ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي قداس الاحد في بكركي وعاونه المطارنة حنا علوان، أنطوان عوكر وبيتر كرم، وشارك في القداس النائب أنطوان حبشي، رئيس بلدية فاريا ميشال سلامه والدكتور شربل عازار.
وألقى الراعي عظة بعنوان “انا أمة الرب فليكن لي بحسب قولك” جاء فيها: “يحتفل لبنان اليوم بعيد الإستقلال السابع والسبعين، بعد ثلاث وعشرين سنة من الإنتداب الفرنسي، وتركيز الدولة المدنية التي تفصل بين الدين والدولة، والتي يتساوى فيها المسيحيون والمسلمون، وهذا ما ناضل من أجله البطريرك الكبير المكرم الياس الحويك.
استقلال لبنان لا يعني نهاية الانتدابِ الفرنسي فقط، بل خروج لبنان من سياسة المحاور الى سياسة الحياد، فلا ينحاز تارة إلى الشرق وطورا إلى الغرب. ولذلك شدد بيان حكومة الاستقلال على أن لبنان يلتزم الحياد بين الشرق والغرب. ودلت تجربة لبنان بعد استقلاله، أنه كلما كان يلتزم الحياد كان استقلاله ينمو، واقتصاده يزدهر. وكلما كان ينحاز كان استقلاله يخبو واقتصاده يتراجع. وها هو الواقع الحالي المتداعي يكشف مدى الدمار الوطني والسياسي والاقتصادي والأمني الذي أسفرت عنه ولا تزال سياسة الانحياز.
عيد الإستقلال، ولو أتى جريحا ومهشما، فإنا ما زلنا نعول على إرادات حسنة مخلصة للوطن تعمل على استعادة قرار الدولة المستقل، وبناء دولة جيشها واحد لا أكثر، وقوميتها واحدة لا أكثر، وولاؤها واحد لا أكثر؛ دولة حدودها محصنة، وسيادتها محكمة، وشرعيتها حرة، ودستورها محترم، وحكومتها استثنائية إنقاذية قادرة على النهوض بالبلاد، وعلى كسب الثقة الداخلية والخارجية العربية والدولية؛ دولة تعيد بناءها الداخلي على الدستور والميثاق نصا وروحا؛ دولة تصلح الخلل في هويتها الأساسية: العيش المشترك (مقدمة الدستور، ي) كمشاركة متوازنة بين المسيحيين والمسلمين في حياة الدولة لا كمحاصصة بين أفراد سياسين نافذين؛ الديمقراطية (مقدمة الدستور، ع) بشقيها الموالاة والمعارضة، لا الأكثرية والأقلية وطغيان الواحدة على الأخرى وشل الحياة العامة؛ تحقيق الإنماء المتوازن للمناطق ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا، تأمينا لوحدة الدولة وإستقرار النظام (مقدمة الدستور، ز).
لقد ضاق صدر اللبنانيين جميعا بانتظار حكومة جديدة تفرج البلاد. الكل يعلم أن عرقلة التأليف في العودة إلى نغمة الحصص والحقائب والثلث المعطل وتعزيز فريق وتهميش أفرقاء؛ هذا الأسلوب عزز الفساد والإستيلاء على المال العام وهدره، وأوصل الدولة إلى حالة الإنهيار والإفلاس.
هل يدرك المعطلون أن الناتج المحلي انحدر هذه السنة من 54 مليار دولار إلى 25، وأننا خسرنا سنة إصلاح لا تقدر بثمن؟ إذا تشكلت الحكومة على صورة سابقاتها، لا سمح الله، سينتج منها الخراب الكامل. والغريب أنهم يرفضون المشورة والرأي والنصيحة والملاحظة، ويتصرفون خلافا للدستور الذي ينص على أن تمثل السلطة الإجرائية الطوائف بصورة عادلة، لا القوى السياسية ولا أحجام قوى سياسية، ولا كتل نيابية. فالهدف من تمثيل الطوائف إنما لتوفير الأمن النفسي بعدم الإقصاء والعزل.
وما القول عن ضحايا ومنكوبي انفجار مرفأ بيروت، والصمت بشأن التحقيق العدلي مطبق حتى الآن، وقد مر ما يقارب الأربعة أشهر؟ ونحن نتساءل معهم لماذا لا يشمل هذا التحقيق كل المعنيين إلى أقصى حدود المسؤوليات، ولو كشهود. إن جريمة بهذا الحجم لا يمكن أن تستثني أحدا مهما علا شأنه. مرة أخرى نقول: إنها ساعة القضاء الحر والشجاع!
الأحد 22 تشرين الثاني 2020