اتخذ مجلس الوزراء قرارا بالإقفال العام في لبنان لمدة أربعة أيام يبدأ مساء غد الاربعاء وينتهي صباح يوم الاثنين المقبل، وذلك ضمن سلسلة الإجراءات لمكافحة وباء “كورونا” الذي ارتفعت نسبة الإصابات به بين المواطنين خلال الايام الفائتة بنسبة كبيرة.
كما قرر المجلس في جلسته التي عقدت قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحضور رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب والوزراء، قبول هبة نقدية من إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية بقيمة توازي مليون دولار أميركي قابل للتحويل الى الخارج، على ان يصار الى استعمال جزء من هذه الهبة لمساعدة ونقل الطلاب اللبنانيين المتعثرين ماديا والموجودين في الخارج، لا سيما في المناطق المعزولة والذين يعانون جراء وباء كورونا.
وبعد انتهاء الجلسة، تلت وزيرة الاعلام البيان التالي: “عقد مجلس الوزراء جلسة برئاسة فخامة رئيس الجمهورية وحضور دولة رئيس مجلس الوزراء والوزراء. في مستهل الجلسة، تحدث فخامة الرئيس، فوجه التحية الى الممرضين والممرضات في يومهم العالمي الذي يصادف اليوم 12 ايار، وقال: “تحية الى ملائكة الرحمة الذين نذكرهم كل يوم، ونحيي جهودهم ووفاءهم لرسالتهم الانسانية. لقد عشنا معهم، ولا نزال، كفاحهم من اجل الاهتمام بمرضى “كورونا” على رغم المخاطر التي تتهددهم في اثناء عملهم، وقد أصيب عدد منهم ولم يترددوا في المضي بعملهم. إننا اذ نهنئهم في يومهم العالمي، نتمنى لهم المزيد من العطاء، ونعدهم بالوقوف الى جانبهم لإنصافهم وتحقيق مطالبهم وحقوقهم. لجميع الممرضين والممرضات نقول نحن معكم”.
ثم تحدث فخامته عن ضرورة إعادة النظر بالترتيبات والإجراءات المتخذة لمواكبة وباء “كورونا”، لا سيما وان عدد الإصابات تطور بشكل مؤسف خلال الأيام القليلة الماضية. وطالب فخامته بتشديد الرقابة على أماكن الحجر الصحي، وبتعاون جميع المعنيين لتأمين نجاح إجراءات الوقاية المتخذة في المناطق اللبنانية كافة، متمنيا على المواطنين الذين يتابعون الحجر المنزلي بالتزام كل ما هو مطلوب منهم في هذا الاطار، تفاديا لاتخاذ إجراءات قانونية بحقهم ان هم خالفوا قواعد الوقاية.
ثم تحدث دولة رئيس مجلس الوزراء، فقال: حققت هذه الحكومة إنجازا مهما في مواجهة تحدي وباء كورونا، طيلة شهرين ونصف تقريبا، ونجحنا في حماية لبنان بأعلى نسبة من خلال إجراءات وتدابير اتخذناها منذ البداية، على الرغم من تفاوت نسبة الالتزام بها بين منطقة وأخرى. للأسف، وبسبب التراخي في بعض المناطق، والإهمال وعدم المسؤولية عند بعض المواطنين، فإن هذا الإنجاز مهدد اليوم بالانهيار. ويبدو أن مؤشر انتشار فيروس كورونا (Reproduction factor or “R” rate)، أي المعدل الذي يقيس نسبة انتشار الفيروس من شخص إلى آخر، قد تسارع في مجتمعنا في الأيام الثلاثة الماضية. هناك 109 حالات جديدة خلال 4 أيام، وهذا رقم يعيدنا إلى الخلف كثيرا. وعلينا ان نعيد رقم هذا المؤشر الى ما كان عليه سابقا اي الى اقل من 1.
وأضاف دولة الرئيس: على الرغم من أنه يلزمنا مدة أطول من ثلاثة أيام لمعرفة المنحى الحقيقي للوباء، ولكننا سنأخذ الإجراءات الفورية التي تحفظ أمننا الصحي بدون مخاطرة. وبناء عليه، سنعود إلى الإغلاق الكامل في الداخل لمدة 4 أيام، اعتبارا من مساء الأربعاء 13 أيار، وحتى صباح الإثنين 18 أيار، حتى تتمكن فرق وزارة الصحة من إجراء الاختبارات وتتبع وعزل جميع الحالات بسرعة (test, trace and identify all cases) التي ظهرت خلال الأيام القليلة الماضية، باستثناء المؤسسات الاستشفائية والصحية والقطاعات الغذائية والزراعية والصناعية. ويجب أن يكون الإغلاق تاما وشاملا في جميع المناطق، ولا يجوز التراخي مطلقا. على الأجهزة الأمنية أن تتشدد في تطبيق خطة الإغلاق، وعلى المواطنين الالتزام بالتدابير لحماية أنفسهم وعائلاتهم ومجتمعنا من الانهيار الذي نشاهده في معظم دول العالم. أيضا سنعيد النظر بخطة إعادة فتح القطاعات، ونحن اليوم في المرحلة الثالثة.
قضية أخرى يجب أن تكون في سلم أولوياتنا في هذه المرحلة، هي قضية الارتفاع الجنوني في أسعار المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية. هناك جشع لدى بعض التجار، ولا يجوز أن يبقى هؤلاء من دون محاسبة. بعض التجار يستغلون الوضع الحالي ليحققوا أرباحا باهظة على حساب لقمة عيش اللبنانيين. هذا أمر يدل على أن هؤلاء التجار ليس لديهم ضمير إنساني أو أخلاقي أو وطني. ولذلك يجب أن تكون هناك إجراءات صارمة بحقهم.
أيضا بالنسبة لسعر صرف الدولار أمام الليرة اللبنانية، فيجب أن يكون هذا الموضوع من أولى الأولويات، لأنه ينعكس على حياة اللبنانيين في مختلف النواحي. لقد طلبت سابقا من وزير الداخلية ومن القوى الأمنية التشدد في ضبط مخالفات الصيارفة، وهذا ما حصل فعلا، والآن ملف مخالفات الصيارفة في عهدة القضاء وهو يتابعه، ويجب أن يكون واضحا لكل من يريد التلاعب بالعملة الوطنية أنه سيحاسب. كما طلبت من حاكم مصرف لبنان، قبل فترة، ضخ دولارات في الأسواق للجم ارتفاع سعر صرف الدولار عبر تحقيق حد أدنى من التوازن وهذا الأمر ضروري وهو من مسؤولية حاكم المصرف المركزي.
بالنسبة لملفات الفساد، ومن بينها ملف الفيول المغشوش، الحكومة تبنت منذ البداية، في بيانها الوزاري، مبدأ استقلالية القضاء. وأنا أشدد على عدم التدخل في عمل القضاء الذي يتحمل مسؤولية كبيرة اليوم في فتح ملفات الفساد، وإجراء التحقيقات التي تحدد المسؤوليات، من دون أحكام مسبقة، تعزيزا للشفافية والمصداقية.
بالانتقال إلى خطة الحكومة للإصلاح المالي، وبعدما صوت عليها مجلس الوزراء بالاجماع يفترض تذكير وحدات الدولة، ومن بينها مصرف لبنان، بأنها جزء من الحكومة، وعليها أن تعمل على إنجاح الخطة لتخفيف الأعباء عن المواطنين.
كما من المفيد تذكير الكتل النيابية الداعمة للحكومة بضرورة الدفاع في هذه المسألة الأساسية، ذلك أن الموقف الموحد أساسي جدا للتوصل إلى برنامج مقبول مع صندوق النقد الدولي، وعدم تسبب الانقسامات في صفوفنا بزيادة الأعباء والشروط على كاهل اللبنانيين.
نحن لم نسمع حتى الآن ببدائل جدية عن الخطة الحكومية، ولا يمكن ترك اللبنانيين دون خيارات في حال تسببت الانقسامات في فشل المسار الحالي. رضي العالم بخطتنا، ويجب البناء على هذه المصداقية. ولا يجوز أن يصوت البعض على الخطة ثم يتكلم ضدها، حاجزا لنفسه مكانا مع الخطة أن نجحت، ومع أعدائها إن فشلت لا سمح الله.
خطة الإصلاح المالي ليست ملكا للدولة ولا للحكومة، وإنما هي مسار للدولة، يحفظ البلد، ويحمي اللبنانيين، وبالتالي فإن التصويب على الخطة لا يستهدف الحكومة، وإنما يستهدف منع حصول لبنان على مساعدات خارجية تساهم في تخفيف حدة الأزمة المالية على اللبنانيين، وكل تصويب على الخطة لإسقاطها يؤدي إلى الإضرار بمصلحة لبنان واللبنانيين”.
بعدها، درس مجلس الوزراء جدول الاعمال، واتخذ القرارات المناسبة بشأنها.
في ما خص مسألة مكافحة وباء كورونا، عطفا على مرسوم اعلان التعبئة العامة رقم 6198/2020 وملحقاته، قرر المجلس:
– الاغلاق الكامل لمدة أربعة أيام اعتبارا من الساعة 19 من مساء يوم الأربعاء 13/5/2020 ولغاية الساعة الخامسة من فجر يوم الاثنين 18/5/2020، باستثناء المؤسسات الاستشفائية والصحية وقطاعات الغذاء والزراعة والصناعة، إضافة الى التأكيد على وجوب التزام المواطنين البقاء في منازلهم وعدم الخروج منها الا للضرورة القصوى، كما ومنع التجمعات في الأماكن العامة والخاصة، على ان يعود الى وزارة الداخلية والبلديات اصدار القرارات اللازمة لوضع هذا القرار موضع التنفيذ.
من جهة أخرى، قرر المجلس الموافقة على قبول هبة نقدية مقدمة من إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية بقيمة توازي مليون دولار أميركي قابلة للتحويل الى الخارج، وفقا للمادة 52 من قانون المحاسبة العمومية، ولأحكام القانون 161/2020، لا سيما الفقرتين 3 و4 من المادة الاولى منه، على ان يصار الى استعمال جزء من هذه الهبة لمساعدة ونقل الطلاب اللبنانيين المتعثرين ماديا والموجودين في الخارج، لا سيما في المناطق المعزولة والذين يعانون جراء وباء كورونا.
وقرر المجلس الموافقة على مشروع وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية المتعلق بالاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بعد ادخال بعض التعديلات عليه. واستمع المجلس الى عرض قدمته وزيرة الاعلام حول خطة الوزارة الاستراتيجية للمرحلة المقبلة، واخذ علما بها على ان يستكمل البحث فيها خلال الاسبوعين المقبلين.
الثلاثاء 12 أيار 2020 الوكالة الوطنية للإعلام