع. فمشكلة المواصلات وشبكة النقل العام على سبيل المثال تحدّ من امكانية الوصول الى القرى خصوصا بالنسبة الى السائح الاجنبي. ومن التحديات الأخرى إنخفاض الوعي لأهمية الحفاظ على التراث الثقافي الذي قد يعتبره الأهالي ثانويا مقارنة بالمشاكل الإجتماعية التي يعاني منها البقاع. كما أن تدهور الوضع البيئي يشكل خطرا كبيرا على السياحة الريفية كتلوث الليطاني وبحيرة القرعون. فبكل بساطة لا سياحة ريفية من دون طبيعة وبيئة.
يثمّن الحكيّم جهود وزارة السياحة، ضمن إمكاناتها، في الترويج للسياحة الريفية لا سيما من خلال نشر المعلومات على موقعها الالكتروني، بالاضافة الى إنتاج الأفلام الوثائقية والترويجية القصيرة، موضحا أن الوزارة تولي اهتماما بالجيل الناشئ، ووزعت على المدارس دليلا لتنظيم الرحلات المدرسية في الريف اللبناني، كما تسلط الضوء على مراكز الإقامة غير التقليدية عبر إصدارها دليلا سنويا عن بيوت الضيافة.
ويستدرك: ولكن دور التنمية السياحية في المناطق يقع على عاتق السلطات المحلية، أي على البلديات وإتحادات البلديات بالدرجة الاولى. فالتنمية المستدامة تنطلق من الداخل ويشارك فيها مجمل مكونات المجتمع المحلي تحت إدارة البلدية، ويضعون سويا رؤيتهم وخطتهم التي على أساسها يتم تطوير الوجهة والمنتج السياحي.
Bekaa.com فكتوريا موسى