أعلن وزير الخارجية ناصيف حتي، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الفرنسي جان ايف لودريان، ان “فرنسا متعلقة بلبنان وتراقب الجهود لتخطي الازمات التي تواجهنا والأهم اليوم تطبيق الإصلاحات للنظام”. وقال: “الأهمية اليوم هي المضي بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي لتحقيق الإصلاحات لخروج لبنان من مأزقه الكبير”.
اضاف حتي: “من الضروري بناء شبكة امان في لبنان، والمطلوب توفير مناخ ملائم لتنفيذ مشاريع سيدر، وعلينا ان نعمل في هذا المجال وبشكل سريع والوقت ضاغط ويعمل لغير مصلحتنا”، معتبرا ان “مؤتمر سيدر يعكس الاهتمام الفرنسي بلبنان”.
وأعلن ان “فرنسا تدعم دائما قوة السلام اليونيفيل، ونحن اكدنا عدم المس بمهامها ونشكر دعم فرنسا للمدارس الفرنكوفونية.
لودريان
من جهته، استهل لودريان كلامه بالتعليق على التغطية الاعلامية الحاشدة لمواكبة اجتماعه مع نظيره اللبناني، بالقول: “لم أر مثيلا لجبل الميكروفونات هذا الا في لبنان”.
وتوجه الى حتي بالقول: “أعرب عن سروري كوني اليوم معك عزيزي ناصيف، لقد جئت الى لبنان للمرة الثانية بصفتي وزيرا للخارجية الفرنسية بناء على طلب رئيس الجمهورية ايمانويل ماكرون لتأكيد استمرارنا بدعم لبنان ووقوفنا الى جانب الشعب اللبناني، فكما تعلمون هناك رابط خاص للغاية مع لبنان الذي يربطنا به تاريخ مشترك ونحتفل بمئوية اعلان لبنان الكبير، وبيننا ايضا روابط انسانية قوية جدا حيث انني بإسم هذه الروابط جئت احمل رسالة الحقيقة التي تقول ان المرحلة خطيرة ولبنان بحالة مقلقة جدا والتداعيات الاقتصادية والمالية كثيرة تنعكس بشكل كبير على اللبنانيين الذين يزدادون فقرا”.
أضاف: “نحرص على ألا تزعزع هذه الازمة نموذج لبنان القائم على التسامح والانفتاح الذي قام عليه، والذي يشكل جوهر هويته. وأشدد على تصميم فرنسا البقاء الى جانب اللبنانيين تحديدا في هذه الاوقات الصعبة”.
وتابع: “ان الحلول لتعافي البلد معروفة منذ وقت طويل، وفي مؤتمر سيدر طرحنا عقد ثقة لتمويل مشاريع تنموية مقابل اصلاحات هيكلية ضرورية، والكل يعرف الحاجة للتغيير ومطالب الاصلاح التي اكدت عليها في كانون الاول من العام الماضي، في اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان، تتلاءم مع تطلعات اللبنانيين. ان اللبنانيين عبروا بقوة في تشرين الثاني الماضي، عن تطلعاتهم المشروعة ونزلوا الى الشارع كي يؤكدوا توقهم الى التغيير واعتماد الشفافية ومكافحة الفساد والحكم الرشيد إلا ان مطالبهم لم تلق آذانا صاغية لسوء الحظ”.
وقال: “جئت اليوم لأقول لكل السلطات ومجمل القوى السياسية في لبنان، ان من الضروري السير بالاصلاحات وهذه ليست مطالب فرنسا فحسب بل هي في المقام الاول مطالب الشعب والاسرة الدولية. وأتناول هنا بشكل خاص إعادة اطلاق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وخاصة عن طريق التدقيق الفاعل في حسابات مصرف لبنان. ولا يتوهمن احد ان ثمة بدائل تسمح للبنان بالخروج من أزمته سوى التفاوض مع صندوق النقد الدولي. وأتناول هنا ايضا، ملف اصلاح الكهرباء الذي يعتبر ورشة داخلية، وأقول بوضوح ان ما تم القيام به حتى الآن ليس مشجعا. وأثير ايضا، موضوع مكافحة الفساد الذي بحثته مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والذي استفاض بالحديث عنه في لقائي معه اليوم. وارى ان مكافحة الفساد والتهريب واستقلالية القضاء وتعزيز الشفافية هي امور اساسية لمستقبل لبنان”.
واذ كرر جملته الشهيرة التي قالها امام مجلس الشيوخ الفرنسي: “ساعدونا لنساعدكم”، مؤكدا انها تشكل “شعار” زيارته الى بيروت، قال: “ان فرنسا مستعدة لحشد قواها بالكامل الى جانب لبنان، وان تحشد دعم شركائها، لكن لتحقيق ذلك يجب القيام بالاجراءات لإنعاش البلد وبخطوات جدية وذات مصداقية. وننتظر منذ فترة بعيدة جدا ان نرى خطوات عملية تنفذ”.
أضاف: “رسالتي هي اذن مزدوجة: اولا، حث الدولة على الالتزام الجدي بالاصلاحات، وثانيا دعم الشعب اللبناني والاستعداد لمساعدته لتمكينه من مواجهة التحديات”.
وتابع: “لقد ساعدت فرنسا القطاع الصحي في لبنان ماليا وكذلك عبر توفير تجهيزات طبية خصصتها له، وستقدم ما قيمته 50 مليون يورو كمساعدات انسانية مباشرة وخاصة في مجال الخدمات العامة الاساسية والبنى التحتية الصحية، لكن يتعين على السلطات اللبنانية في المقام الاول ان توجد شبكات الامان الاجتماعية غير الموجودة، وان توفر للبنانيين الخدمات الاجتماعية والبنى التحتية، اضافة الى شبكات الحماية الاجتماعية التي تحدث عنها الوزير حتي”.
وأردف: “جئت كذلك لأعبر عن دعم فرنسا للشباب اللبناني وللقطاع التربوي، فنتائج جائحة كورونا كانت مروعة لمليون تلميذ لبناني وللكثير من الشباب في العالم الذين حرموا من المدرسة لشهور طويلة. وهذه الازمة ايضا هي ازمة المدارس الفرنسية والناطقة باللغة الفرنسية لان فرنسا ولبنان يجمعهما تاريخ متميز وخصب في هذا المجال، 61 الف تلميذ يدرسون في 52 مدرسة فرنسية على مجمل الاراضي اللبنانية، اضافة الى 330 مدرسة مسيحية ناطقة باللغة الفرنسية تستقبل 190 الف تلميذ من كل الانتماءات المذهبية والطائفية، وامام هذه الازمة وبطلب من رئيس الجمهورية جندت فرنسا قواها بالكامل”.
وقال: “إن خطة الطوارىء من اجل التعليم الفرنسي في الخارج تنص على جزء خاص لأسر التلامذة في ال 52 مدرسة في الشبكة المدرسية الفرنسية في لبنان. وقررنا كذلك الاسراع في انشاء مؤسسة من اجل المدارس المسيحية في الشرق وستكون لدعم المدارس الفرانكوفونية في لبنان او في المنطقة، والكل يعلم ان تقاليد هذه المدارس هي استقبال الاطفال ايا كان انتماؤهم او مذهبهم. أود ان أعيد التأكيد على أهمية الفرانكوفونية التي تجمعنا بلبنان نموذج من الدعم بالتربية والتعددية اللغوية واحترام هذه التعددية”.
أضاف: “سوف نبقي على دعمنا للجيش اللبناني، العمود الفقري، لهذه الدولة ولقوى الامن اللبنانية التي تلعب دورا حاسما من اجل ضمان استقرار وأمن البلاد. ومن الاساسي ان تقوم الدولة اللبنانية بالتأكيد على سلطتها وسيطرتها على مجمل اراضيها، ولا بد كذلك من ان يحترم كل المسؤولين اللبنانيين ويحافظوا على مبدأ النأي بالبلد من الازمات التي تمر بها المنطقة”.
وتابع: “لا يسعني ان أتحدث عن الأوضاع الاقليمية الصعبة التي يعيشها لبنان دون ان أتطرق الى الحرب في سوريا، فلبنان يستقبل على اراضيه وبسخاء كبير جدا، عددا من اللاجئين، ونحن ندرك ذلك. ومرة اخرى أود ان أحيي جهود اللبنانيين الذين سمحوا باستقبال هذه الاعداد من اللاجئين، واؤكد لهم ان جهودنا لن تضعف لكي نسمح بعودة آمنة وكريمة للاجئين الى سوريا”.
وأردف: “هذا ما أتيت لأقوله لكم اليوم، ثقوا بأن فرنسا سوف تقف دوما الى جانبكم والى جانب لبنان واللبنانيين وستبذل كل ما هو ضروري لمساعدتكم في هذه الاوقات الصعبة، ولكن لكي ينجح هذا المسعى يتعين على السلطات اللبنانية ان تؤدي حصتها من العمل من اجل تحقيق ذلك”.
وختم: “ربما تعرفون العبارة الفرنسية ساعد نفسك يساعدك الله، ما اريد قوله اليوم، للمسؤولين اللبنانيين، ساعدوا أنفسكم لكي تساعدكم فرنسا وشركاؤها”.
بعد ذلك أولم حتي على شرف الضيف الفرنسي والوفد المرافق.
الخميس 23 تموز 2020 الوكالة الوطنية للإعلام