أعلنت جمعية مصارف لبنان عدم موافقتها على خطة الحكومة للإنعاش المالي، ووصفتها بأنها انفراديّة، معتبرة أن “عملية إعادة الهيكلة المحلية، كما وردت في الخطة، من شأنها الإمعان في تقويض الثقة بلبنان محلياً ودولياً”.
جاء ذلك في بيان للجمعية، في ما يأتي نصه: “قدّم دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب أمس، خطة الحكومة للإنعاش المالي في لبنان، والتي طال انتظارها.
وبما أن على المصارف، أعضاء جمعية مصارف لبنان، واجبات ائتمانية تجاه ما يقارب 3 ملايين مودع، فإن الجمعية لا يمكن أن توافق بأي حال من الأحوال على هذه الخطة الانفرادية التي تستوجب التعليقات التالية:
- لم تتم استشارة الجمعية أو إشراكها في الخطة المقدمة يوم أمس. مع ذلك، فإن الجمعية هي جزء أساسي من أي حل، إذ يتطلب الاقتصاد وجود قطاع مصرفي قوي قادر على تأدية دوره كوسيلة للإدماج الاجتماعي والنمو من خلال منح الائتمان للأفراد والشركات.
- إن عملية إعادة الهيكلة المحلية، كما وردت في الخطة، من شأنها الإمعان في تقويض الثقة بلبنان محلياً ودولياً. في الوقت نفسه، ذكرت الخطة المقومات الأساسية لاستعادة وتعزيز ثقة المستثمرين، مثل إعداد استراتيجية فعالة لمكافحة الفساد، ولكن لم يتم تفصيلها، ما يثير تساؤلات حول توقيت التنفيذ. في الواقع، من المحتمل أن تعيق الخطة الاستثمار في الاقتصاد، وبالتالي احتمالات الانتعاش.
- إن الخطة غير ممولة: فهي تفترض الدعم المالي الدولي، ولا سيما من صندوق النقد الدولي و/أو مؤتمر سيدر CEDRE. وبحسب علمنا، فإن المناقشات الرسمية مع الصندوق حول هذه المسألة على وشك أن تبدأ، في حين أن مدفوعات “سيدر” هي رهن تنفيذ الإصلاحات اللازمة.
- تبقى الإجراءات المتعلقة بالإيرادات والنفقات- والضرورية لنيل دعم صندوق النقد الدولي- غامضة وغير مدعمة بجدول زمني دقيق للتنفيذ.
- ان بعض فرضيات الخطة -بما في ذلك فرضيات النمو وضبط أوضاع المالية العامة- قد تكون عرضة للانتقاد ومثار جدل بالنظر إلى: (1) التأثير المحدود الذي قد يعزى لإعادة هيكلة الدين المحلي كما ورد في الخطة، و(2) الأثر غير المعروف حتى الآن للأزمة العالمية. ومن شأن تقييم تلك الآثار أن يؤدي إلى توقعات في المالية العامة والى أرقام ونسب مختلفة جداً.
- لا تعالج الخطة الضغوط التضخمية، وهي قد تؤدي عملياً بدورها إلى تضخم مرتفع جداً.
- إن عنصر الإدماج الاجتماعي للخطة، والذي هو أساسي بالنظر إلى الوضع الاجتماعي والاقتصادي الهش في لبنان، يقتضي المزيد من الشرح والتفصيل، لا سيما بشأن الأولويات الثلاث التالية: الاحتفاظ بالوظائف، وتخفيف حدة الفقر، والحد من عدم المساواة.
- إن عرض جذور الأزمة يظهر انحيازاً على حساب المصارف. وإذ نتفهم الأسباب السياسية لمثل هذا المنحى، نرى أنه لا بد من تصويب الأمر لجهة أن القطاع المصرفي قدم التمويل اللازم للقطاع العام الذي قرر تخصيصه وإنفاقه من دون أن يكون للمصارف أي دور بهذا الخصوص على الإطلاق. ويصور هذا العرض مقترضاً يتهم المقرض بأنه مسؤول عن فشله. علاوة على ذلك، فإن وجود نهج عقابي بحق القطاع المصرفي يعني في الواقع نهجاً عقابياً بحق المودعين.
إن الوضع الراهن في لبنان يستدعي بشكل عاجل إقامة حوار بناء والإعراب عن الوحدة والتضامن:
- سوف نقوم بدورنا كجمعية في دعم البلاد خلال هذه المرحلة الصعبة، مع الالتزام بواجباتنا الائتمانية كما فعلنا في الماضي.
- من الملحّ الآن اتخاذ إجراءات ملموسة والتوصل إلى توافق في الآراء بين جميع المعنيين، علماً أن كل يوم يمر دون إصلاح يزيد من تفاقم الوضع.
- تبقى الجمعية مستعدة للعمل مع الحكومة من أجل التوصل إلى حل توافقي لصالح اللبنانيين كافة.
- ثمة بدائل ذات مصداقية لهذه الخطة. وتعتزم الجمعية أن تقدم قريباً إلى الحكومة والشعب اللبناني خطة كفيلة بالمساهمة في التخفيف من الركود وبتمهيد الطريق لنمو مستدام.
ختاماً، ترى الجمعية أن الكثير مما ورد في الخطة الحكومية يمس بالملكية الفردية التي ينص الدستور اللبناني صراحة على حمايتها والتي هي من الركائز الأساسية للمجتمع اللبناني، كما تعتبر الجمعية أن التوجه إلى محاكمة اللبنانيين على أفعال غير موجودة في القوانين ثم إعطاء هذه الأحكام مفعولاً رجعياً خلافاً لكل القوانين والأعراف، ثم إدراجها في مسارات غريبة عن الممارسات المتعارف عليها والتي تعطي الناس حق المراجعة لدى الإدارات المختصة ولدى مجلس شورى الدولة، هي كلها توجهات تصب للأسف في تشريع دولة اللاقانون. وعليه، نأمل من ممثلي الأمة ردها بل ومحاسبة من تجرأ على صياغتها لتعدّيه على الأسس القانونية والدستورية التي قامت عليها الدولة اللبنانية”.
الجمعة 1 أيار 2020 موقع النهار