ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الأحد في بكركي، عاونه المطارنة أنطوان عوكر، حنا علوان وجورج شيحان، في حضور حشد من المؤمنين.
وألقى البطريرك عظة جاء فيها: “مرت سنة كاملة على انطلاق الثورة الشعبية، من أجل التغيير في ذهنية السياسيين، ودور المجتمع وأداء مؤسسات الدولة. لكننا نرى بألم وإدانة المنظومة السياسية تتجاهل عمدا وإهمالا وازدراء مطالب المتظاهرين وشعبنا: فلا تهزها ثورة، ولا تفجير مرفأ، ولا تدمير عاصمة، ولا انهيار اقتصاديا، ولا تدهور ماليا، ولا وباء، ولا جوع، ولا فقر، ولا بطالة، ولا موت أبرياء. فلا تؤلف حكومة، ولا تحترم مبادرات صديقة، ولا تجري إصلاحات، ولا تفاوض جديا مع المؤسسات المالية الدولية.
لقد فقد الشعب الثقة بالجماعة السياسية والدولة، والمسؤولون السياسيون من جهتهم فقدوا الحياء واحترام الشعب والعالم، والقيمون على الدولة عطلوا دورها ككيان دستوري في خدمة الشعب والمجتمع.
لا أحد بريء من دم لبنان النازف. المسؤولية جماعية والحساب جماعي. من منكم، أيها المسؤولون والسياسيون، يملك ترف الوقت لكي تؤخروا الاستشارات النيابية وتأليف الحكومة؟ من منكم يملك صلاحية اللعب بالدستور والميثاق ووثيقة الطائف والنظام وحياة الوطن والشعب؟
إرفعوا أياديكم عن الحكومة وأفرجوا عنها. فأنتم مسؤولون عن جرم رمي البلاد في حالة الشلل الكامل، إضافة إلى ما يفعل وباء كورونا.
في الذكرى السنوية لإنطلاقة الثورة، نحن نعتبر أنها نجحت في إحداث تحول في الشخصية اللبنانية، وفي إعادة النبض إلى الشعب، وفي تزخيم طاقاته النضالية من أجل بناء دولة حرة، وطنية، قوية وعصرية. نجحت الثورة في توحيد جيل لبناني متعدد الانتماءات الدينية والثقافية والحزبية، فاندمج وجدانيا حول أولويات الحياة. ونجحت الثورة أيضا في تعزيز المفهوم السلمي للتغيير.
منذ يومها الأول، رحبنا بهذه الثورة البهية، وأيدنا شبابها وشاباتها، ودعونا الدولة، بأجهزتها الأمنية والعسكرية، إلى احتضانها وحمايتها، وشجبنا التعرض للمتظاهرين الذين هم أبناؤنا ومستقبل لبنان. لكننا في المقابل نددنا بشدة بالمتسللين الذين اعتدوا على الأملاك الخاصة والعامة وعلى المؤسسات، وشوهوا وجه الثورة الحضاري. وإذ لا نزال نتطلع إلى الثورة بأمل، نريدها ثورة متجددة، ثورة أخلاقية مستقلة وغير تابعة لأحد في الداخل والخارج. نريدها ثورة موحدة وموحدة تحدد أهدافها اللبنانية بجرأة ووضوح. نريدها ثورة تحمل برنامجا اجتماعيا ووطنيا بناء، فلا يختلف الثوار على مطالبهم في الساحات وينزلقون في حلقات العنف. نريدها ثورة تطل بقيادة جديدة متفاهمة مع بعضها البعض، تمثل الشعب وتحاور الدولة والمجتمع الدولي. فلا ثورة من دون أهداف وبرنامج وقيادة. إنها لجريمة أن يخسر لبنان ثورته الرائعة. هذه فرصة لبنان لكي يغير من خلال الديمقراطية والتراث والقيم. فهلموا يا شباب لبنان وشاباته، إلى التغيير. أنتم مستقبل لبنان وعنكم قال صديقكم البابا يوحنا بولس الثاني انتم قوة لبنان التجددية، ونحن معكم.
الأحد 18 تشرين الأول 2020