ألقى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، عظة أحد الشعانين، بعنوان “استقبل الشعب يسوع ملكًا بأغصان النخل”، فاستعاد كيف “كانت الجماهير من مختلف المناطق مجتمعة في أورشليم للإحتفال بعيد الفصح اليهوديّ الواقع يوم السبت التالي. فصعد يسوع أيضًا إلى العيد ليحتفل بالفصح الأخير مع تلاميذه، ويقيم فصحه الجديد الذي هو سرّ موته وقيامته لخلاص العالم وفداء البشريّة جمعاء”، مشيراً إلى أنّه “في الفصح الجديد يسوع هو الحمل الذي يُذبح ويؤكل في ليلة الإستعداد لمراسيم الفصح اليهوديّ فأسّس سرّ القربان الذي هو ذبيحة ذاته غير الدمويّة من جهة، مستبقًا ذبيحته الدمويّة في الغد، ومن جهة أخرى هو وليمة جسده ودمه للحياة الإلهيّة فينا”.
وفي الشأن السياسي، لفت إلى أنّ “الجمهور آمن بيسوع، أمّا الحكّام فلم يؤمنوا. الجمهور مشى مع يسوع نحو سرّ موته وقيامته،. أمّا الحكّام فبدأوا يفكّرون بإهلاكه حسدًا وسخطًا “لأنّ العالم كلّه قد تبعه” (يو 12: 19)”، مشيراً إلى أنّه :في قلب الجمهور سادت المحبّة للمسيح، أمّا في قلوب الحكّام فحقدٌ وحسدٌ وبغض”.
وتابع: “يا ليت المسؤولين السياسيّين عندنا، الممسكين بسلطان الحلّ والربط بشأن تأليف الحكومة، والبدء بالإصلاحات وعمليّة الإنقاذ الإقتصاديّ والماليّ، يسمعون لصوت الله الذي لا يسكت بل يبكّت ضمائرهم! ويا ليتهم يسمعون لصوت الشعب الذي لا يسكت وهو مصدر سلطتهم وشرعيّتهم، ويا ليتهم يسمعون صوت المليوني فقير من شعبنا الذين لا يسكتون عن حقّهم في كفاية العيش الكريم! ويا ليتهم يسمعون لصوت شبابنا الذين لا يسكتون مطالبين بمستقل لهم في الوطن لا في البلدان الغريبة”، مؤكداً أنّه “كان بمقدور الجماعةِ السياسيّة أن تغيّرَ نظرةَ الشعب إليها وتعوّم دورها، لو استيقظت على الواقع وعدّلت بسلوكها وعملت على إنقاذ لبنان، وخصوصًا بعد تفجير مرفأ بيروت. لكن معظم المسؤولين تمادوا في الخطأ والفشل واللامبالاة، حتى أن بعضهم أعطى الأولوية لمصالح دول أجنبية ولم يسألوا عن مصير الشعب الذي انتخبهم، فسقطوا وأكدوا أنهم غير صالحين لقيادة هذا الشعب الذي ضحّى في سبيل لبنان، واستشهد أفضل شبابه وشاباته من أجل هذا الوطن”.
وإذ رفض هذا الواقع ودان كل مسؤول سياسي أوصل دولةَ لبنان وشعب لبنان إلى هذه الحالة المأسوية، أكّد الراعي أنّه “لم يكن هذا الصرح البطريركيّ يومًا مؤيدًا لأي مسؤول ينأى بنفسه عن إنقاذ لبنان وشعبه. لم يكن هذا الصرح يومًا مؤيدًا لسلطة تمتنع قصدًا عن احترام الاستحقاق الدستوريّ وتعرقل تأليف الحكومات”، مضيفاً: “لم يكن هذا الصرح يومًا مؤيدًا لجماعات سياسية تعطي الأولوية لطموحاتها الشخصية على حساب سيادة لبنان واستقلاله”.
وأضاف في عظته: “يأتي عيد الشعانين على عائلاتنا حزينًا بسبب حالة اليُتم التي أوقعها فيها المسؤولون السياسيّون. كانت هذه العائلات تنتظر هديّة العيد، حكومةً إنقاذيّة غير حزبيّة، مؤلّفة من خيرة الإختصاصيّين في العلوم والخبرة والإدارة، أحرارًا من كلّ لون حزبيّ وسياسيّ ومن كل ارتهان، قادرين على القيام بالإصلاحات والنهوض بالبلاد. نرجو الّا يحرموا عائلاتنا من هذه الهديّة في عيد الفصح”، راجياً “لكي تتحقّق الهديّة، أن يدرك رئيس الجمهوريّة ورئيس الحكومة المكلّف إنّهما، انطلاقًا من الثقة المتبادلة والمسؤوليّة المشتركة، محكومان بالتشاور وبالإتفاق وفقًا للقاعدة التي جرت منذ التعديلات الدستوريّة عام 1990 ما بعد الطائف، إذ كانا يحدّدان معًا المعايير ويختار كلٌّ منهما وزراء، ثمّ يتّفقان على التشكيلة برمّتها”.
الاحد 28 آذار 2021 موقع النهار