بعد يومين من فرض العقوبات الأميركية عليه بموجب قانون “ماغنتسكي”، ردّ رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل مقدماً مطالعة سياسية تفنّد ما قال أنها مطالب قدمها له الأميركيون كي لا يفرضوا العقوبات عليه، وأبرزها فك التحالف مع “حزب الله”. وتحدث باسيل عن خيانة داخل تياره ضده، متوعداً بالمحاسبة وفق القانون الداخلي للحزب.
وقال باسيل أن “الطريق مع أميركا كانت دائماً صعبة ولكن علينا أن نمشيها، ونتحمّل الظلم لنبقى أحراراً في وطننا ولنحمي لبنان من الشرذمة والاقتتال، مع الإصرار على أن نبقى أصدقاء للشعب الأميركي مهما ظلمتنا إدارته”.
وأضاف أن “بين عقوبات تطالني وحماية سلامنا الداخلي الخيار لم يكن صعبًا، وهذا أقلّ ما أقوم به مقابل أناس ضحّوا بروحهم وجسدهم، شهداء سقطوا من أجل لبنان، وأناس ناضلوا وتعذبوا وسجنوا، وأبرياء هُدرت دماؤهم وآخرهم ضحايا انفجار المرفأ، وهذا أقلّ ثمن أدفعه أمام اثمان دفعها أجدادنا ليبقوا بهذا الوطن”.
واستعاد زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو للبنان و”قوله أمامي في وزارة الخارجية أنّ حزب الله هو حزب ارهابي، وجوابي الطبيعي له كان أنّ حزب الله هو حزب لبناني، تصنيفكم لكم وتصنيفنا لنا”.
وتابع: “حين طلب مني الوزير الأميركي ترك حزب الله ومواجهته، شرحت له ان هذا يؤدّي الى عزل الشيعة أي أنه يؤدّي الى فتنة داخلية، فهل نجدك في مكانك بالخارجية عندما تقع الفتنة لتساعدنا بمنع إراقة الدماء؟ وكان جوابه أنّه لا يعرف. ولمّا سألت هل يضمن عدم وقوع الفتنة؟ أكيد كان جوابه بالنفي”.
وأشار الى أن “حديث العقوبات بدأ جدياً في صيف 2018، خلال تأليف حكومة الحريري الثانية، التي أصبحت فيها وزيراً بسبب إصرار من الحريري نفسه، حيث جاء وقتها أحد العارفين يقول لي أنّه من الضروري أن أكون وزير خارجية لأن الحصانة الدبلوماسية للموقع تمنع فرض عقوبات”.
وروى باسيل أنه كان “هناك لقاء طويل في 4 تشرين الثاني وأعطوني مهلة أخيرة 24 ساعة لأغيّر رأيي وأفكّر بما عرضوه عليّ لمصلحتي ومصلحة لبنان ونبّهوني من العواقب في حال مشوا بمسار العقوبات”.
وأضاف: “زاروني خلال لقاءات طويلة وقدّموا لي ما اعتبروه مغريات كافية من “النجوميّة” بلبنان وبأميركا والربح السياسي الشخصي لي وللتيار. وما مشي الحال!”.
وفي رواية باسيل أيضاً “مرّ 25 تشرين الأوّل، وأنا كنت أنتظر اصدار العقوبات يومها، ولكن قرّر الأميركيون بعدها أن يعطوا مهلة ثانية لـ 4 تشرين الثاني، أي ثاني يوم الانتخابات في أميركا وتخلّوا عن البنود 2 و 3 و 4 بل حصروا مطلبهم بإعلان قطع العلاقة مع حزب الله، ولكن على قاعدة ثانية هي العصا والجزرة… بعدها، جرت مداخلات معي لإقناعي بأنّ الهدف عند الأميركيين هو استقطابي لأكون شريكاً وصديقًا، والبرهان أنّ غيري لم يتمّ تحذيرهم، أمّا أنا فأرادوا منحي فرصة لأخلّص نفسي لأنهم يريدونني، وسمعنا على مستويات عدة كلاماً أننا لا نريد أن نخسر علاقتنا بباسيل”.
وأضاف باسيل: “قلت أيضا أننا اذا قبلنا بأن تمشي العلاقة معنا بهذا الشكل، نصبح مثل غيرنا، أي نقبل تنفيذ أوامر وتعليمات ونصبح عملاء بينما نحن نريد أن نكون أصدقاء”.
وعدّد المطالب الأميركية، وهي: فك العلاقة فوراً مع “حزب الله” وثلاث نقاط أخرى تحفظ عن ذكرها، و”لا يوجد كلمة عن الفساد، وردّة فعلي الطبيعية السريعة كانت أنّ الأمور لا تمشي معي بهذا الشكل وأنني أرفض هذا الموضوع وأنّه يخالف مبدأ أساسيًا من مبادئ التيار وهو رفضه أخذ تعليمات من أي دولة خارجيّة”.
وأشار الى أنه “مرّ الخميس الماضي ولم يحدث شيء من قبلي، فصدرت العقوبات نهار الجمعة، أي في عز إعلان نتائج الانتخابات الأميركية “كان بالهم فييّ”، وصدرت على أساس الفساد وحقوق الإنسان، وهم بالكاد ذكروا حزب الله، مع العلم أنهم لم يتحدثوا معي الا عن حزب الله”.
وقال أنه “في كلّ هذا المسار، أبلغت المعني الأوّل بالموضوع وهو التيار عبر الهيئة السياسية التي وافقت بالإجماع على الموقف. وبلّغت المعني الثاني أي حزب الله عبر السيد حسن مباشرةً الذي أبدى تفهمه لأي موقف يمكن أن نأخده وأبدى استعداده لأي مساعدة نطلبها منه، وطبعاً أنا لم أطلب شيئاً”.
وأشار الى أنه فهم أكثر ما يعنيه تطويع طرف سياسياً عبر دولة كبيرة تحت وطأة الترهيب والترغيب، و”تأكّدت من أهميّة الاستقلال السياسي؛ ورسالتي لكل رفاقي في التيار الوطني الحرّ أن يبقوا أحراراً، وأنا على علم بمحاولات أجهزة وسفارات وجهّات داخلية للتلاعب فيهم، ولكن هم أصلبّ”.
وقال: “أعرف ضعاف النفوس وخيانتهم من عيونهم، وأحدهم وقع، لا بل هو واقع أساساً، وهو في الخارج، وسأدّعي عليه أمام المجلس التحكيمي بالتيار “لخيانة مبادئ الحزب وقواعده وقيادييه، والعمل لهدم كيانه وصدقيّته وقوّته ومؤسساته بشكل مقصود وممنهج” وفق المادة 28 من عقوبات الدرجة الثانية وعقوبتها الطرد”.
وعن تشكيل الحكومة قال باسيل: “يجب الإسراع في تأليف الحكومة ونتشدد في وجه الذي يعتدي علينا وليس في وجه الداخل. نحن مع التسهيل ولم نضع شرطا واحدا ولم نتمسك بأي حقيبة. وكل شيء طالبنا فيه اعتماد معايير موحدة للتأليف. وتركنا الأمور لرئيسي الجمهورية والحكومة لوضع المبادئ والمعايير الواضحة للتأليف. ورغم ذلك اتهمنا زورا بالتعطيل صمتنا لليوم لإعطاء اكبر فرصة للإيجابية، ولكن تساهلنا وتسهيلنا لن يصل الى درجة منع إعطاء الرأي الذي صار إلغاء سياسيا ولا عودة للماضي ومفرداته”.
الأحد 8 تشرين الثاني 2020 موقع النهار