زعيم ايطالي امام القضاء وحملة سياسية داعمة له

روما – طلال خريس – وطنية – يمثل زعيم حزب الرابطة الايطالي، ذي التوجهات القومية واليمينية المتطرفة ماتيو سالفيني للمحاكمة، بعد أن رفع مجلس الشيوخ الإيطالي الحصانة عنه في شباط الماضي، بتهمة “إساءة معاملة المهاجرين” الذين وصلوا على متن قوارب قبالة السواحل الإيطالية عندما كان وزيرا للداخلية. واتهمت محكمة في كاتانيا (صقلية) الزعيم الإيطالي “استغلال السلطة واعتقال أفراد” بعد أن منع الصيف الماضي، ولأكثر من أسبوع 114 مهاجرا كانوا على متن سفينة، من الدخول الى إيطاليا. وبرر ذلك بأنه كان “لا بد من التأكد من هوياتهم قبل ادخالهم إلى البلاد”.

وقال سالفيني: “يحق لولدي أن يعرفا أن سبب غياب والدهما عن المنزل، لم يكن لاعتقال أشخاص، بل للدفاع عن حدود البلاد وأمنها. يجب هزيمة الخصوم في صناديق الاقتراع وليس في المحاكم. لن أذهب إلى قاعة المحكمة للدفاع عن نفسي بل لأفتخر بما قمت به، فأنا دافعت عن حدود البلاد”.

إحالة سالفيني للقضاء أحدثت استياء واسعا لدى مناصري اليمين الايطالي ما ساهم في إعادة تحويل القضية الى اللجنة الخاصة للحصانة البرلمانية في مجلس الشيوخ الإيطالي، التي صوتت ضد إسقاط الحصانة عنه، فتجنب بذلك مواجهة حكم بالسجن قد يصل إلى 15 عاما.

يشار الى انها ليست المرة الأولى التي تتهم فيها شخصية إيطالية من قبل القضاء الإيطالي لأسباب سياسية. هناك شخصيات عدة اضطرت الى الهروب من إيطاليا مثل الزعيم الراحل الاشتراكي بتينو كراكسي الذي لاحقته حملة “الايادي النظيفة” و رئيس الحكومة السابق سيلفيو برلوسكوني الذي وجهت إليه تهم عديدة ومنع من العودة الى الحكم.

وينص الدستور على أن العدالة تدار باسم الشعب وأن القضاة يخضعون للقانون فقط. والسلطة القضائية مستقلة تماما عن السلطات الأخرى، على الرغم من أن وزير العدل هو المسؤول عن تنظيم وإدارة تلك الخدمات المعنية بالعدالة. ومجلس القضاء الأعلى سلطة مستقلة تقوم بالتجديد لنفسها ولا يمكن حله، إلا بعد تعديل الدستور الإيطالي ويتطلب ثلثي الأعضاء.

في القضاء تيارات سياسية قوية أقواها التيار اليساري لا سيما عدد لا بأس به من القضاة الشيوعيين. تزايد النفوذ السياسي داخل القضاة ولا سيما المجلس الأعلى ما دفع برئيس الجمهورية الايطالية سرجو ماتاريلا لتوجيه انتقادات شديدة الأسبوع الماضي للجسم القضائي والتحدث عن ضرورة إصلاح مجلس القضاء الأعلى، متحدثا عن “تجاذبات سياسية كثيرة داخل القضاء”.

وعلقت الكاتبة الإيطالية اليمينية ليتسيا ليوناردي على كلامه في حديث مع “الوكالة الوطنية للإعلام”، قائلة: “لطالما كان الرئيس ماتاريلا متوازنا جدا بالنسبة لمواقفه وكانت ردود فعله تتسم دائما بالحكمة، إلا أن هذه المرة وأمام فضائح كبيرة نفذ صبره ووجه انتقادات لاذعة للمجلس الأعلى للقضاء والقضاة الذين اساءوا لشرف المهنة خاصة في صفوف اليسار الإيطالي. وما زاد الطين بلة الفضيحة الأخيرة، محاولة إلصاق تهم بحق أهم زعيم سياسي. فقد ظهرت أخيرا مؤامرة حقيقية من قبل قضاة مسيسين تجاه وزير الداخلية السابق ماتيو سالفيني زعيم المعارضة الإيطالية. وبين تسجيل للمخابرات الإيطالية كلاما بين قاضيين كان يقول أحدهما للآخر “إننا نعرف جميعا بأن سالفيني تصرف جيدا تجاه باخرة المهاجرين، ولكن مع هذا، علينا توجيه التهم إليه. هذه الشريحة من القضاة المنحازين ساهمت بملاحقة عدد كبير من السياسيين في الجمهورية الأولى، ظلما، وكانت تعمل على إسقاط من لا يتفق مع التوجهات اليسارية”.

الجمعة 5 حزيران 2020 الوكالة الوطنية للإعلام

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *