إنتقد ناشر ورئيس تحرير موقع “جنوبية” الزميل علي الأمين، محاولة السلطة “الإلتفاف على مطلب اللبنانيين الأول في انتفاضة ١٧ تشرين بتشكيل حكومة مستقلين”. و لفت الى أنّ السلطة في المقابل، عمدت إلى تشكيل حكومة وصفها ب “الفاشلة”، كونها شُكِّلت “على أساس المحاصصة المشكو منها نفسها”.
موقف الأمين جاء خلال حواري معه، بدعوة من هيئة الرعاية في مدينة صيدا، بحضور جمهور متنوع من الناشطين والمهتمين، خُصص لمناقشة الوضع اللبناني بعد تشكيل الحكومة الجديدة وآفاق الانتفاضة. بداية رحب رئيس مجلس أمناء هيئة الرعاية هاني أبو زينب بالحضور وبالزميل الأمين، وتحدث عن أهمية عقد مثل هذه اللقاءات التي تسعى للاستماع إلى وجهات النظر المتنوعة والتي تعمل من أجل مستقبل البلد.
الإنتفاضة تفتح باب الحوار
ثم تحدث الأمين، منوهاً بأهمية “التنوع الذي تحظى به مدينة صيدا، و بعقد هكذا نوع من الندوات التي تطرح قضايا الناس”. ورأى أن “الانتفاضة فتحت الباب واسعا لعقد لقاءات تعكس آراء متنوعة، وخصوصا أنها فاجأت الجميع لأن أكثر المتفائلين لم يتوقع تدفق اللبنانيين إلى الساحات و الشوارع في مختلف المناطق”.
و رأى ان “عنوان الأزمة هو السلطة وسياساتها التي أتت بعد اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب، فلا المجتمع خرج من تشظيه وتفككه ومسلكيات الريبة والخوف المتبادل بين مكوناته، ولا تداول السلطة وممارساتها تحررا من ذهنية الغلبة”. وأضاف “: ولعل اخطر ما حصل في اتفاق الطائف وما بعده، انه عمّّق الهوة بين السلطة والمجتمع، وغيّب المجال العام، وحصر الشأن السياسي العام، بنخبة قليلة من رموز السلطة، الذي حولته الى حق شخصي وملك يورّث، والى انقطاع شبه تام لقنوات التواصل والاتصالبين السلطة وافراد المجتمع خارج علاقات الزبائنية. لذا رسخ في الثقافة السياسية السلطوية منطق حاكم في الحياة السياسية وثقافتها: “الخروج من القطيع ردة، والتحرر من سطوة الزعيم خيانة”.
حكومة فاشلة حتماً
وأكد الزميل الأمين أن “مطلب المواطنين اللبنانيين الأول في انتفاضة 17 تشرين كان تشكيل حكومة مستقلين تمهد إلى انتخابات مبكرة، لكن السلطة التفت على هذا المطلب وشكلت حكومة على أساس المحاصصة المشكو منها نفسها، حكومة فاشلة حتماً، بسبب هذه المحاصصة ومنطقها، التي اوصلت الدولة إلى مازق مُحكم لا مخرج منه في ظل هذه السلطة، والانهيار المالي يهدد ما تبقى من الدولة. ولا خيار أمام المسؤولين والحكومة سوى التسكع والاستعطاء على أبواب الدول”.
وحول ما يقال حول قوة المقاومة وقدرتها أشار الأمين إلى أن “القوة تكون بوحدة المجتمع وسيادة الدولة وتماسك مؤسساتها. لكن سياسة السلطة وقوة السلطة المستقوية بالمقاومة، أنهت الاقتصاد وحولت دستور الدولة وقوانينها إلى مهزلة وتحول وزراء محور المقاومة والممانعة في هذه الحكومة إلى طالبي مساعدات من الغرب “المتآمر” والدول العربية “العميلة”. و حول موقف المجتمع الدولي، قال”: كلهم يربطون المساعدات بشرط الالتزام برزمة الإصلاحات التي تقررت في مؤتمر سيدر، بالإضافة إلى ممارسة سياسة الناي بالنفس والتي تعني خروج لبنان من المحور الإيراني”.
السلطة لا تلتزم بالإصلاحات
وناقش الأمين هذه الشروط فرأى أن “السلطة لا تريد الالتزام بالإصلاحات واذا أرادت فلا تستطيع وحوّلت الوطن إلى مجموعة محميات والمشكلة أن المطالب الدولية تستند الى مطالب شعبية جدية والسلطة عاجزة. أما حول الناي بالنفس فإن سياسة السلطة لم تراع الوضع المحلي والدولي” .
وانتقل الأمين إلى الحديث عن الانتفاضة والتحديات، فرأى ان “الثورة اكثر من تغيير اشخاص، وابعد من تغيير نظام، هي تفكيك لقواعد اللعبة التي لايزال الجميع يتحرك داخل دوائرها، الثورة هي المجيء بمنظومة قيم بديلة عن القيم والخلقيات المتداولة، التي لاتزال تؤطر سلوك الجميع بما فيهم ثوار الحراك”.
السلطة إستدراج المزيد من العنف
وحول بعض المظاهر العنفية أشار الأمين إلى أنها “أقل مما يتوقعه الإنسان بسبب إدارة السلطة ظهرها لمطالب الناس وخصوصا حول حياتها اليومية واذلالهم في المصارف وفي مؤسسات أخرى”. وتوقع أن تعمد السلطة إلى أن “تستدرج المزيد من العنف. ولكن لا مكان للحرب الأهلية. والخوف هو من الفوضى الاجتماعية التي قد يستفيد منها من في السلطة”.
واعتبر ان العنف “ليس انسدادا لأفاق الحراك او الانتفاضة، وليس تجلياً لنوايا خبيثة، بل شكل جديد وشفاف للمواجهة، فرضته ترتيبات ما بعد الحرب الأهلية، التي رسخت شكلا سلطانيا للسلطة، ومنطق علاقة زبائنية بينها وبين المجتمع”.
ولفت إلى أنه”بعد مئة يوم من بداية الحراك، يكتشف اللبنانيون انهم محكومون لسلطة قوّضت ما تبقى من مؤسسات الدولة، ونهبت مقدراتها وعطلتها، ولا تبالي بالفشل، او تتهيب من عواقب فسادها”.
وختم قائلاً: الدولة تتشظى، أننا نشهد انهيارها وما من افق لحلول من خارج الخلاص من هذه السلطة للسير نحو دولة لجميع مواطنيها”.
و أعقبت مواقف الأمين حلقة نقاش حول الحكومة، طغى على محاورها عدم المراهنه على تحقيقها لانجازات فعلية في طريق الاصلاح، واستعرض آخرون تجارب ناجحة على مستوى الانتفاضة وطنيا وقدرتها على التقاط النبض اللبناني المشترك، فيما تقدم مشاركون باقتراحات تنطوي على السير عمليا في التأسيس الميداني للسلطة البديلة، من خلال تكوين فرق متطوعين تقوم بمهام مراقبة الاسعار وتفعيل التطوع في العمل البلدي، وغيرها من الخطوات التي تعبر عن مراقبة مجتمعية مباشرة لمؤسسات الدولة على اختلاف وظائفها.
المصدر: موقع جنوبية
السبت 25 كانون الثاني 2020