ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الاحد على مذبح كنيسة الباحة الخارجية للصرح البطريركي في بكركي “كابيلا القيامة”، عاونه فيه المطارنة: حنا علوان، بيتر كرم وأنطوان عوكر، أمين سر البطريرك الاب هادي ضو، في حضور عائلة المغدور جو بجاني وفاعليات بلدة الكحالة، السفير يوسف صدقة، قنصل جمهورية موريتانيا ايلي نصار، نائب رئيس اتحاد بلديات جزين رئيس بلدية لبعا فادي رومانوس، مؤسسة البطريرك صفير الاجتماعية برئاسة الدكتور الياس صفير، رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشاره الاسمر، وفد من بلدة حملايا، الامينة العامة للمؤسسة المارونية للانتشار هيام البستاني، حشد من الفاعليات ومؤمنين.
بعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان: “تقدم النجم المجوس حتى بلغ المكان حيث كان الطفل فوقف فوقه” (متى 2: 9)، قال فيها: “نرى أن صورة هيرودس تتكرر في المسؤولين، عندما يصمون آذانهم عن سماع كلام الله، ويغمضون عيونهم عن رؤية بؤس شعبنا، ويخافون على كراسيهم فيفقرون شبابنا الواعد ويرغمونه على الهجرة، ويفشلون الباقين الصامدين على أرض الوطن، ويحكمون القبض على السلطة ومفاصلها.
وهذا ظاهر في تفشيلهم تشكيل الحكومة قبل عيد الميلاد. وجاءت فترة الأعياد فكانت الأعياد لهم مهربا للتملُص من متابعة الجهود لتأليف الحكومة، فيما كان يُفترض بجميع المسؤولين ألا يتوانوا لحظة واحدة، عن بذل الجهود لتشكيلها فيما بلادنا تُصارع الانهيار. من المؤسف أنه لا يعنيهم أننا نعيش زمن الجُلجلة والحزن، في زمن الميلاد والفرح. فيا ليت كبار المسؤولين يختلون بأنفسهم ويتذاكرون مع ضمائرهم، ويقيمون مواقفهم وخياراتهم وأداءهم، ويستخلصون العبر الـمُنقذة والقرارات الصائبة. وبهذا العمل يستعيدون القرار المصادر ويضعون حدا لكل من يرهن مصير لبنان بمصير دول أخرى. فالحليفُ هو من حالف على الخير لا على تفشيل الحليف وتعطيل المؤسسات والصلاحيات والقرارات الوطنية، ومنع قيام السلطة.
فيما أوجه مع جميع اللبنانيين كلمة شكر إلى قداسة البابا فرنسيس على الرسالة التي وجهها إلى اللبنانيين ليلة عيد الميلاد، أدعو المسؤولين السياسيين إلى الإتعاظ “بألمه العميق من جراء اختطافهم كل الآمال الغالية بالعيش بسلام، وببقاء لبنان، للتاريخ وللعالم، رسالة حرية وشهادة للعيش الكريم معا”. كما أدعو هؤلاء المسؤولين إلى الإحساس بشعوره العميق بهول الخسارة وبخاصة عندما يفكر بالشباب الذين انتزع منهم كل أمل بمستقبل أفضل.
وإني أنذر جميع معرقلي تأليف الحكومة، من قريب أو من بعيد، بأنهم يتحملون مسؤولية وضع جميع المؤسسات الدستورية على مسار التعطيل، الواحدة تلو الأخرى، لأن الدولة التي لا تكتملُ مرجعياتُها وتتكاملُ في ما بينها تسقُط بشكل أو بآخر. وإن كان ثمة من يراهن على سقوط الدولة، فليعلم أن هذا السقوط لن يفيده ولن يفتح له طريق انتزاع الحكم، لأن الانتصار على بعضنا البعض مستحيلٌ بكل المقاييس، ولأن اللبنانيين شعبٌ لا يقبلُ اصطناع دولة لا تُشبهُه ولا تشبه هُويته وتاريخه ومجتمعه، ولا تُجسدُ تضحيات شهدائه في سبيل الحرية والكرامة.
إندفاعا منا بدعوة البابا فرنسيس في رسالته بالصمود كأرز لبنان بوجه العواصف، وبالتمسك بهويتنا كشعب لا يترك بيوته وميراثه، ولا يتنازل عن حلم الذين آمنوا بمستقبل بلد جميل ومزدهر، سنعمل مجددا مع المسؤولين على إعادة دفع عملية تأليف الحكومة إلى الأمام. هذا مطلب الشعب وحقُه، وهذه مصلحةُ لبنان. إن إنقاذ لبنان سياسيا واقتصاديا وماليا لا يزالُ ممكنا في حال تـم تشكيلُ حكومة تضُمُ شخصيات توحي الثقة بكفاءاتها وسُمعتها واستقلاليتها، لا أشخاصا يُجفلُون الرأي العام ويُنفرون المجتمع الدولي.
ونختم بالدعاء الذي أطلقه قداسة البابا فرنسيس يوم عيد الميلاد في رسالته إلى المدينة والعالم: عسى أن يكون النجم، الذي أضاء ليلة الميلاد، دليلا ومصدر شجاعة للشعب اللبناني لكي، وبدعم المجتمع الدولي، لا يفقد الرجاء إزاء الصعوبات التي يواجهها. وليساعد أمير السلام قادة البلاد حتى يضعوا مصالحهم الخاصة جانبا ويلتزموا بجدية وصدق وشفافية من أجل أن يمشي لبنان طريق الإصلاح، ويستمر في دعوته كنموذج للحرية والتعايش السلمي”. للثالوث القدوس الآب والابن والروح القدس كل مجد وتسبيح الآن والى الابد آمين.”
بعد القداس، استقبل الراعي المؤمنين المشاركين في الذبيحة الإلهية.
الأحد 27 كانون الأول 2020